26‏/10‏/2016

هروب

كنت اندهش من تلك الرسائل التي يرسلها احدهم إلى مجهول
تلك الرسائل التي توضع في زجاجه وتلقيها للبحر ...يبتلعها ويحملها معه إلى حيث لا تعلم من سيتسلمها ومن سيقرئها
يرسلها وهو على يقين بأن من سيتسلمها هو المقصود
لا اعلم من أين يأتي كل هذا اليقين بأنها ستصل
هي مجرد رسالة مجهولة لمجهول
لم أكن افهم جدواها حتى أرسلتها
نعم لقد أصبحت ممن يرسلون رسائل البحر
لقد أصبحت أمارس طقوس الرسائل أليوميه حيث لا عنوان
ربما دائما ما كانت تراودني تلك الفكرة كنوع من البوح أو كجلسات علاج نفسي أمارسها وحدي
فالبوح هو الحالة التي نصل لها حين تخنقنا الكلمات
ما يحدث لي الآن ليس إلا هروب اعتدت على ممارسته كلما ضاقت بى الحياة
هروب أعود منه دائما نادمه حين أدرك بأنه لم يعانى منه سواى
ولكن لا مفر منه في تلك اللحظات التي يتسلل فيها الخوف إلى قلبك
مجرد خوف ينهش روحك فتمتهن الهروب إلى المجهول حيث لا تعلم شيء ولا تعرف احد
تحزم حقيبتك وتملئها بما يخصك وترحل وحيدا دون وداع ودون عنوان تتركه من خلفك
كثيرا ما يكون هروبك هو عدم رغبه في تذكر اى شيء ماضي
عدم الرغبة في التواجد بداخل محيط يذكرك بماضيك الذي تهرب منه
ترفض التفكير في ما سبق وترفض توقع ما هو أتى
لا تصغي لاي صوت يناديك لتعود
تطمس ملامح الصور حتى لا تتذكر احد
تغلق هاتفك وترفض العودة
ولكنك بعد كل هروب تخفق في الاستسلام له وتعود
ربما لان روحك لم تألف الهروب ولا تريد إلا أن تظل مع من تنتمي لهم
تفزعني كثيرا فكرة تلك الأمسيات التي تمضى بك وحيدا
البرودة والظلام والفراغ
أليس هذا بكافي لتحزم أمرك بالهروب
كثيرا ما عاهدت نفسي على البقاء بعيدا عن كل ما يدفعنى من جديد لتلك الدائرة اللعينة دائرة الصمت والهروب ولكن دائما ما كنت افشل
فلم يعد لدى حكايات اسردها عليك يا صديقي
لم يعد هناك ذاك الشغف للحكى
أصبح الكلام عبئ احمله على صدري ولا استطيع منه الخلاص
تظل الكلمات جاثمة على صدورنا حتى نتخلص منها بالبوح وحين لا يكون هناك سبيل لذلك تظل عالقة هناك في مكانها حتى نختنق منها
تعبر الأيام أعمارنا كسحابات محمله بالغيوم لا نعلم في اى ارض قد تمطر
اعتدت على أن ليس ما اريدة هو ما يتحقق
دائما ما ينتهى المطاف حيث لا اختيار أخر
من الصعب ألا تتخذ قرارك بلملمة ما تبقى منك والمضي قدما إلى مجهول جديد
لعل القلب يوما يعيش بسلام

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق