هناك حديث لا ينقطع بيننا، سواء كنت حاضرًا أم غائبًا.
لكن فرق التوقيت... ذاك الكائن العابر الذي لا يأتي بمواعيد، يسرق منا اللحظات كما يشاء.
أجلس في ذلك المقهى البعيد، وحيدة، برفقة فنجان قهوة يتيم، وعدتني ذات يوم أن تعده لي بيديك...
لكن الموعد لم يحن بعد.
ورغم كل شيء، بداخلي يقين أن ذلك اليوم سيأتي، لا محالة.
فثمة مواعيد مؤجّلة، ولقاءات لم تُكمل حكايتها، وعناق سكن الذاكرة ذات مساء، ولا يزال ينتظر أن يتحرر من قيده.
هي فقط محاولات يائسة لتمرير الوقت…
لا أذكر عدد الأيام التي مرت بعد رحيلك.
كل صباح أفتح نافذتي، وأقول للعالم: "لا شيء يهم"، فهناك دائمًا شمس جديدة، وقهوة أخرى…
لكنني ما ألبث أن أتهاوى على أقرب مقعد، وأهمس لنفسي:
"لست بخير... كل شيء يذكّرني بك."
المذياع يبث أغنيتك المفضلة، وفنجان القهوة يشبه ملامحك التي لا تغيب عن خيالي.
أعلم أنك تهتم بالتفاصيل، لذلك لا داعي للقلق… فقط، اشتقت إليك.
اشتقت لحضورك، لصباحاتك، لنظراتك، حتى لصمتك الذي كنت أفهمه دون أن تنطق.
كل تفاصيل يومي يتيمة في غيابك.
أحدثك سرًّا كل مساء، أحكي لك عن شوقي، عن وجعي، عن يومي الذي لم يكن يومًا بدونك.
وحين تعود – وأعلم أنك ستعود – لن أسألك لماذا رحلت.
بل سأسألك عن تلك الروح المُتعبة التي عادت إليّ، وكيف نجوت من إرهاق الغياب.
اعلم أن هناك بابًا لا يُغلق أبدًا في وجهك.
بابي أنا... الذي ظل مفتوحًا لك، مهما أغلقت أبواب الدنيا كلها.
فأنا وحدي من احتفظت بسطور الحكاية، في قلبها، مهما عبرت السنوات.
فقط... كن بخير. لأجلي.
#مها_العباسي
#رسائل_ما_بعد_الغياب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق