08‏/01‏/2018

يوم اخر


في كل صباح انهض ببطء لاستقبال يوم آخر، مجرد صباح بكل تفاصيله
فنجان القهوة وتلك الأغنية التي تنبعث من المذياع تدعوا لشيء من البهجة والسعادة، أمشط شعري في هدوء، اتركه ينسدل على كتفي ببطء، فتلك طقوس الصباح المفضلة.
ابحث عنك في تلك اللوحة التي تتصدر الجدار، لا احد يفهم لماذا تلك الخطوط تذكرني بك، أو ربما هي تمنحني حالة من الونس الصباحي، أو حتى حالة من الحنين لك.
دائما ما تحتل عيونك ذاك الفراغ الساكن بين خطوط اللوحة، تنظر لي .....تبتسم....تحكى ...تلتزم الصمت، فنجان القهوة الوحيد يحاول أن يبحث عنك في مكان ما، لعلك تؤنس وحدته بفنجانك.
كم مضى من الوقت؟ ساعة أم ساعتين أم كثير من الساعات والأيام الوحيدة، تمتلئ ساعات اليوم بكثير من التفاصيل والوجوه والحكايات، إلا أنها فارغة، يأتي المساء سريعا ويبدأ العد التنازلي لرحيل يوم واستقبال صباح أخر، في كل مساء اكتب لك، ربما خطاب طويل أو حكايات يومي أو ربما بوح لا ينتهي.
لا احد يملئ ذاك الفراغ القابع بداخلي منذ غيابك، فتلك المساحة من الونس واللهفة والشغف امتلأت بك حتى انه لم يعد مكان لسواك، من الصعب تكرار الحكاية والأشخاص.
اشتاق إليك بصمت وصخب وجنون، اشتاق لحديث لا ينتهي، لابتسامه تحملها ملامحنا حين نكون معا، تلك الصور المبعثرة في كل مكان، تحمل وجوهنا وأرواحنا وكثير من أسرارنا.
ساعة أخرى مضت، كتاب عشوائي أو فيلم أخر يصمد معي إلى أن يزورني زائر المساء واستسلم له لأغفوا، لا اهتم لأحداث الفيلم، مجرد صور تتابع في رتابة وأشخاص تنتظر شيء ما، انتظار من جديد، لم اعد املك الصبر لمزيد من الانتظار.
ها قد وصل زائر المساء، لعله يقرر أن يظل هنا إلى الصباح، فقد اعتاد مؤخرا أن يرحل سريعا ويتركني وحيدة، ينتهي يوم ليبدأ أخر، ربما يختلف عما سبق وربما يتشابه، ولكنه يوم أخر يضاف إلى تلك الأيام المتوالية، يزم يأتي ربما يحمل معه شيء مختلف، وربما يمضي بلا هدف، بلا معني، مجرد يوم يرحل من قدر لقدر.

07‏/01‏/2018

شهرزاد وفارس الحكايات


هل حكت شهرزاد كل شيء؟
هل كانت حقا تحكى وتحكى بسعادة؟
هل كانت ترغب بالتوقف عن الحكايات والتزام الصمت؟
هل كانت تحكى حبا أم خوفا؟
كيف أمضت شهرزاد نهارها وهى تنتظر المساء الذي يحمل الأسئلة والحيرة والحكايات؟
كيف استطاعت أن تتجاوز وحدتها وحيرتها وانتظارها لمجهول؟
تمضى شهرزاد وحيدة .... تائهة، شيئا ما يحطمها ببطء، تقاومه وتنتفض ولكنه شبح أخر من أشباح المساء يقترب في صمت قاتل من روحها، تتمزق روحها ما بين أيام تحيياها وأيام تتمناها.
هي التي تملئ الأمسيات بصخب الحكايات، وتبتسم وتضحك، وتحكى وتصمت، وتنتظر نهارا جديدا، ولكنه لم يأتي بعد.
هل فات الأوان على أن تحكى شهرزاد حكايتها؟
تحكى شيء جديدا، حكاية مميزة....تختلف عن الألف حكاية وحكاية، ربما لن تكون جديدة ولكنها حتما ستكون حكاية العمر الحقيقة، تلك النبضة التي تطرأ على القلب حين يرويها، وتلك اللمعة التي تومض في العين حين تبدأ.
إنها الحكاية التي تندهش حين تقرئها وتبتسم وتغمض عينيك اشتياق وحمد،
إنها تلك التي لا تشبه شيء، بضعة اسطر من حكاية طويلة لا تنتهي، تمتلئ بالألوان والألحان، إنها مزيج من الحيرة والسكون والجنون واليقين.
تلك الحكاية التي تحمل بين سطورها تلك اللمسة الأولى، والقبلة الأولى وتلك النظرة التي تخبرك بأنك كنت هاهنا دائما، إنها حكاية شهرزاد الأولى بالرغم من ألف ألف حكاية، فبعدها لن يعنيها العالم في شيء، لن تبالي بشيء.
هي الآن شهرزاد الحكايات تروى حكايتها لمن اختاره قلبها ليكون فارس الحكايات

06‏/01‏/2018

ضجيج الصمت

لكل منا تلك اللحظات التي يهرب من العالم لها، إنها لحظاتك الخاصة التي تتسلل إليها تاركا من خلفك كل ما تهرب منه، ربما هي أغنيه، يوما ما كنت تغنيها مع من تحب أو لمن تحب.
مقهى، بين جدرانه كانت الحكايات، والبوح، والصمت الذي يحمل معه كثير من الكلمات، إنها مجرد لحظه يتوقف عندها الزمن ويحتويها ويتركها كما هي بكل جمالها لتعود لها حين تؤلمك الحياة.
ترحل الأيام وتمضى بك السنوات سريعا، وتظل تلك اللحظات هي ملاذك الآمن، تطمئنك بأنه كان هناك يوما ما حياه.
تترك صخب العالم وتعود لمن يحتضن صمتك وضعفك، فلم يعد بوسع العالم أن يحتويك بكل ما عانيت في رحلتك الطويلة.
وحدك من يدرك ماذا خسرت، وماذا ربحت ، وحدك من يدرك انكسارات روحك، وهزائمها، سأترك كل ذلك وسأختبئ في لحظه هاربة من ماضي بعيد، سأقتنص تلك الضحكة، وتلك الحكاية، وتلك الأمنية واسكن إليها.
سأذهب إلى مقهى بعيد لا يعلم احد عنه شيء، ولكن تعلم جدرانه عنا كل شيء، سأرسم نوافذه وأسواره، سأترك رسالة في احد شقوق جدرانه لعلك يوما تجدها إذا ما أخذك الشوق لذكريات جمعتنا يوما ما.
ليتنا نستطيع أن نوقف الزمن عند البدايات، ولا نتركها ونمضى بعيدا في طريق طويل لم نعلم يومها إلى أين سيأخذنا، ليتنا استسلمنا لتلك اللحظة، واختبأنا هناك حيث لا يمكن لأحد أن يعثر علينا.
يتناسب صمودك مع قدرتك على السلوان والمضي قدما بلا ذكريات وبلا ذاكرة، لم أكن أدرك بأن من الصعب نسيان ما تحمله روحك، ربما هي معجزة ليس من السهل الحصول عليها، ربما لا تعود تلك الأيام أو الأشخاص، ولكن يظل ماضيك يحاصرك، حتى وإن توارى عنك لبعض الوقت إلا انه سرعان ما يقفز أمامك، ليخبرك بأنك أبدا لن ترحل عنه، وليس منه هروب.

05‏/01‏/2018

احلام الغريب


انه الغريب الذي لا يحمل اسما معروف ولا لقب، مجرد غريب عابر للطريق. 
أهذا ما جعلني التفت له؟
لا احد يعرف عنه شيء، هالة من الغموض تحاوطه، عالمة ملئ بالأسرار، مجرد مجهول، يحضر متى يشاء، ويغادر إلى حيث لا يعلم احد، تحاوطه ذكرياته وينغمس في أحلامه ويحاول أن يجتاز حاضر مرتبك لا ينتمي له، ولكن يجب عليه أن يجتازه ليصل، تحمل عيناه كثير من الحيرة والأسئلة والأمنيات واليقين. 
تنظر له فتغرق معه في عالمه، دون أن تعبر الحدود الفاصلة ما بين عالم يحمل خصوصيته وعالم متاح للجميع، لا تدرك هل هو من اختار ذالك العالم الغامض أم انه كان يمضى لطريق ما فاختطفه المجهول وما استطاع منه فرار.
نظرته الحائرة والثابتة في ذات الوقت تدفعك للمكوث طويلا معه لعلك تكتشف خبايا تلك الروح الهائمة وحيدة في ملكوت بعيد، هدوءه ثورة وثورته أحلام، وأمنياته مزيج من الخيال والحقيقة، هناك دائما خط وهمي يصل ما بيننا بشكل ما. 
نتباعد ونتنافر ويهرب كل منا إلى عالمه، لنعود فنلتقي في مكان ما دون أن نحاول اللقاء، انه ذاك الثائر...الغاضب، الحالم......المتمرد على الثوابت والقواعد، يخلق من العدم عالم خاص، يحمل بين طياته كل الأمنيات والأحلام، فهو لا يؤمن بتلك القوالب التي تفرضها عليه قوانين الحياة، لا يهتم للزمن أو الحدود أو المكان، ينتقل من مكان لأخر ببساطه وسهوله، فيكفى أن يغمض عينيه ليرحل ويغادر ويتجول في كل مكان، ويعود منهك من رحلته لينام في هدوء أو صخب، بداخلة كثير من الضوضاء، تقبع كل الحقائق والخيالات بين جنبات روحه. 
يحمل ما بين ضفتي عمرة كثير من المعاناة والعشق والتصوف والثورة والسكون، بداخلة كثير من اللهفة والشغف لمعرفة كل شيء، والبحث عن كل شيء ولا يستطيع السكون أبدا، يرسل روحه على جناح طائر محلق في السماء البعيدة، ولا يهتم متى تعود أو كيف ستعود، كل ما يهتم له بأنه سينطلق حرا ...محلقا عاليا. 
يسكن عيناه تمرد على كل القوانين، معه كل شيء ينقصه شيء، وكل شيء يكتمل حين تلمسه أنامله، ذاك الغضب الساكن عيناه لا تعلم هل حقا هو غضب، أم أسئلة لا زالت تفتش عن إجابات. 
هل أنت مزيج من الخير والشر، ولمن الغلبة في تلك المعركة الأزلية
إلى أي جانب ستنحاز روحك ؟
ماذا ستختار؟
أم انك ستترك الأقدار تختار لك تلك المرة
 إلى أين ستسكن وتميل؟ 
بماذا تبوح تلك النظرة الشاردة من عيناك؟ 
هل حقا استطعت أن اعبر كل تلك الأسوار لأصل لحقيقة روحك وأتيقن بأنك ستصل لطريقك الذي تريد بهدوء ودون ضوضاء؟
لا أحب تلك الأحكام المطلقة أو تلك الرؤيا الثابتة للأشخاص، ليس لأنك عابر سبيل يحمل كل الغموض، وكثير من الأسئلة وقليل من الأجوبة، يتوجب علينا الحكم عليك، ليس من الضروري أن تنحاز لجانب الخير لتصبح مثالي، ولن يعيبك أبدا أن تحمل قدرا من الشر، ولكن ماذا سأرى في عينيك هو ما يهمني.
من أنت أيها الرجل الساكن عالم من الأحلام؟
هذا هو سؤال الأهم من أنت؟
هل أنت ذاك الغامض الذي يتحرر من كل غموضه معي، أم انه قناع أخر ترتديه لتكون بشكل ما اقرب إلى عالم جديد تحاول أن تصل إليه؟ 
لا أحب تلك الإطارات التي نغلف بها علاقتنا، فلازال هناك مزيد من البراح الذي يسمح لنا بالانطلاق بحرية، بلا قيود أو إطارات تحدد لنا كيف نكون. 
لا أريد معك أن اسأل كيف سنكون أو من نكون، لا ابحث عن تلك الصور المنمقة التي يجمعها عنوان براق، ابحث معك عن عالم أخر مختلف ليس له قيود أو حدود، عالم فوضى ...مختل، يحمل كل الجنون والعقل، الغضب والصمت، الهدوء والثورة، عالم يحمل كل شيء ولا يفهمه سوانا. 
حيث لا علامات تشير لأي طريق، لا نهاية حيث أن تلك الدائرة نهايتها بداية أخرى، حلقة قدرية محكمة، تكون العودة فيها رحيل، والرحيل اكتشاف، والدرب يقود لعودة، إنها الحياة في قانونها الدائري، لا يدرك احد أين بدايتها أو أين نهايتها، إنها كل نقاطها بداية ونهاية، موت وميلاد، بداية لشيء ما ونهاية لشيء ما.