23‏/11‏/2023

حين نقترب أكثر مما ينبغي…


لم أعد أُحب الاقتراب…
كلما خطوت نحوهم، خَسِرت الصورة التي أحببتها في خيالي.
كأن الحقيقة دائمًا أقل جمالًا من حُلمها…
كأن البُعد وحده مَن يُجمّلهم.

تعلمت متأخرة…
أن البدايات هي الذروة التي لا تتكرر.
الارتباك الجميل، النظرة التي تحمل كل الفضول، الضحكة التي لا تعرف طريقها بعد، واللمسة التي ما زالت تخشى الاقتحام.

البدايات فقط هي ما نُحب، وما نُريد أن نُطيل عمره.
أما ما بعد ذلك؟
تُصبح الوجوه عادية، وتبرد الحكايات، وتتعرى الأسرار حتى تصبح عبئًا،
ونكتشف أننا لم نكن نُريد المعرفة الكاملة…
كنا نُريد تلك المسافة… تلك المسافة التي كانت تحمي دهشتنا منهم.

حين نقترب أكثر مما ينبغي…
نُدرك أن الأشياء لا تليق بها الأضواء القوية…
بعض الحكايات أجمل حين تُروى من بعيد.
وبعض الأشخاص… لا يصلحون للملامسة.

لهذا…
أنا الآن أُحب البُعد.
أُحب أن أُبقي الأشياء مُعلقة في مساحة لا تقوى على الفقد، ولا تجرؤ على الاكتمال.

أنا الآن…
أحترف أن أكون بعيدة بما يكفي لأشتاق، وقريبة بما يكفي لأهرب.

#مها_العباسي

15‏/11‏/2023

الحب الحقيقي


الحب الحقيقي ليس أن يشاركك أحدهم لحظات الفرح فحسب،
بل أن يكون هو الذي يُهدّئ العاصفة التي تشتعل بداخلك.

الحب الحقيقي أن تجد من يلجأ إليه قلبك حين يشتد عليك الضيق،
مجرد صوته يبعث فيك سكينة، ووجوده يُطفئ ثورتك دون أن يبذل جهدًا.

من يحبك بحق… لا يهرب من حزنك، ولا يخاف من غضبك،
بل يبقى ثابتًا أمام طوفانك، يقف كالجدار الذي تتكئ عليه حين تتهاوى.

الحب ليس أن نُحسن التعامل مع بعضنا في أيام الراحة فقط،
الحب هو أن نكون ملجأً لبعضنا وقت الانكسار.
هو أن تجد في الطرف الآخر أمانًا صادقًا، وقدرة على احتواءك مهما كنت ثقيلًا ومُرهقًا.

الحب الحقيقي… أن تهدأ داخلك حين يكون هو حاضرًا،
أن تصمت العواصف فيك حين يتحدث،
أن تشعر أنك في وطنك كلما اقترب منك.

الحب… ليس كلمة تُقال، بل حضن يُؤوي، وروح تُطمئن، وقلب يتّسع لكل ما فيك.
#مها_العباسي

26‏/10‏/2023

نصف الأشياء


إلى من أتعبني حضوره كما أرهقني غيابه...

أرهقني البقاء معك، وأرهقني أكثر أن أرحل عنك.
أُنهكتُ من علاقة لا تُشبه النور ولا تنتمي إلى الظل، علاقة لا تمنحني وضوحًا ولا تتركني أرتاح في العتمة.

هل تُدرك حجم العذاب الذي يعيشه الإنسان حين يظل مُعلّقًا بين بداية لا تبدأ، ونهاية لا تنتهي؟

أُرهِقني هذا اللون الرمادي الذي يحيط بنا.
كل هذا التردد، كل تلك الخطوات الناقصة، كل تلك الوعود التي لم تُخلق أصلًا... خنقتني.

لا أعلم كيف أُخبرك أنني كرهت الحب بسببك.
كرهت أن أبحث عن نفسي في كلماتك المبهمة، في صمتك الذي طال حتى صدّقته.

ما بيننا كان يُميت روحي ببطء… في صمت… بلا ضجيج… بلا دموع.
كنت بارعًا في أن تتركني أنتظر… وأنتظر… حتى ذبلت.

كنت نصف الأشياء دائمًا… ونصف الأشياء يا عزيزي مؤذية.
النصف لا يُشبع، لا يُرضي، لا يكتمل… والنصف يُرهق حتى الانكسار.

اليوم، بعد كل هذا التيه، أدرك أنني أستحق كل الأشياء… أو لا شيء.
لم أُخلق لأعيش على أطرافك… ولا على هامش حضورك.
أنا امرأة خلقت لتعيش كاملة… لتُحب كاملة… لا أن تقتات على أنصافك.
#مها_العباسي

13‏/10‏/2023

حياة مختلفة


أُريد حياة لا تُجبرني على الركض خلف ما لا يلائم روحي، لا تُجبرني على التظاهر بالقوة وأنا على وشك الانهيار.
حياة لا تُقدّم لي الأشياء على هيئة انتظارٍ طويل، ولا تُلقيني في بحور القلق والتأويل كلما حاولت أن أطمئن.

أُريد صباحات أستيقظ فيها دون وجعٍ معلق في الحلق، دون شوقٍ عالق في صدري كغصّة لا تزول.
أُريد ليالي أنامها بهدوء، دون أن تسرقني الأحلام لما لا أملكه.

أبحث عن أيام صافية...
أيام لا يُرهقني فيها الشرح، ولا يطلب منّي أحد أن أُجمّل ملامحي حين أتعب.
أُريد عالمًا يحتضنني كما أنا، بعيوبي كما بمحاسني، بقوتي حين أتماسك، وبضعفي حين أنهار.

أُريد حياة لا تُعاقبني على طيبتي، ولا تحاسبني على سذاجتي حين أحب.
حياة تسكنها الراحة، ويؤنسها الصدق، ولا تعرف فيها الخذلان طريقًا.

أُريد قلبًا ألوذ به من كل ضجيج، لا يُطالبني بأن أكون دائمًا بخير، بل يحتملني حين أكون في أسوأ حالاتي.

ويا الله...
إنك تعلم ما أُخفيه، وما أرجوه.
فهب لي حياة تُشبه نقاء قلبي حين يطمئن...
حياة لا تبهت، ولا تنكسر، ولا تغدر.

#مها_العباسي

13‏/09‏/2023

رجل الرحيل


كان يحمل تعبًا لا يشرحه، وأحمالًا لا يراها أحد.
يتحرك بين الناس كأنه معهم، لكنه بعيد… بعيد جدًا.
كل من حوله يظن أنه بخير، لكن الحقيقة أنه لم يكن بخير يومًا.
لم يفهمه أحد، لا عائلته ولا أصدقاؤه، حتى هو كان غريبًا على نفسه.

في عينيه أسرار كثيرة…
اندفاع لا يُروَّض، وحزن يشبه ابتسامة عابرة.
رقيق رغم قسوته، هشّ رغم ما يبدو عليه من صلابة.

هناك أرواح نرتاح بقربها قبل أن نعرفها…
أرواح تُسكننا، لا تحتاج إلى كلام أو لقاء.
أحيانًا يكون القريب أبعد الناس عنك، وأحيانًا يسكنك شخص لم تلمسه يدك يومًا.

أنا وهو بيننا رباط لا ينفكّ…
حبنا يشبه الحبال التي تُشدّ بقوة، لكنها لا تنقطع…
كل خلاف يقربنا أكثر، كل بعد يجعلنا نعود أقوى.

كأن أصابعي خُلقت لتُكمل أصابعه…
كأن الفراغات بين يدي تنتظر أن يسكنها.

هو ليس كأي أحد، لا يُشبه أحد، لا يُكرَّر.
حبنا لا يشبه القصص العادية…
حبٌ يركض عكس التيار، يصرّ على أن يبقى رغم كل شيء.

أنا لم أبحث عنه… هو من وجدني.
لم أختره… لكنني انتميت إليه كما ينتمي الجرح لجلده.

كل شيء كان يبدو كصدفة… لكنه صار قدري.
هو ابتلائي الجميل… واختياري الوحيد.

نحن لا نهرب… نحن نعود من جديد في كل مرة،
كأننا نُضيء بعد انطفاء،
بريق مختلف،
أهدأ… أصدق… أنقى… وأعمق.

#مها_العباسي

12‏/09‏/2023

أكتفي بك


أي سحرٍ هذا الذي يجذبني إليك رغم المسافات؟
أي قوةٍ خفية هذه التي تجعلني لا أرى غيرك، حتى وأنت غائب؟
كيف أصبحتُ أكتفي بك، وأنت لست هنا؟
كيف صرتُ أشتاقك كأنك الهواء الذي ينقصني؟

أي جنون هذا الذي يجعل نبضي يتسارع لمجرد ذكر اسمك؟
أي جنون يجعلني أبتسم كمن وجد كنزه المفقود حين أسمع صوتك؟

لقد أصابني حبك بحالة لا علاج لها…
أدمنتك كما يُدمن المرء نَفَسه، كما يُدمن الحياة التي لا بديل عنها.
والمُدهش أنني لا أبحث عن شفاء… لا أريده، لا أتمناه.

في غيابك…
كل الأشياء باهتة، كأن الوقت لا يمضي.
كل الأماكن باردة، كأنها فقدت حرارتها.
أبحث عنك في كل الوجوه، في كل الطرقات، حتى في تفاصيل أحلامي الصغيرة.

كيف لا أشتاق إليك؟
وأنا حين أفقدك، أفقد نفسي.
وأشعر أني وحيدة وسط الزحام، خاوية وسط الضجيج.

أتعلم؟
أنا لا أريد منك وعدًا، ولا أطلب منك حضورًا دائمًا،
أنا فقط أريد أن أبقى لك… كما أنا، كما تحبني، كما أراك.

#مها_العباسي

02‏/05‏/2023

هي ليست امرأة عابرة


لا تعرف كم أهرب منها وأنا أتجه إليها…
وكأنها الجاذبية التي لا أستطيع مقاومتها،
كلما حاولت أن أبتعد، سحبتني بحضورها، بنظرتها، بكلمة عابرة تُشبه الطُعْم الذي لا مفر منه.

هي ليست امرأة عابرة…
هي تشبه الطرق التي لا تؤدي إلا إليها.
كأنها الوجهة التي وصلتُ لها بعد ضياع طويل… ولم أكن أبحث عنها.

معها… أفقد صبري، أفقد منطقي، أفقد تلك الصلابة التي أرتديها أمام الجميع.
أبدو أمامها كطفل صغير يريد أن يبقى، أن يحتضن، أن يسمع صوته وهو يهمس لها بلا خوف:
"ابقي… بس كده."

أنا رجل لم أعتد أن أحتاج، ولم أعتد أن أشتاق… لكنها كسرت تلك القاعدة بداخلي.
معها، أنا لا أريد امرأة تُتقن الرحيل، ولا أجيد تلك الحروب الصغيرة التي يخوضها العشاق.
أنا فقط أريدها كما هي… بخوفها، بضعفها، بتلك الرعشة الخفيفة حين تلتقي عيوننا.

أنا معها… لا أبحث عن انتصار، بل أبحث عن وطن.

وأعلم… لو اقتربت أكثر قد أضيع فيها، وقد أُحرق.
لكنني أحب هذا الضياع فيها…
وأحب أن أُحرق على بابها، طالما هي من تشعل النار
#مها_العباسي