في لحظة صدق، لم يكن كأي رجل عابر.
كان مختلفًا عن كل من عرفت، يشبه الحياة بعد يأس، يشبه الراحة بعد تعب.
حين التقت عيناها به، شعرت أنها وصلت أخيرًا بعد رحلة طويلة من الركض، كأنها كانت تلهث سنوات وسنوات، وحين حضر، توقفت لتلتقط أنفاسها وتتنفس بطمأنينة.
لم تكن بحاجة إلى الكثير من الكلمات، فقط كانت تنظر إليه وتشعر أن ضجيج حياتها يهدأ، وأن قلبها يخفض صوته، وأن روحها تستكين في حضوره.
كانت معه تطلق سراح كل ما خبأته من خوف،
كانت تطلق روحها نحوه، بلا قيد.
كانت تتمنى لو سألها في لقائهما الأول:
"أين كنتِ كل تلك السنوات؟"
لكنه لم يسأل، وكأن كليهما كان يعلم أن الغياب فرضه القدر، وأن اللقاء لم يكن صدفة…بل ميعادًا مؤجلًا كُتب منذ زمن بعيد.
كانت تراه حائرًا، مرتبكًا، يتوارى خلف ابتسامة خجولة، كأنها تخشى أن يكتشف من نظرتها أنها كانت تنتظره… منذ وقت طويل.
كان هناك شيء غامض يربطهما، كأن بين دنيتها ودنياه خريطة خفية، شوارع تتقاطع، وأزقة قديمة شهدت على صمتهم من قبل أن يتكلموا.
كانا هنا ولم يكونا هنا…معًا ولم يلتقيا من قبل.
في دفء الوقت بينهما، اجتمعت كل الأحزان والآمال، امتزج ماضيه بماضيها، ووقفا على حافة زمن جديد، يضعان فيه أول نقطة في أول سطر لحكاية كان يجب أن تُكتب منذ زمن.
بدأت تجمع الحكاية من بقايا القصاصات، كلمة هنا… تكملها عبارة هناك، حتى اكتملت الصورة.
اكتشفت أنها كانت تكتبه طوال الوقت قبل حتى أن تلتقي به.
وأنهما حين التقيا…لم يبدآ شيئًا جديدًا، بل استكملا حكاية قديمة
كُتبت قبل أن يُخلق اللقاء.
#مها_العباسي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق