22/05/2025
هل ما زلت تذكرني؟
بقلم
مها العباسي
اشتاقت إليك...أغمضت عينيها وهمست بدعاء صامت.
رغم مرور السنوات، لا تزال تفتقد دفء صوتك، وحنان نظراتك، ولمسة حضورك التي كانت تطمئنها كطفلة صغيرة.
كانت تشعر بك جوارها دومًا، تلاعبها ابتسامتك، وتحتضنها كلماتك الحنونة.
تشتاق لرائحة دخان سيجارتك، للنظرة التي كنت تنظر بها إليها من خلف الدخان، تضحك من تلك اللحظة التي كنت فيها أنت، بكامل فوضاك،
تشاركها في حرف ضائع من اسم، كأن القدر كتب لكما اللقاء في جزء لم يكتمل بعد.
تتخيل يدك فوق كتفها، تحميها من غريب يقترب، أو تمسك بها وهي تعبر الطريق.
تسترجع رائحة أوراقك وكتبك التي كنت تلقيها جانبًا فتضحك، ثم تنطلق كطفل تخلص من واجباته المدرسية.
لم تعتد أن تحمل أوراقًا، لكنها كانت تراها معك دومًا، تنظر إليك بغضب مبتسم، وهي تحتفظ بأشيائك الصغيرة وكأنها كنوز.
كلما غضبت، جلستَ جوارها تبتسم، فتنظر إليك وتبتسم، ثم تنهضان معًا دون أن تدري لماذا غضبت أو لماذا تصالحتما.
ربما كانت تغضب فقط، لتراك وأنت تصالحها كطفلٍ عنيد، أو لأنها كانت تفتقد همستك حين تقول:
"مش هنكبر"...
فتبتسم، وتبتسم هي أيضًا.
هل ما زال الشتاء يناديك كما كان؟
حين كانت تشعر بالبرد، تضحك وتتذكرك...
وحين تمطر الدنيا، تركض تحت المطر وكأنك معها، تعلمان جيدًا أنكما لم تهربا من المطر،
بل إليه.
رغم فارق السنوات بينكما، كنت أنت الطفل في الحكاية.
اشتاقت إليك بكل شيء، بثورتك، وجنونك، وغضبك، وهدوئك، ووجعك.
علمتها أن تكون "هي"... أو لا تكون.
علمتها أن تعيش الحياة للحياة.
علمتها أن تشتاق إليك كل صباح مع فنجان القهوة ودخان السيجارة.
علمتها أن صوتك ما زال يناديها عبر السنين،
وأنك ما زلت هنا...في مكان ما، قريب منها،
حتى إن فرقت بينكما المسافات.
هل كنت تتخيل أن تقرّبنا الأماكن وتبعدنا المسافات؟
اشتاقت إليك...فهل تشتاق إليها،
أم أنك لم تعد تذكرها؟
هل ما زلت تتذكر تلك الأيام التي جمعتكما؟
أم أنها تلاشت من ذاكرتك كما تلاشت خطواتكما من الطرقات؟
هل ما زلت تحمل في قلبك ما كنت تحمله يومًا،
أم أن تلك المشاعر تآكلت بفعل الغياب؟
سنوات وسنوات مضت، يجمعكم الأرض،
تتنفسون نفس الهواء، لكن لم تلتقِ خطواتكما...
أم تراكما التقيتما دون أن تنتبها؟
هي تعرف...أنت هناك، خلف الجدار، في تلك الغرفة التي حفظت تفاصيلها من حديثك.
جدرانها، أدراجك، كرسيك المفضل، علبة سجائرك، أعواد الثقاب، رائحة الكتب...
كلها ما زالت محفورة في ذاكرتها.
تذكرك صوتك، ضحكتك، لحظاتك التي تقاسمتها معها بكل صدق.
اشتاقت إليك...ما زالت تفتقدك.
هل تذكرها، يا صديق؟
حينها، داعبتها نسمة حانية على وجهها
فارتسمت على شفتيها ابتسامة، وتمنت فقط...
أن تراك، لتهمس في أذنك:
"لم أستطع يومًا أن أنساك..."
#مها_العباسي
#رسائل_ما_بعد_الغياب
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق