23‏/04‏/2025

رجل الدهشة

لم تكن تتوقع أن تراه بعد كل تلك السنوات.
لقد ابتعد كلٌ منهما عن الآخر، وتباعدت المسافات،
حتى أصبحا لا يعلمان شيئًا عن بعضهما البعض.
لم تحاول البحث عنه، ولم يحاول هو الوصول إليها، كأن كليهما كان ينتظر ذلك الرحيل، وتلك المسافات، ليبتعد بهدوء عن الآخر.
كان أغرب أنواع الفقد...رحيل حب.
نعم، فقد افترقا لأن كلًا منهما لم يحتمل ذلك الحب الجارف
الذي اجتاح كيانهما دون رحمة.
ربما لو جاء اللقاء في زمنٍ آخر، لكانت اكتملت الحكاية.
ولكننا لا نختار متى يحتلنا الحب.
كان لقاؤهما الأول عفويًا...غريبًا ومربكًا في آنٍ معًا.
اقترب كلٌ منهما من الآخر دون وعي، دون خطة، دون مقاومة.
وبعد كل تلك السنوات، لا تزال تجهل كيف استطاع أن يلامس مشاعرها بتلك السهولة،
لكنه كان الرجل الوحيد القادر على أسر قلبها.
كانت تراه دومًا مختلفًا عن كل من مروا في حياتها.
كان رجلًا يمنح الحياة طعمًا آخر، ويوقظ الدهشة في تفاصيلها الصغيرة.
كان يفتح لها نوافذ العالم، فتطل من خلالها على أفقٍ جديد، مليء بالدهشة والانبهار.
كان حريصًا عليها، تخشى عليه، ويخشى عليها.
كان كل ما فيه يدهشها... حتى صمته.
ابتسمت...فرغم مرور السنوات، لا تزال تبتسم كلما تذكرته.
عن ماذا يمكن أن أحكي لك، يا عزيزي؟
عن تلك اللمعة التي كانت تضيء عينيَّ حين أكون معك؟
عن الطفلة التي كانت تقفز بداخلي حين تمسك بيدي؟
عن ضحكاتي التي لم تعرف طريقها إلا معك؟
عن اختياري لك... في كل مرة خيروني فيها بينك وبين العالم؟
عن ماذا أحكي...؟
#مها_العباسي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق