10‏/03‏/2025

"صمتي معك… حديث لا ينتهي"

حين استسلمت لصمتي.... ورغم إغلاق النوافذ والأبواب وإلقاء المفاتيح بعيدًا
كنت أنت...
لم تبحث عن المفاتيح... لم تحتاج إلى مجهود للعثور عليها، فقد تركتها معك منذ زمن بعيد.

جئت وملأت الصمت بضجيج محبب... فتحت النوافذ وأخذت بيدي لنتسكع على أرصفة العمر..
رجل مثلك من السهل عليه  يأسر  امرأة مثلي تبحث عن كل ما هو صعب لتتورط فيه وإن لم تجد....تلزم القوة والصمت.
وأنا قد التزمت الصمت عشرات الاعوام وتسترت خلف أقنعة من القوة...
والان القيت كل اقنعتى امامك
ولا اخجل من ضعفي معك ولك
فكيف لي ان اعترض او ارفض، فدائما ماكنت معك انا التى أُحبها
تركت نفسي لصمتك لعلي أسمع ألمك الذي تخفيه... فصمتك معي حديث لا ينتهي... أسمعك... أفهمك جيدًا....
أدرك تفاصيل روحك... تلك النغمات التي ترتجف لها جدرانك الشاهقة... أدرك متى تكبح رغبتك للأشياء ومتى تطلقها...... أعرف جيدًا... متى  تبتسم تلك الابتسامه بطرف فمك

أدرك متى تستمتع بطفولتك الملقاة في ركن بعيد بداخلك. وحدي من رأيت الطفل العنيد.. المشاغب.. وتحطيمه للألعاب في لحظة غضب

وحدي من يستطيع احتواءه وتهدئته واللعب معه بهدوء، أو تحطيم ما يريد تحطيمه والضحك معاً حين تنتهي نوبة غضبه.
أيعقل أن أعود لتلك التي سجنتها بين جدران قوة زائفة لأحميها؟
فقد اعتدت ان لا يرهقني ما ينقصني
فهناك دائماً أنا.. أكتفي بذاتي
وأكتفي من ذلك الشعور بالحب الذي أمنحه لنفسي 
فأنا أمنح نفسي تلك التفاصيل الصغيرة التي ترسم الابتسامة على وجهي 
ولكنك رجل يدرك جيداً قوتي ويدرك معنى ضعفي معه 
فهو يعرفني جيداً ككف يده، وأنا أعرفه وأدرك جيداً أنه لم يكن أبداً من السهل ان يمنح مفاتيح أبواب روحه لأحد، وقد منحني إياها 
إنه السهل الممتنع... 
كتاب أحرفه بسيطة ولكن من الصعب قراءتها 
فكل منا امتلك مفاتيح الآخر بسلاسة... بلا تعقيدات، وتجاوزنا الأسلاك الشائكة التي علمتنا الدنيا أن نحتمي خلفها.
لقد عثر على تلك التي أخبئها عن أعين الناس في غرفة مغلقة.
فأنا أدرك جيدًا من يستحق أن يراني بلا أقنعة.
عثر عليّ.. بتلك النسخة التي لا تحتوي على رتوش للتجميل... بكل تراكمات الزمن... تلك النسخة المضطربة... المتوترة...
النسخة التي عانت كثيرًا وتألمت في صمت وتعلمت أن تداوي جروحها وحدها وتخرج مبتسمة...
وألقى لي بمفتاح غرفته المغلقة، تلك الغرفة التي يحتفظ بداخلها بضعفه وتراكمات السنين وجروحه وآلامه، وكل ما يخفيه عن الأعين ....

نحن نعرف بعضنا البعض ...كما أردنا أن يعثر كل منا على الآخر.....منسجمين ... متكاملين ... كل منا انعكاس للآخر بكامل إرادته.
منذ سنوات طويلة لم أدرك ذاك الشعور بالانسكاب في شخص ما... أتحول معه إلى تلك الثرثارة التي تبوح له بكل شيء، حتى تلك الأشياء والتفاصيل الصغيرة التي لا أشعر بتفاهتها إلا بعد قولها، لكنه يستمع لها باهتمام.
منذ زمن وأنا أسكب ما في قلبي وكل ضعفي وآلمي وأحزاني في قلبه، ولم يمل يوماً مني...
معه أشعر بذلك الاستسلام
غير المشروط....فاستسلامي لصوته لم يكن يوماً ضعفاً، بل هو القوة ذاتها.
ها قد عاد الشتاء والمطر، وكأن مقدر لنا ألا نلتقي إلا حين يأتي الشتاء... كلقائنا الأول تحت المطر.
بقلم
#مها_العباسي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق