03‏/07‏/2017

حب مؤقت


حين أُفكر بذاك الغريب الذي عبر حياتي سريعا تاركا من خلفه رائحة الياسمين وكثير من الحيرة، أجدني أتمنى لو أنني لم استعجل ذاك اليوم الرحيل، أو ربما لم اذهب في هذا اليوم إلى هناك.
إنه الشعور المُتناقض من الرغبة والندم، ليتني لم أستعجلك وتركتك تمارس هوايتك المفضلة في سرد الحكايات، وإشعال لفافات التبغ وشرب قهوتك التي تفضلها مثلى مُرة، ليتنا أكملنا السير يومها في تلك الشوارع الطويلة ولم اعترض، تمنيت أن أُرافقك لتلك الحفلة التي كنت تحمل تذاكرها، ليتني اعتذرت عن ذلك الموعد وأكملت الأُمسية معك ولم أتركك وارحل سريعا.
لماذا لم تطلب منى البقاء ومشاركتك سهرتك الأخيرة؟
أمنعك كبرياءك من طلب ذلك ....
ذاك الرجل الشرقي الساكن خلف ضُلوعك لن يرجوني البقاء، حتى و إن كان يُريدني معه لأخر العمر وليس لمجرد أُمسية أخيرة، أم أنني لم افهم رغبتك في البقاء معي حين أمسكت بيدي عندما هممت بالنهوض ومغادرة الطاولة، ربما كانت امتدت الأمسية للصباح حيث تحكى لي عن رحلاتك وتلك المدن التي كانت تسكنك وتسكنها.
لازلت لا افهم كيف لرجل مثلك يعشق الترحال يهرب من الوحدة، كنت اندهش منك، لقد أمضيت نصف سنوات عمرك وأنت تحمل حقيبتك وتنتقل من مدينه للأخرى دون رفيق درب أو صديق دائم، وحين اطلب منك البوح تخبرني عن الم الوحدة ووجع الاغتراب، ربما هي المرة الأولى التي سأخبرك فيها عن لقاءنا الأول، عن تلك ألصدفه التي جمعتنا في ذات المقهى مع نفس الرفاق دون ترتيب، عن الخلاف بيننا حين بدأ الحديث، وعصبيتك حين تماديت في مهاجمتك، ربما لا اذكر الحديث بدقه، ولكن أبدا ما استطعت نسيان ملامحك وثورتك وتلك العروق النافرة في جبينك.
الأحاديث الأولى لها تأثير السحر، تلك النقاشات التي امتدت يومها للساعات الأولى من الفجر، تلك الصور التي التقطناها جميعا وبعض الصور التي كانت لنا معا.
كيف لم اشعر وقتها بأنها الشرارة الأولى للحب؟
كنت معه دون أن أكون، فلم أكن اصدق بأنه من الممكن أن يحدث ذلك ولكنه حدث، وكان لقاءنا التالي في ذات المقهى، ومضى الوقت سريعا وانتهى اللقاء.
"صباحك سكر"
كانت الرسالة الأولى التي ترسلها لي، كانت رسالة الصباح التي تعلن بأن يومك قد بدأ وكنت لا ازال في فراشي لم انهض بعد.
وأصبحت انتظر رسائلك الصباحية المقتضبة، حتى كان اليوم الذي أرسلت رسالتك الأغرب
مجرد كلمه واحده........ "بحبك"
هل أخبرتك بأنني فتحت الرسالة أكثر من مرة لأتأكد، وفى كل مرة كنت اضحك كثيرا، كانت الأيام التالية هي الأكثر امتلاء بالأحداث، كثير من الأمسيات وكثير من الأحاديث، ومضت الشهور سريعا وأصبحت الأحاديث متباعدة، حكايتنا مقتضبة، مشاعرنا باهته، حتى رسائلنا لم يعد لها أهميه ولم تعد تحمل بين سطورها شيء خاص.
ما عدت اكتب لك كما كنت وهذا أصبح يُزعجني، ما عدت أحب ذاك المقهى الذي كان يوما مقهانا المفضل، ما عدت املك صبر انتظارك بعد كل رحله لا اعلم إلى متى تمتد.
ستصلك رسالتي الأخيرة حين تصل في مطار بعيد، لا اعلم ما الذي سيراودك حين تتسلم تلك الرسالة، أتندهش من تمردي أم انك لن تبالي
لا اعلم إن كان تمرد أم هو نوبة من العقل تنتابني، ربما أكون قد انجذبت لذاك الرجل الذي يعشق الترحال والحديث والمغامرات، فلم انتبه إلى أين أخذني قلبي.
ربما أكون دون أن ادري قررت أن أمارس معك مغامرة مختلفة، وامضي في تلك التجربة باندفاع، ليت النهايات تكون في سهولة البدايات وبساطتها
ليتنا نستطيع حين ننتهي أن نمضى وفقط، دون أن نحمل معنا ذكريات وتفاصيل وكلمات كنا نود أن نكملها، ننتهي، فنمضى، فنغلق كل الصفحات وننساها.
لا اعلم لماذا كلما اقترب قلبي من تجربة حب ارتعد خوفا وأسارع بالهروب؟
ربما لان الحب لا يجئ وحدة بل دائما يأتي مصاحبا للخيبات.
ليت الحب يستأذنا قبل أن يطرق باب القلب، ولكن الحب ليس قرار، انه يقف على قارعه الطريق ليختار ممن يقترب، لا تصدق أبدا يا عزيزي عاشقان في لحظه جنون، فدائما ما يكذب العشاق.

هناك تعليق واحد: