29‏/04‏/2025

"نهاية مؤجلة"


قررت ذات وجع، ألا أسمح لأحد أن يقترب، أن يعبر حدودي، أو يستوطن قلبي من جديد.
كنت أظن أني تعلّمت الدرس، وأني سأغلق الباب على كل شعور.
لكن حين جئتَ أنت، تلاشت كل قراراتي.
استسلمت… بكامل قلبي، بكامل وجعي.
لم أندم، لأنك كنت حياةً مرّت بي، ولو للحظة.
ظننتُ أن حب الأمس يمكنه أن يصنع غدًا،
لكن القدر كعادته، أعادني من منتصف الطريق،
أحمل منك كل شيء: ضحكاتك، كلماتك، ودفء لم أذقه إلا معك.
جمعت شتاتي، وأكملت وحدي.
لكني لم أعد كما كنت.
اشتعل داخلي كل ما حسبتُ أني دفنته.
تذوقت معك طعم الحياة… تفاصيل الأشياء الصغيرة التي تشبه حلوى العيد في أول مرة.
ثم انتهى كل شيء.
عدنا غرباء… دون وداع.
وأنا الآن في المنتصف،
لا أملك خارطة للعودة، ولا جرأة على النسيان،
أفكر بك،
وأتساءل:
هل تنتهي الحكايات العظيمة هكذا… بصمت؟

"كأنني كنت أراهن على المستحيل"


هل أُخبرك بسرٍ صغير؟
الحياة لم تسر يومًا في الاتجاه الذي أردته.
كانت دائمًا تختار العكس…
كأنها عنيدة لا تهوى إلا أن تضعني في اختبار جديد.
أذكر جملة قالتها بطلة في مسلسل ذات مساء:
"كل حاجه عملتها كانت على أمل"
وأنا كذلك…
أتمسك بخيط رفيع،
أُراهن على حلم مؤجل،
وأمنية لا تزال تختبئ خلف صدري.
كنت دومًا أريد أن تبقى الأشياء،
أن لا تتبدد الذكريات،
أن يبقى الأشخاص في أماكنهم،
لكن لا أحد يبقى.
كلهم يرحلون، دون وداع، دون سبب… فقط يمضون.
أنا هنا…
أرتب شتاتي كل ليلة،
وأُخفي وهجك عن رياح النسيان،
أعيش على أملٍ صغير…
أن نلتقي،
ولو مرة واحدة،
في الزمن الصحيح.

28‏/04‏/2025

"رجل الحلم"

معك أصبحتُ أنا التي تُحب بصدق، أنا التي تتوهج وتشرق لأجلك، فأنت وحدك من استطاع أن يكتشف ملامحي التي أخفيتها خلف أقنعتي طويلاً.
أعدتَ رسم خارطتي، وحدودي، ومفاهيمي،
أصبحتَ في حياتي كفيضانٍ جارف، لا أملك حياله اعتراضًا، ولا أبحث معه عن نجاة.
تركتُ لك كل قواعدي، ووضعتُ قوانين عالمي جانبًا، وبنيتُ لك عالمًا خاصًا، عالمًا لا يُفتح بابه إلا لك.
أنت رجل الحلم، الرجل الوحيد الذي سمحتُ له بالدخول، الرجل الذي يملك وحده حق إعادة تشكيل هذا العالم كما يشاء.
ليتك ترى نفسك بعينيّ، لكان الزهو بك فخرًا،
والنرجسية فيك استحقاقًا.
فأنا… لم أُبصر رجلاً في هذا العالم سواك.
#مها_العباسي

"حين التقوا بعد فُرقة القدر"


في لحظة صدق، لم يكن كأي رجل عابر.
كان مختلفًا عن كل من عرفت، يشبه الحياة بعد يأس، يشبه الراحة بعد تعب.
حين التقت عيناها به، شعرت أنها وصلت أخيرًا بعد رحلة طويلة من الركض، كأنها كانت تلهث سنوات وسنوات، وحين حضر، توقفت لتلتقط أنفاسها وتتنفس بطمأنينة.
لم تكن بحاجة إلى الكثير من الكلمات، فقط كانت تنظر إليه وتشعر أن ضجيج حياتها يهدأ، وأن قلبها يخفض صوته، وأن روحها تستكين في حضوره.
كانت معه تطلق سراح كل ما خبأته من خوف،
كانت تطلق روحها نحوه، بلا قيد.
كانت تتمنى لو سألها في لقائهما الأول:
"أين كنتِ كل تلك السنوات؟"
لكنه لم يسأل، وكأن كليهما كان يعلم أن الغياب فرضه القدر، وأن اللقاء لم يكن صدفة…بل ميعادًا مؤجلًا كُتب منذ زمن بعيد.
كانت تراه حائرًا، مرتبكًا، يتوارى خلف ابتسامة خجولة، كأنها تخشى أن يكتشف من نظرتها أنها كانت تنتظره… منذ وقت طويل.
كان هناك شيء غامض يربطهما، كأن بين دنيتها ودنياه خريطة خفية، شوارع تتقاطع، وأزقة قديمة شهدت على صمتهم من قبل أن يتكلموا.
كانا هنا ولم يكونا هنا…معًا ولم يلتقيا من قبل.
في دفء الوقت بينهما، اجتمعت كل الأحزان والآمال، امتزج ماضيه بماضيها، ووقفا على حافة زمن جديد، يضعان فيه أول نقطة في أول سطر لحكاية كان يجب أن تُكتب منذ زمن.
بدأت تجمع الحكاية من بقايا القصاصات، كلمة هنا… تكملها عبارة هناك، حتى اكتملت الصورة.
اكتشفت أنها كانت تكتبه طوال الوقت قبل حتى أن تلتقي به.
وأنهما حين التقيا…لم يبدآ شيئًا جديدًا، بل استكملا حكاية قديمة
كُتبت قبل أن يُخلق اللقاء.
#مها_العباسي

26‏/04‏/2025

"حين يصبح الخيال وطنًا"

أعلم أنك كنت هنا دومًا…
ربما لم أرك بعيني،
لكنني شعرت بك في كل لحظة عشتها وحدي.
كنت تتقاسم معي الحياة دون أن تدري،
حتى الصمت كنا نقتسمه بلا اتفاق.
كنا نرى نفس الأشياء،
نمرّ بنفس الأماكن،
نتنفس من نفس الهواء،
نشعر بنفس الدفء دون أن نعرف أن قلوبنا تعزف نفس النغمة.
كأن بيننا وتر خفي يشدنا لبعضنا،
نسمعه ولا نراه.
امتزجت الحقيقة بالخيال،
صار خيالك عندي أكثر واقعية من كل من حولي،
وصارت حقيقتي معك،
حلماً جميلاً لم يصحُ منه قلبي بعد.
أعلم أنك كنت دائمًا حلمًا ناقصًا،
ينقصه اللقاء…
لكني أؤمن، أن بعض الأحلام لا تموت،
بل تظل معلقة في السماء،
حتى تهتدي إلى دربها في زمن آخر،
وفي حياة تشبهنا أكثر.
وحينها …
لن يكون اللقاء صدفة،
بل عودة.

#مها_العباسي

25‏/04‏/2025

وطنك المؤجل


كنتُ أبحث عن ملاذٍ آمن فيك، لكنني وجدت نفسي متورطة بك، دخلتُ متاهةً لا بداية لها ولا نهاية.
لماذا دفعتني إلى هذا الكمّ من الفوضى؟
تتصادم أمواج الأفكار في رأسي، تغمرني دون رحمة، وأنت تترك عالمك ينهار... وأنا في قلبه.
اتسعت الفجوة بيننا، وتركتها تبتلعني بين شقوق أرضك، أغلقتَ الأبواب والنوافذ، لم تقاوم، تركتَ يدي ليمتصها الفراغ.
لماذا استسلمت بهذه السهولة؟
لماذا تتركني أعيش مرارة رحيلك المتكرر؟
هل قدري أن أشهد احتراقك... واحتراقي معك؟
أنا لست بتلك القوة التي يراها الجميع،
في داخلي ندوب كثيرة، وأنا عاجزة الآن عن سحبك من براثن النار التي أشعلتها حول نفسك.
كنت أتمنى أن أكون حصنك، أن أكون ملاذك عندما يلفظك العالم، فقط أخبرني، لماذا تختارني دومًا لأكون قربانًا لميلادك الجديد؟
أما يكفيك أنك تعرف يقينًا أنني هنا...هنا من أجلك؟
نعم، أنا معك.
وسأظل في صفك، لن أكون يومًا ضدك، حتى لو افترقنا، حتى لو بعدتنا المسافات، فأنا مؤمنة...
بأنك ستعود.
ستعود إلى وطنك. ستعود إليَّ.
#مها_العباسي

24‏/04‏/2025

رجل الصمت الحائر


لم يكن بحاجة أن يتكلم...
كانت تسمع صمته كما لو أنه يُهمس لها وحدها.
تفك شفراته، تفهم لغته التي لا تُقال،
وتقرأ من بين سطوره ما عجز عن قوله لكل من حوله.
قال لها ذات صمت:
"سأعود… وسأعيد معك رسم خارطتي.
ستكونين البداية، والنهاية، وكل ما بينهما من فصول ستُكتب على ملامحك."
"سأغسل ذاكرتي من كل ما سبقك، وأنتظرك على حافة المدينة، حيث لا أحد يراني، لأمضي معك إلى عالم لا يسكنه سوانا."
"سأكسر قوقعة خوفي، وأخرج منها إليك، ولكن إن حدث ذات مساء، أن تركت شموع الطاولة مشتعلة ورحلت…لا تُطفئيها، فقط انتظريني."
"أنا فقط أحاول أن أتعلم كيف أعيش داخلك،
كيف أكون حُرًا بين حدودك، كيف أتنفسك دون أن أختنق من شدّة القرب."

#مها_العباسي

امرأة فقدت ظلّها


ثمة شيء مفقود بداخلها...ربما جزء من روحها، أو لعلها روحها كاملة قد تلاشت.
وحدها كانت تعرف كم عانت، وكم نزفت بصمت عبر سنواتها الماضية.
جلست ذات مساء، تراقب موت قلبها بهدوء،
نظرت حولها، فلم تجد سوى الفراغ.
حاولت ألا تتذكر، ألا تفكر، اشتهت فقدان الذاكرة، فكل الأصوات في رأسها تتشابك وتتعارك بلا رحمة.
تحاول أن تهدئ من روعها قليلًا لتستعيد توازنها.
تحاول البكاء... لكن دموعها انسحبت منها بهدوء قاتل، وتركت خلفها فراغًا باردًا، دموعها عالقة، لا تسقط ولا تريحها.
تستجدي النوم، لكنه يرفضها، يتركها نهبًا لساعات الليل الطويل، تنهشها الأفكار، ويحرقها الحنين.
لم تعد كما كانت، رغم تمسكها بتلك الروح التي توشك على الذبول.
لم تعد تنتمي للحياة، ولا تقترب من الموت،
تقف في المنتصف، تعيش كظلٍ باهت، كامرأة فقدت ملامحها.
وحين وجدت نفسها في عينيك، فقدتها مرة أخرى حين فقدتك.

#مها_العباسي

23‏/04‏/2025

رجل الدهشة

لم تكن تتوقع أن تراه بعد كل تلك السنوات.
لقد ابتعد كلٌ منهما عن الآخر، وتباعدت المسافات،
حتى أصبحا لا يعلمان شيئًا عن بعضهما البعض.
لم تحاول البحث عنه، ولم يحاول هو الوصول إليها، كأن كليهما كان ينتظر ذلك الرحيل، وتلك المسافات، ليبتعد بهدوء عن الآخر.
كان أغرب أنواع الفقد...رحيل حب.
نعم، فقد افترقا لأن كلًا منهما لم يحتمل ذلك الحب الجارف
الذي اجتاح كيانهما دون رحمة.
ربما لو جاء اللقاء في زمنٍ آخر، لكانت اكتملت الحكاية.
ولكننا لا نختار متى يحتلنا الحب.
كان لقاؤهما الأول عفويًا...غريبًا ومربكًا في آنٍ معًا.
اقترب كلٌ منهما من الآخر دون وعي، دون خطة، دون مقاومة.
وبعد كل تلك السنوات، لا تزال تجهل كيف استطاع أن يلامس مشاعرها بتلك السهولة،
لكنه كان الرجل الوحيد القادر على أسر قلبها.
كانت تراه دومًا مختلفًا عن كل من مروا في حياتها.
كان رجلًا يمنح الحياة طعمًا آخر، ويوقظ الدهشة في تفاصيلها الصغيرة.
كان يفتح لها نوافذ العالم، فتطل من خلالها على أفقٍ جديد، مليء بالدهشة والانبهار.
كان حريصًا عليها، تخشى عليه، ويخشى عليها.
كان كل ما فيه يدهشها... حتى صمته.
ابتسمت...فرغم مرور السنوات، لا تزال تبتسم كلما تذكرته.
عن ماذا يمكن أن أحكي لك، يا عزيزي؟
عن تلك اللمعة التي كانت تضيء عينيَّ حين أكون معك؟
عن الطفلة التي كانت تقفز بداخلي حين تمسك بيدي؟
عن ضحكاتي التي لم تعرف طريقها إلا معك؟
عن اختياري لك... في كل مرة خيروني فيها بينك وبين العالم؟
عن ماذا أحكي...؟
#مها_العباسي

22‏/04‏/2025

"رجلٌ على حافة قلبي"


قال لها، بصوتٍ مثقلٍ بتعب الأيام:
"أعلمُ جيدًا أنني لستُ سهلًا...ففي داخلي كثيرٌ من الفوضى، وجنونٌ يشتد حينًا ويخبو حينًا، لكنني أيضًا أعلم يقينًا أنكِ الوحيدة القادرة على احتوائي، ربما لأنكِ تشبهينني كثيرًا، أو لأنكِ تنظرين إليّ بعيني الروح، لا بعين الظاهر."
"أتيتُ إليكِ مترددًا، مليئًا بالشكوك والتقلبات، لكني كنتُ، وما زلت، أشعر بالأمان في حضرتكِ.
فاعذريني إن بدا مني تقصير، فالأيام أرهقتني حتى لم أعد أعد بشيء، ليس لأنني لا أريد، بل لأنني لم أعد أملك وعدًا أضمن تحقيقه."
"المشكلة أنني لا أستطيع الرحيل عنك،
ولا أملك الرغبة في الهرب منك،
فأنتِ دائي ودوائي، جنوني واتزاني، براءتي ومجوني.
معكِ أفقد كل ادعاء، وأنسى كل تجاربي، وكأنني أبدأ الحياة من جديد."
"ها أنا أعود إليكِ مجردًا من كل شيء، منمق الكلام، والنظرات الصلبة، والخبرة المتكلفة...أعود إليكِ بنظرةٍ خجولة، وبكلماتٍ متعثرة، مرتجفة، تحمل دقّات قلبي بين طياتها، وبأنفاسٍ متقطعة، لا تنتظم إلا حين أتنفس عطرك."

#مها_العباسي

21‏/04‏/2025

"حين كنت أنت البداية "

كيف كانت البداية؟ ومتى؟
لقد كانت بداية قدَرية بكل ما تحمله الكلمة من معنى...
بداية بريئة، ساذجة، بلا مقدمات ولا نوايا. لم نخطط لها، ولم نستعد لما تلاها.
تسلّل كلٌّ منا إلى يوم الآخر بلا سبب، بلا استئذان، بلا وعيٍ بما سنُصبح.
لم أتوقع شيئًا، ولم أضع نهاية متوقعة، ولم أقاوم.
استسلامي لصوته لم يكن ضعفًا، بل كان منتهى القوة...
كان بداية حروفي، رسائلي، كلماتي التي لم يسبق لها أن كُتبت.
كانت عيناه كفيلة بتحويل ارتباكي إلى لغةٍ لا نفهمها إلا نحن.
لقد كان حالةً استثنائية، غامضة، تدعوني لاكتشافه بكل فضولي ولهفتي.
وهبت نفسي له بكامل اختياري، علّي أظفر بجزءٍ منه...
تجولت قدماي في شوارعه، أبحث عن ركنٍ يستقر فيه قلبي.
أصبحت أستمع لأغنياته، أردد كلماته، أحلم بأحلامه، وأتبنى أمنياته.
في سكونه كان وديعًا، وفي غضبه عاصفة.
هو شكي ويقيني، هو رغبتي ورفضي...
تحوّل اسمه إلى وشمٍ في قلبي، ومع مرور الأيام، أصبح يقينًا داخليًا:
حتى إن فرّقتنا الحياة، لن يخلو قلبي منه، ولن يخلو هو مني.
كان أول كل شيء.
أول حب يطرق بابي ويشعل روحي.
أول لمسة منحتني أسرار الكون دفعة واحدة.
كنت أجهل من أكون، حتى عرفته...
فأدركت ذاتي، واكتشفتني.
أخفيت نفسي عن الجميع، ووهبت قلبي له وحده.
فهو الوحيد الذي احتضنت روحي كفَّيه.

#مها_العباسي

20‏/04‏/2025

حين التقينا من جديد


عن ماذا يمكنني أن أحكي لك، يا عزيزي؟
هل أحدثك عن ذاكرة الأماكن التي جمعتنا؟
سأدع الجدران تتكلم عنك، عن الحكايات التي اعتدتَ أن ترويها،
ستحكي لك عن عدد المرات التي عدتُ فيها إلى نفس المكان،
أجلس مع طيفك، أفتش عنك في التفاصيل،
وأعلم في داخلي أنك لن تعود.
سأحدثك عن أعوامٍ مضت، لا يمكن أن تعود.
عن مشاعر تضاربت داخلي حين التقيتك.
هل تدري ماذا شعرت حين تركت كفي بين يديك؟
كانت مجرد ثوانٍ، لكنها أعادتني سنينًا للوراء...
أصبحت لا أميّز إن كنا افترقنا بالأمس أو منذ دهر.
أتعلم؟
حتى الأشياء الصغيرة التي لم نفعلها معًا، كانت تشتاق إليك.
ربما كان خوفي من موت الحب هو ما جعلني أهرب...
أبتعد في اللحظة التي التقينا فيها مجددًا.
كنت أضعف من المغامرة، من مواجهة المجهول.
توقعت فشل التجربة... توقعت أن أخسرك.
فخسرتك بنفسي كي لا أفقدك!
وعندما جمعنا اللقاء مرةً أخرى، بعد سنوات، استسلمت.
فأي صدفة هذه التي تتكرر بهذا الشكل العجيب؟
كل شيء حولي كان يخبرني أننا يجب أن نكون معًا.
وكنتُ فقط بحاجة أن تهمس لي:
"اطمئني، لن أرحل من جديد..."

#مها_العباسي

19‏/04‏/2025

"عزيزي الغريب... وحدك تعلم"

كلٌّ منّا قدَّر الآخر، يا عزيزي الغريب.
أثق بك...
لكن خوفي من الأيام صار أكبر من ثقتي بك.
أتُراني أترنح بين الخوف والثقة؟
أُطيل الانتظار، أبحث عن طمأنينةٍ منك، فقد امتلأ قلبي بما يكفي من الأوجاع.
هل تعرف كيف تنتمي روحٌ إلى روح؟
كيف تمتد الجذور لتتشبّث بالحياة؟
هكذا كنتَ حين التقيتك.
اطمأنّت روحي إليك، فامتدّت جذوري في الأرض من جديد.
لم نكن يومًا غريبَين، كيف لغريبٍ أن يسكن بين أضلاع غريب؟
كيف له أن يطمئن بين ذراعيه؟
أدرك أن الوحدة قد أرهقتك، وأنك قاومت طويلاً،
لكن التيار جرفك في هدوء... فاستسلمت.
فماذا خسرت؟
أفقدت جزءًا من روحك؟ من ذاتك؟ من ثقتك في الناس؟
كل ما فقدته لم يكن سوى وهمٍ، لكنك بقيت... رغم كل شيء.
الحياة لم تكن يومًا بسيطة، تلتف خيوطها حول عنقك، تقاوم، ثم تصمت، تجلس على طرف مقعدٍ رخاميّ في محطةٍ مجهولة، لا أحد يعرفك، ولا أحد ينتظرك، وقد لا تنتظر أحدًا.
تطفئ النور، تسكب قهوتك في صمت، تدخن سيجارتك، وتغرق في تأملٍ لا ينتهي.
كم مضى على هذا الصمت؟
ساعات؟ أيام؟ شهور؟
لا تهتم، فكل شيء أصبح يشبه الآخر، المشاعر، الوجوه، الأصوات.
أعلم جيدًا أنك خذلتك الوجوه والقلوب، وخذلتك الأيام.
لكنني أعدك: أنا لن أخذلك.
أعلم أنك الآن لا تريد شيئًا، تتمنى لو نستطيع نسيان الماضي والذكريات، لو كان بوسعنا أن نبدأ من جديد...بأرواح شفّافة، بلا حكايات مسبقة.
أعرف وحدتك، وأفهم ضعفك، وأؤمن أنك ستعود يومًا ما، أقوى، أصفى، وأقرب.
وإلى أن تعود، رجاءً... اهتمّ بنفسك، من أجلي.
#مها_العباسي
#رسائل_ما_بعد_الغياب

18‏/04‏/2025

رسائل لا تعرف عنوان 2

عزيزتي....

أتعلمين؟
لم أكن أُجيد طلب البقاء.
كنتُ دائمًا أُجيد الصمت… والانتظار.
لكن معكِ، كل شيء تغير.
معكِ، كنت أريد أن أقولها بوضوح: "لا ترحلي… لا تتركيني."
أنا لا أبحث عن حبٍّ يُشبه القصص، ولا عن كلمات محفوظة.
أنا فقط أبحث عنكِ… كما أنتِ.
بكل فوضاكِ، بكل تناقضكِ، بكل ما تحاولين إصلاحه وكل ما تتركينه مكسورًا.
أبحث عنكِ كما وجدتكِ أول مرة: حقيقية… ومرهقة… وجميلة رغم التعب.
هل تعلمين؟
لم أُرد يومًا أن أكون بطلًا في حياتكِ،
أنا فقط أردت أن أكون الذي تلجئين إليه عندما تضيق الدنيا.
أن أكون صدركِ الذي لا يُسأل فيه عن "لماذا؟"
أن أكون عينكِ التي تعرف طريقها إلى قلبي دون أن تطرقي الأبواب.
كل ما أردته… أن أبقى.
أن أكون حضنًا تتكئين عليه حين يتخلى عنكِ الجميع.
أن أكون وعدًا لا يخذلكِ.
لا أعدكِ بالسعادة، لكنني أعدكِ ألا أترككِ وحدكِ في الحزن.
أنا ذلك الرجل الذي لا يُجيد المغادرة، ولا يتقن النهايات.
أنا الذي يُحبكِ بما يكفي ليبقى… حتى وإن لم تقوليها.

#مها_العباسي

رسائل لا تعرف عنوان 1

عزيزي...
لا أعرف كيف أصبحت جزءًا من أيامي بهذا العمق، ولا كيف صار مرورك في خاطري كفيل يهدّيني وسط زحام الحياة.
أحيانًا أفكر… ما الذي يجعل شخصًا عاديًا يتحول فجأة إلى راحة؟ إلى ملجأ هادي بنلجأ له في صمت، بدون ضجيج، بدون حتى ما نحتاج نقول كتير.
تخيلت لو كنا التقينا في وقت مختلف… مكان بعيد… لا يعرفنا أحد، ولا يضعنا أحد في قوالب جاهزة. هل كنا سنكون أخف؟ هل كنا سنُحب ببساطة دون كل هذه التعقيدات التي نحملها على أكتافنا؟
من فترة، وأنا أرتب أشيائي، أمسكتُ بدفتر قديم… وجدتُ بين صفحاته ورقة كنت قد نسيتها. لم يكن عليها شيء مهم، مجرد كلمات عابرة… لكنها حين سقطت من بين الأوراق شعرت أنها تحملك، تحمل حضورك البسيط الذي يأتي دون موعد، ودون أسباب مقنعة… فقط لأنك أصبحت هناك، في الأشياء الصغيرة التي لا ينتبه لها أحد.
أحبك كما نحب الأشياء التي نشعر بالأمان بجوارها… ككوب قهوة دافئ في صباح بارد، كضوء خافت في غرفة مزدحمة بالعتمة، كبيت لا يطردك مهما تأخرت.
أحبك كالعادات الجميلة التي لا نمل منها… أحبك كأنك وطن لا يُطلب تصريح دخول إليه.
ابقَ قريبًا… فبعض القلوب لا تليق بها المسافة.

#مها_العباسي

17‏/04‏/2025

"وجع لا يزول"

ما يُخفيه قلبي عن الجميع، يا صديقي، هو ما يُسرّبه وجع الفقد في أعماقي.
نعم، إنه وجع الفقد، ذلك الألم الذي ينهش روحي كل مساء،
وتلك الأسئلة التي تملأ رأسي كلما وضعت رأسي على الوسادة:
لماذا كان؟ ولماذا رحل؟
أفتقد تلك اللحظات التي كنت أُسكب فيها بكل تساؤلاتي على صدرك، ما الذي حدث؟
ما الذي جعل الأرض تميد تحت أقدامنا فجأة؟
لقد فقدت توازني دون إنذار، دون أي مقدمات.
تراكمت داخلي كلمات كثيرة، تشتاق إلى حضنك،
أشعر بالحنين إلى الثرثرة معك، تلك التي كانت تسيل بلا ترتيب، بلا تنسيق، بلا تكلف.
كنتُ معك أنا... كما أنا.
لا أختار كلماتي، ولا أرتدي أقنعتي، بل كنتُ أحب أن تراني عارية من كل تصنّع.
كنتَ تستمع لي لا بدافع الفضول، بل لأنك تُحبني... وتهتم لأمري.
كنتَ وحدك من يستحقني، بكل ضعفي وأخطائي، بكل ما فيّ من عيوبٍ ومميزات.
فأنا أيضًا أحببتك كما أنت، بتهورك... بأنانيتك... وبكل ما تخفيه خلف أقنعة الحياة.
أنا وحدي من قرأك حقًا، أنا وحدي من رآك... كما أنت.

#مها_العباسي

16‏/04‏/2025

"لو لم يهزمنا التوقيت"

إن لم نلتقِ يومًا من جديد، وإن لم تجمعنا مصادفة أخرى أو طريق مشترك، فليكن في ذاكرتك أن امرأةً مرت ذات يوم في حياتك، ولم تُحب سواك.
حين تعود إلى صورنا يومًا ما، ستبتسم، وستعلم بعد وقت، وبعد كثيرٍ من العابرين، أن أحدًا لم يحبك كما أحببتك، ولم يهتم بك كما فعلت أنا.
لم أتردد يومًا في إعلان حبك أمام الجميع، كنتَ خياري الوحيد دائمًا، والمكان الذي تمنيت الاستقرار فيه.
أحببتك بكل ما أملك من مشاعر، وكنت أؤمن أننا نستحق بيتًا صغيرًا، يضمنا معًا، نحتفل فيه بانتصارنا على الحياة.
كنا سنمضي أمسياتنا على أريكتنا نشاهد فيلمًا هادئًا، فقط لو أنك بذلت جهدًا أكبر...
فقط لو لم يكن هناك فرق في التوقيت.

#مها_العباسي

15‏/04‏/2025

"في عينيك اختصار للحياة"

في بعض العلاقات، لا يكون الحب مجرد مشاعر عابرة، بل يكون احتواءً عميقًا، أمومةً خفية، وأبوةً مشتعلة بالمشاعر.
يكون فيها اللقاء شفاءً، والغياب اختبارًا، وتكون الأسئلة... أعمق من أي إجابة.
قالت له ذات مساء:
هل يمكننا أن نعود من جديد؟
أم أننا وصلنا إلى نهاية الطريق؟
تأخر في الرد طويلًا، ثم قال وهو يُخرج دخان سيجارته:
لا أعلم...ربما لأنكِ الوحيدة التي استطاعت أن تكتشفي الطفل الساكن داخلي، واحتويتِ جنونه برفق، واحتضنتِه كما لم يفعل أحد.
لم أعد أستطيع الهروب من ذلك الحلم الذي نسجتيه لي ببساطة.
أجابته بابتسامة دافئة:
هل تعلم أن الأمومة ليست فقط عند رؤية الأطفال؟
إنها تلك اللحظة التي تكتشف فيها المرأة الطفل المختبئ داخل من تُحب.
ذلك الطفل الذي لا يظهر إلا عندما يشعر بالأمان...
وأنا؟
أنا بين أمومتي لك، وأبوتك التي تسكنني.
في عينيك اختصار الحياة كلها.
ثم تساءلت:
كيف يمكن لرجل مثلك أن يعيش في المدن وحيدًا؟
كيف تسافر بعيدًا دون أن تعود؟
أليس الخوف هو ما يدفعك للهروب؟
نحن نهرب أحيانًا من الأسئلة، لأننا نعرف أن الإجابة ستضعنا أمام اختيار حاسم:
كل شيء... أو لا شيء.
نظر إليها بعيون شاردة وقال:
الاختيار ليس حرية كما نظن، بل هو سجن بلا قضبان.
وحدك من تتحملين نتيجته، سواء اخترتِ أو لم تختاري.
وخطأ واحد فقط...قادر على تغيير مسار الحياة بأكملها.
ابتسمت وقالت بهدوء يشبه السلام:
هل أعفيك من الحيرة، وأخبرك أنني أفهمك؟
أعلم أن أحدًا لم يُحبني كما فعلت أنت.
ولا زلت أرى حبك في عينيك، في صوتك، وفي لحظات الصمت بيننا.
وأعلم...أن الأنثى لا تجهل أبدًا قلب رجل ينبض بها، حتى إن لم يُظهر ذلك.
#مها_العباسي

14‏/04‏/2025

"كنت دائمًا اختياري"

عزيزي، المميز دائمًا، الغائب أبدًا.
لقد اعتدت منذ سنوات أن تكون معي في خيالي. أكتب لك رسائل ولا أرسلها، وأحلم بك ومعك.
مرت سنوات طويلة لم أكن أعلم عنك شيئًا ولا أين أنت، لكنك كنت في داخلي حقيقة ويقينًا.
فمن الطبيعي أن أستكمل معك حلمًا وخيالًا مع صورك.
ربما القدر لا يريدنا أن نكون معًا إلا في الحلم.
كنت أتمنى أن نعوض بعضنا البعض عما حرمتنا منه الدنيا.
لا أشك في حبك لي، رغم أن بعدك غير مفهوم وتصرفاتك غامضة.
لكن دائمًا ما تكون الذكريات بيننا أكبر وأهم من أي قسوة أو غضب أو بُعد.
لم أعد أعرف ماذا تريد أو ماذا أعني لك.
صدقني، للمرة الأولى لا أعرف كيف أفهمك.
ربما لأنك لا تريد ذلك، فقد كنت تسمح لي بفهمك في كل مرة... كنت تترك قلبك مفتوحًا لأدخل وأتجول... كنت تستمتع بذلك.
لم تصنع يومًا أسوارًا.
أتمنى أن تشرح لي، حتى لو كنت قد قررت الرحيل مرة أخرى، ولا تريدني كصديقة أو حبيبة.
أنتظر منك مكالمة أو رسالة؛ لا أطلب منك شرحًا، ولكن لتخبرني وتقول سأرحل أو انتظريني.
وإذا قررت الرحيل، سأرحل في هدوء.
أو سأنتظرك وأدعمك، ويدي في يدك حتى آخر يوم من عمري.
دائمًا كنت أنت اختياري، سواء في حضورك أو غيابك.
ليس لأنني لا أملك خيارات أخرى، ولكن لأنك فعلًا تملأ قلبي وعقلي. أحبك بكل مميزاتك وعيوبك، أنت الأهم والأفضل بالنسبة لي.
وستظل كذلك سواء كنت معي أم لا... في وجودك أو غيابك.
كن بخير، ربما نلتقي ذات يوم على قارعة طريق القدر.
#رسائل_مابعد_الغياب
#مها_العباسي

13‏/04‏/2025

"نهاية تشتهي أن تكون بداية"

بعد سنوات طويلة من الغياب، أدركت حين التقينا من جديد، أن حبك لم يغادرني يومًا. كان رفيقي في وحدتي، ومأواي حين ضاق بي العالم، ظلّك كان يرافقني بصمت، وأثرك لا يغيب.
هل يتغيّر الحب حين نكبر؟
هل يصبح أكثر نضجًا... أم أكثر ترددًا؟
ربما نصبح أكثر وضوحًا مع ذواتنا، أكثر تصديقًا لحدسنا، وأكثر شجاعة للاعتراف بمشاعرنا دون مواربة.
الحب لا يظل كما هو، لكنه لا يموت.
يتحوّل من جنون إلى يقين، من لهفة إلى طمأنينة، من كلمات صاخبة إلى صمت يبوح بكل شيء.
صرنا نكمل جُمل بعضنا بنظرة، ونعبر عن الشوق بلمسة.
لم نعد نحتاج للكثير من الكلام... فعناق صغير صار كافيًا ليعيد كل شيء إلى موضعه.
كنتَ معجزتي حين كنتَ الحب الأول...وأصبحت يقيني حين عدتَ من جديد.
هل نمتلك الشجاعة الآن لنُسلِم أمرنا لما فرضته علينا الأقدار؟
لقاؤنا الأول كان قدريًا، ورحيلنا اختياريًا...
فهل لقاؤنا الثاني، الذي جاء بلا موعد، سينتهي أيضًا بالاختيار؟
أم أننا هذه المرة سنصنع للبداية نهاية مختلفة؟
غريبة تلك المشاعر التي تتسلل إلينا رغم مرور السنين، كأن الزمان لم يمضِ، وكأن الأرواح لا تُصاب بالنسيان.
هناك حب يُخزن في الأعماق، يعتّقه الزمن كما تعتق الزجاجات النادرة، وحين تفتحها، تفوح بعبير الذكرى كما لو أنها وُلدت للتو.
لقد رحلتُ عنك يومًا، لكنني كنتُ أعلم أنني أرحل عن كل ما أحب.
سِرتُ في طرقات العمر وحيدة، أنتظر صدفة تعيدك إليّ، أو قدَر يجمعنا دون موعد.
فهل ستسير معي هذه المرة؟
أم أننا سنظلّ عالقين في منتصف الطريق بين ما نشعر به... وما نخشاه؟
لا أريد منك إجابة، لا أبحث عن وعود، كل ما أريده الآن...هو أن أُخفي قلبي في صدرك، أن تضمّني بين ذراعيك، وأن يصمت كل شيء من حولنا.
#مها_العباسي

"الفراغ الذي التهمني"

الفراغ بعد رحيلك كان قاتلًا...
رغم كل محاولاتي لملئه، بقي كل شيء بدونك فراغًا واسعًا، يمتص الروح شيئًا فشيئًا.
كان الصمت يزحف نحوي كل مساء، ببطء ووحشية، كوحشٍ خرافي يخرج من ظلال البعيد، وكلما اقترب، ارتجف قلبي أكثر، وكأنني أواجهه وحدي لأول مرة كل مرة.
أمضيت أمسيات طويلة أقاوم حضوره، أتشبث بأي شيء كي لا أسمح له بابتلاعي. لكنني، مع الوقت، استسلمت.
استسلمت لذلك الفراغ الكبير الذي سكنني، حتى أصبحت جزءًا منه... وتلاشيت في داخله.
حاولت التمسك بما تبقى لي من أشياء أحببتها حين كنت وحدي، فقط لأتجنب الغرق بعيدًا عن عالمي.
كنت أعلم يقينًا أنه لن يأتي أحد لينقذني، فغرقت بإرادتي... في الكتابة.
آلاف من الأوراق، آلاف من الكلمات، كنت أكتبك وأهرب إليك من خلال الحروف.
لكن حتى كلماتي فقدت إيمانها بي، أو ربما أنا من فقد الإيمان بها... فأخفيتها عن العيون.
مرّت الأيام.
تراجعت نوبات الحنين شيئًا فشيئًا، وتوقفت رسائلي إليك، واحدة تلو الأخرى.
جمعت كل رسائلي وصورك، وكل الذكريات التي كانت لنا، وضعتها في صندوقٍ خشبي... وأخفيته في مكان بعيد، بعيد بما يكفي حتى لا أضعف وأعود إليك من جديد.
ولأول مرة، اعترفت بيني وبين نفسي أنني لم أحب سوى مرة واحدة، وأنك كنت الرجل الوحيد الذي لمس قلبي، وأيقظه، وجعلني أُقرّ أنني أحب.
وكان ذلك... من أجمل ما حدث لي في حياتي.
الوقوع في حبك كان قدري، وأمنيتي، وحلمي الذي لم أكن أدركه حتى صار حقيقًة.
أغلقت الصندوق الخشبي لسنواتٍ طويلة...
وأكملت الحياة، بكل تفاصيلها، من دونك.

#مها_العباسي

12‏/04‏/2025

"كل الطرق تؤدي إلى عينيك"

لعينيك لون لا يُشبه شيئًا مما رأيت.
لونٌ يحمل رجولتك التي لا تُشبه أحدًا، كما لم يُشبه أحدٌ مرورك في طُرقي.
سرتُ طويلًا في دروب الوحدة، أبحث عني، أفتش عن ظلّي في زوايا العالم، وأرسمك دون أن أراك.
أرسم عينيك في خيالي ببريقٍ خفي، يشبه ابتسامة دافئة تظهر على وجه من ينظر إليهما.
ذاك البريق لا يُشبه البهجة العابرة، بل يأخذ من يراه في رحلة، يهاجر خلالها من ذاته، ويتوغل في وديانك التي لا يعرف لها عمقًا.
كنت أحاول أن أراك كما أشعر بك، لا كما تراك عيناي، فبين الإحساس والرؤية فرقٌ شاسع.
عينايا تراك رجلًا، لكن قلبي يراك وطنًا.
قلمي، كعادته، يعاندني... يرفض أن يكتبك كما تراك عيني، ويأبى إلا أن يرسمك كما شعرت بك ذات يوم، حين ارتميت في حضنك، واسترحت.
يومها، صغر العالم كله، واتسع صدرك لي فصار بحجم الكون، رغم ضيق المكان الذي جمعنا.
لم أكن أحتاج أكثر منك.
كنت كافيًا.
الآن، كلما حاولت الوصول إليك، أضل طريقي، لا أحمل إلا عينيك، وهما تجذباني إلى عمقٍ لم أكن مستعدة له...
لكني غُرِمت به.
فلم أعد أرغب بالعودة.
#مها_العباسي

11‏/04‏/2025

"الغريب الذي لا غُربة معه"


تندهش في كل مرة يعود فيها ويتسلل إلى عالمها بكل بساطة وهدوء ، دون عتاب منها أو لوم مهما طال الغياب فهي له شاطئ.
ولكنها تتفهم غيابه ورحيله.
اندهشت من القدر الذي يجمعهما بعد كل رحيل، ولم تملك إلا أن تبتسم وتفسح له المجال إلى جوارها.
وعندما سألها عن القهوة، أجابت باستسلام: نعم. فطلب لهما قهوة.
كانت صامتة وما زال مبتسمًا.
يتلاشى بين حدودها ولكنه يخشى الاقتراب منها، يشعر بأنها تجتاحه وتحتل كل كيانه، تمنحه كل أسباب الحياة. يتوقف... يرتجف... ويهرب بعيدًا، لا ينظر إليها، يهرب من عينيها لأنها وحدها من استطاعت اكتشاف الطفل الذي يسكنه، واحتضنته ومنحته الأمان.
يهرب منها حتى لا يبكي بين أحضان عينيها.
الهروب هو الوعد بالعودة.
يختصر وجودها كل الملامح، تحتل كل الزوايا دون أن تكون هنا.
تصل إلى أعماقه وتتسلل بهدوء لما بين ضلوعه لتؤنس اغترابه عن الآخرين، فهي الغريب الذي لا غربة معه.
قطعت الصمت حين قالت له: خفت ليه؟.
نظر إليها وازداد شرودًا.
نعم، هو شعر بالخوف.
ربما كان ينتابه الخوف من كل ما يحدث بينهما، فهو لم يعتد أن يكون طفلًا بين يدي امرأة، حتى وإن كان يعلم جيدًا أنها ستوارى ضعفه عن كل العيون.
لم يكن معتادًا على أن تحتويه أخرى وتحتله ويستسلم لها ببساطة، بالرغم من أنه هو من منحها مفاتيحه ومعها الإذن بالدخول إلى عالمه الغامض الذي تحيط به أسلاك شائكة.
لم يعتد على الاستسلام، ومعها اكتشف أنه لا يملك إلا أن يستسلم لها ويترك بين يديها مفاتيحه.
هو لم يتركها، لقد اكتشفها بين يديها.
ربما لذلك قررا أن ينفصل عنها بهدوء بلا ضجة أو اختيارات.
كان قرار الرحيل لأنه أحبها بعنف.

#مها_العباسي

10‏/04‏/2025

"حين تصبح التفاصيل وطنًا"



كانت تستهويها نظراته الشاردة، التي تبتعد بأقصى ما يكون عن البشر.
تحتلها تفاصيله، ابتسامته، التي يلقيها بإهمال على جانب فمه، حين يحاول أن يكون متواجدًا في المكان وهو راحل بعيدًا حيث لا يدري أحد متى يعود.
حاولت أن تتحرر من التفاصيل وتتركها جانبًا حتى لا تظل أسيرة لها.
كانت تستند على أول جدار، وتغمض عينيها، وتدعو الله أن يحررها من لعنة التفاصيل، فهي أصبحت تحتلها.
تغتالها، تتركها مرهقة.
نعم، أرهقتها تفاصيله، فهو رجل يمتلك الكثير من التفاصيل.
وهي دائمًا ما تقع أسيرة للتفاصيل.
تفاصيل لقائهما الأول، وذلك الاشتباك الذي حدث بينهما حتى اعتقد كل من كان معهما أنه من الصعب أن يلتقيا مرة أخرى.
تفاصيل... تفاصيل.
اهتمامه، مثلها، بالتفاصيل، وذاكرته التي تعشق احتضانها.
أدركت كم أنت رائع، مع أول كلمات جمعتنا، كانت كأمواج بحر أغرقتني وما استطعت منها الهروب.
أخذتني من يدي لعالم آخر ممتلئ بالنشوة والسعادة والأحلام، فأنت وحدك صانع الدهشة في أيامي.

#مها_العباسي

09‏/04‏/2025

إلى من علمني كيف تكون الحياة

لا يزال في قلبي حزن عميق.
فما زالت آثار عطرك تحيط بي، وذكرى دخان سيجارتك الأخيرة وبقاياها أحتفظ بها.
أسمع صوتك في خيالي، ألمس أناملك تداعب شعري وتهمس لي "ما تزعليش"
لكنك تركتني.
وعدتني أن أراك كلما احتجت إليك، ولكنني لم أعد أراك.
كنت أحتاج إلى كتفك لأستند عليه عندما أكون متعبة، والآن أنا متعبة ولا أجد كتفك.
وعدتني أن تضمني عندما أشعر بالخوف، وأنا خائفة الآن ولا أجد ذراعيك لتحاوطني.
لماذا كنت هنا؟ ولماذا رحلت؟
جعلت لكل شيء في حياتي معنى.
وكنت معك في أمان. كنت أغلق عيني وأنا مطمئنة لأنك بجانبي تحميني.
الآن، كبرت تلك الطفلة التي كانت تلهو معك وفي حضورك، طالت قامتها دون أن تراها تكبر.
لقد أرهقتها الأيام، وأرهقها رحيلك، الذي أعلم أنه رحيل بلا عودة. 
#مها_العباسي

08‏/04‏/2025

"بعض الغياب يمنحنا البقاء"

بعض الغياب يمنحنا مزيدًا من الاقتراب، لكنه يتيح لنا تلك اللحظات التي نتوقف فيها لندرك أننا لا نستطيع أن نفترق.
ما زالت الحياة تسري في عروقنا، وما زلنا نتنفس وننهض كل صباح، لكن الحياة توقفت عن السريان في أرواحنا.
فقد افتقدنا تلك اللمسة التي تضفي على الروح الحياة.
إنه ذلك الغياب المؤلم الذي ينبض في العروق بمزيد من التساؤلات الحائرة والكثير من القلق واللهفة والحنين.
الذي يجعلك تتلمس كل تلك الثواني التي مضت، وتستعيد الكلمات والحروف وحتى الدموع لتتأكد بأنها حقيقة.
إنه الغياب الذي يمزقك ما بين الحنين والألم، فتفرّ بألمك إلى ابتسامات خافتة كانت يومًا تسكن هنا لتستنجد بها، وتبقى بداخلها لتشعر بالدفيء.
#مها_العباسي
#رسائل_مابعد_الغياب

07‏/04‏/2025

"أُجاهد قلبي كلّ يوم، ولا أنتصر."

أعيش بين خيارين لا يشبهانني؛ العودة التي أخشاها، والنسيان الذي لا يجيد ملامحي.
أُخفي قلقي تحت وجهٍ هادئ، وأخدع الجميع بأنني بخير.
لكن في كل مساء، أجلس مع صمتي... وأتعثّر بي.
قلبي لا يزال يختبئ خلف تفاصيلك، في الأماكن، في الكلمات، في الأغاني التي لم تعُد كما كانت.
وعقلي؟
ينهض كلّما هممتُ بالحنين، ويقف بيني وبينك كحارسٍ متيقظ.
لستُ ضعيفًا، لكنّني تائه، بين ما أستحقه… وما أريده.
بين من أكون… ومن كنتُ حين كنتَ أنت.

لا أريد أن أعود،
ولا أعرف كيف أغادر.
وكأنني سجين شعورٍ لم يعد صالحًا للحياة،
ولا يرضى أن يموت.

#مها_العباسي

06‏/04‏/2025

بيننا كرة خيط

إنه الشتاء..... حيث دائمًا ما تكون البدايات والأسئلة الحائرة التي غالبًا ما تكون بلا إجابات. 
كثيرًا ما حاولت أن أجد إجابة لسؤالي الحائر: 
كيف أحببتك مع أن المستحيل الوحيد هو أن أحبك؟ 
كيف امتزجت القوة والضعف معًا؟ 
كيف تجاوزت كل شيء لأحطم أسوارًا أنا من صنعتها لسنوات طويلة؟ 
كان صمتك يربكني دائمًا، فغالبًا ما يكون الصمت بداية لعاصفة لا أعلم متى تنتهي. 
إنها تلك الحكايات التي ترتبك أمامها؛ كثير من الخيوط المتشابكة التي كلما استطعت أن تُحرر خيطًا منها اكتشفت بأنه ما زال هناك مئات الخيوط في تلك الكرة اللعينة. 
فعلاقتنا ككرة خيط كانت تتلاعب بها قطة مشاغبة، تشابكت وأصبح من الصعب إعادة ترتيبها من جديد. 
أدرك جيدًا أن هناك الكثير من الأشياء التي تغيرت بيننا. 
لم نعد نحن، ولم تعد الأيام هي الأيام. 
فهل تظن أن الأمر يستحق العناء الذي أبذله لنظل معًا؟ 
وحدك من يملك الإجابة.
#مها_العباسي

05‏/04‏/2025

بين السطور كنت

حين قال لها:
"أترك لكِ أبواب قلبي كلها مشرعة،
لتتجوّلي بين زواياه كما تشائين،
لكن تذكّري جيدًا…
أنتِ وحدك من تستطيعين فهم معانيه الحقيقية.
فالكلمات لا تُفصح دومًا عمّا بداخلها،
قد تحمل بين حروفها ما لا يُقال،
ما لا يُفهم إلا من قِبل من سكن الروح بصدق،
ونال حقّ التأويل، لا التفسير السطحي.
مع كل كلمةٍ بيننا،
ومع كل حكايةٍ تشاركناها،
كنتِ تقتربين أكثر…
تغوصين في عمقٍ لا يُتاح للجميع،
ولا يُفتح لأحدٍ بالصدفة.
عندها فقط، أدركَ أنّ ما بينهما ليس عابرًا،
وأنّه رجلٌ لا يمنح مفاتيح روحه لعابرِ سبيل."
— #مها_العباسي

04‏/04‏/2025

حين يحن الغياب

لعلّنا نلتقي...ذات مساءٍ خريفيٍّ خافت، في شارعٍ لا يعرف أسماءنا، ولا يحمل من ماضينا شيئًا، سوى ملامح الصدفة.
نلتقي، فتتوقف خطواتنا لحظة، وتسكن فينا ضوضاء العالم، كأنّنا رأينا ظلّ عمرٍ مضى،
يعود ليتنفّس بيننا.
تسبقنا الذكريات، تتسلّل بين نظراتنا، تذكّرنا بتفاصيل صغيرة:
قهوتك المُرّة، ضحكتك المائلة، وحديثُ منتصف الليل الذي كنا نظنّه لا ينتهي.
نتبادل نظرةً فيها اعتذارٌ صامت، وشوقٌ خجول، وألف سؤالٍ لا يحتاج إلى جواب.
نبتسم، ليس لأنّ الألم انتهى، بل لأنّ الذاكرة كانت أحنّ من الفُرقة، ولحظة اللقاء كانت أصدق من الغياب.
ثمّ نمضي…كلٌّ إلى طريقه، لكننا نترك خلفنا أثرًا خفيفًا، يشبه غيمة حنونة مرّت بنا ولم تُمطر.
#مها_العباسي

03‏/04‏/2025

"ما بين الصمت والبوح"

الكتابة نوع من البوح حيث الكلمات تسكن وترتاح بين أحضان الأثير. 
أتعلمين يا صديقتي أن الراحل عن الوطن تختلف الأشياء والمعاني له؟ 
فيصبح للحنين معنى آخر وللاشتياق معنى مختلف. 
يصبح الحنين كالحلوى القطنية التي تذوب في الفم تاركة مذاقًا سحريًّا. 
فحين تكون غريبًا تتجمع كل التفاصيل الصغيرة التي لا يلتفت إليها أحد لتشكل لك الكثير من الكلمات التي تقف ما بينك وبين البوح، فتختار الصمت أو هو الذي يختارك. 
لا تعلم إلا أنك تصمت وفقط، لا تستطيع أن تبوح بما لا تدرى. 
البعض لا يستطيع أن يفهم كيف يصمت من هو بحاجة للكلام. 
يصمت، فيتحول صمته إلى حروف، ولكن الصمت يؤلم والحنين مؤلم، وأنت حائر ما بين الصمت والحنين والبوح.

#مها_العباسي

02‏/04‏/2025

"بوح مؤقت في حضرة الغريب"

ستظل رسائل الغرباء هي الملاذ حين تُغلق في وجوهنا الأبواب.
حين نعجز عن البوح لمن يمتلك شغاف القلب، نلجأ إلى تلك الرسائل التي يكتبها غرباء إلى غرباء، لعلها تمتص ولو قليلاً من غضبنا وترتب ما بعثرته الأيام فينا. 
ربما لا نملك طاقةً لنحكي، فنكتب.
وربما لم نعد نملك شغف البحث عن كلمات مُنَمّقة تصف بها ارتباكنا، فتكون الرسالة من غريب إلى غريب.
كرفيق القطار الذي تحكي له، ويستمع ثم يرحل كل منكما في طريقه. 
هل نبحث عن من لا يعرفنا ليسهل علينا البوح له؟
لا أعلم، فأنا لا أثق كثيرًا بالغُرباء، وربما لا أتفق أبدًا مع تلك العبارة التي تقول إننا نحكي للغرباء ما لا نحكيه للأصدقاء.
ربما لا نحكي لأي صديق، ولكن هناك دائمًا من نستطيع معه البوح دون الوقوف أمام خطوط حمراء... 
التعري دون خجل... 
الصراخ دون خوف...
#مها_العباسي

01‏/04‏/2025

وعدتك...فعدت

لماذا أفلت من بين يديك قلبٌ يتمسك بك بكل قوته، يراك كل شيء، قلبٌ أحبك بلا شروط. غفر لك زلاتك، سامحك بلا عتاب، ليس لشيء، ولكن لأنه احبك بصدق ...حبه لك كان أكبر من أي ظروف أو أخطاء. 
لماذا جعلت من حضورك باهتًا... باردًا؟
أنت الذي كنت تملأ المكان من حولي بضجيج وصخب محبب، كان دفء حديثك يحيطني دائمًا. 
الكثير من لماذا دون إجابة، وحدك من يملك الإجابات، ولكنك انسحبت في صمت وتركتني في حيرة....تنهش روحي التساؤلات. 
لن أحاصرك بعد الآن بوجودي أو اهتمامي... لن أرسل لك... لن أكتب عنك... لن أتذكرك حتى عن طريق الخطأ. 
أنت الذي أرهقك اهتمامي وخوفي من الاقتراب منك... لم تستطع أن تستوعب أن خوفي لم يكن منك، ولكن من أن أفقدك مرة أخرى. 
سأرحل عنك... هذا قرارٌ أتخذه كل مساء، وفي الصباح أجد نفسي أردد كلمات نزار. 
وعدتك أن لا أحبك... ثم أمام القرار الكبير، جبنت. 
وعدتك أن لا أعود... لكنني وعدت.
وعدت أن لا أموت اشتياقًا، ولكنني مت. 
#مها_العباسي 
#رسائل_مابعد_الغياب