08‏/08‏/2025

"قال الصمت"



أنا الصمتُ الذي سكن بينهما...
لا صمتًا فارغًا، بل امتلاءً خفيًّا بكل ما لم يُقَل.
كنتُ الحارس الأمين على مشاعرهما،
أحمل وجع الاشتياق، ورهبة اللقاء، وارتباك العودة بعد غياب طويل.

كلما جلسا متقابلَين،
كنتُ أجلس بينهما، لا أقطع الحديث، بل أفسح له مساحةً ليولد من العيون لا من الشفاه.
أنا مَن كنتُ أترجم رعشة الأصابع،
نظرة الخجل، تنهيدة مفاجئة تخون القلب وتفضح الحنين.

أنا الصمت الذي لم يكن برودًا،
بل دفئًا مشحونًا بالخوف من الاعتراف،
وبالحبّ الذي خُبّئ طويلًا، حتى كاد يفيض.

غيابهما عن بعض لم يكن موتًا للحب،
بل اختباءً خلفي،
كنتُ أغطي على وجعهما،
أحميهما من ضعفهما، وأخفي الرسائل التي لم تُرسل،
والكلمات التي استحيَت أن تُقال.

ثم جاء اللقاء…
وعاد كل شيء،
وبقيتُ أنا كما كنت:
رفيقهما المفضَّل،
وصوت الحبّ الصامت الذي لا يشيخ، ولا يُخطئ.

أنا الصمتُ الذي يعرف جيدًا:
أنّ بعض القلوب لا تحتاج إلى صوت،
بل إلى لحظة صمتٍ صادق…
ليكون كل شيء مفهومًا.

#مها_العباسي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق