01‏/06‏/2025

ظله لا يغيب




في حياة كل امرأة، توجد تجربة تُعتبر البداية لكل شيء والنهاية أيضًا، تجربة تُحدث تحولًا في كيانها، تمنحها نضجًا وحماقة في نفس الوقت، وتفتح عينيها على ما تريده من الحياة.
تكون لعنة أن تأتي تلك التجربة في مرحلة مبكرة من العمر، حيث تقضي حياتها تبحث عنها في عيون كل من يمرون بها.
رجل واحد، ستكتشف أن كل من عرفتهم لم يكونوا سوى ظلال له، انعكاسات لروحه، لتفاصيله، لصوته، وملامحه.
قد تحب مغنيًا لأنه لها ذكريات معه أو أغنية دندنها يوما معها.
ستدرك أنها تعشق كل ما يذكرها بابتسامته، وتبتسم عند سماع صوت معين لتكتشف لاحقًا أنه يحمل شيئًا من صوته.
ربما ستحدد تاريخ حياتها بما قبل تلك التجربة وما بعدها.
قبلها كانت امرأة، وبعدها تصبح مختلفة تمامًا، ربما أكثر نضجًا أو ربما أكثر غباءً.
فالتجربة بكل ما فيها من متعة وذكريات، تتحول إلى أنصال حادة تسكن داخلها، مما يجعلها مؤلمة وقاسية وشديدة المرارة.
لتعود وتحتضنها وتربت على قلبها، يكفي أن تتوقف في منتصف الطريق، ولا تجد إجابات لأسئلة عديدة: لماذا رحل؟
ما الخطأ الذي ارتكبته؟
ماذا حدث؟
ماذا ينقصني؟
وفي خضم هذه الأسئلة، تتحول إلى شخص آخر غريب، فلم يعد هناك مكان لتحمل ألم جديد.
يومًا ما، كان الوجع يفتك بروحها، حتى أصبحت الحياة معه مستحيلة.
لكن مع مرور الوقت والسنوات والنضج، ستكتشف أن تلك التجربة، رغم الألم الذي تركته، كانت أروع تجربة في حياتها، "حكاية العمر كله".
يكفي أنها تركت أثرها في داخلها، لتصبح هي الملاذ الوحيد في روحها كلما أرهقتها الحياة، تلقي بنفسها في أحضان الذكريات.
كان رجلًا مميزًا، حتى أنه لم يظهر بعده من يستطيع ملء الفراغ الذي تركه في عقلها وقلبها وروحها.
تمضي العمر مكتفية بأنها كانت معه لتكمل ما تبقي من عمرها معه في أحلامها،
فيصبح قدرها أن يظل حبه هو وجع العمر.
#مها_العباسي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق