27‏/11‏/2017

حب خارج قانون الزمن


لم تكن تتوقع أن تراه بعد كل تلك السنوات، لقد ابتعد كل منهما في طريق وابتعدت المسافات حتى أصبح كل منهما لا يعلم شيء عن الأخر، لم تحاول البحث عنه، ولم يحاول الوصول إليها كأن كل منهما كان ينتظر ذلك الرحيل وتلك المسافات ليبتعد، كان اغرب رحيل، رحيل حبا.
نعم فقد افترقا لأن كل منهما لم يحتمل ذاك الحب الجارف الذي احتل كيانه، ربما لو التقيا في وقت أخر كانت اكتملت تلك الحكاية ولكن لا نختار متى يحتلنا الحب، كان أول لقاء لهما عفوي، غريب، انجذب كل منهما للأخر رغم وجود الكثير من المدعوين في تلك الحفلة.
كيف لأطراف الحديث أن تتجاذب ببساطة بين غريبان؟ 
كيف للحوار أن يتصل ويمتد بسلاسة؟
لا تعلم إلى ألان كيف حدث ذلك؟
كل ما تعلمه بأنه كان حديث عام بين أكثر من شخص انتهى بحديث بينهما طويل، وتوالت اللقاءات دون ترتيب، وكان كل منهما يقترب من الأخر
دون أن يشعر، وبعد كل تلك السنوات، لا تعلم كيف استطاع أن يداعب مشاعرها في زمن لم يعد للمشاعر مكان؟
ولكنه كان الرجل الوحيد الذي استطاع أن يأسرها، دائما ما كانت تراه مختلف عن كل من مر بحياتها، كان رجل تستمتع معه بالحياة ويمنحك الدهشة، لديه القدرة على فتح نوافذ الحياة من حولك لتطل على عالم مُدهش، مختلف.
كان يعاملها بحرص، كانت تشعر بخوفه عليها واهتمامه بها، ابتسمت...فرغم مرور السنوات إلا أنها مازالت عندما تذكرة تبتسم.
عن ماذا احكي لك يا عزيزي؟
هل احكي لك عن تلك اللمعة التي تضئ عيوني عندما كنت معك؟
هل أحكي عن تلك الطفلة التي تقفز من داخلي حين تمسك يدك، عن ضحكاتي وأنا معك؟
سأحكى لك عن ذاكرة الأماكن التي ضمتنا معا، ستحكى لك الجدران عن حنينها لحكايات كنت أرويها لها، ستحكى لك عن عدد المرات التي جئتها بمفردي اجلس مع طيف لن يعود، سأحكى لك عن أعوام مضت لن تعود، سأحكى لك عن مجهول أصبح يسكن عيناي، عن ضحكه ضاعت وضلت طريقها للحياة.
كل تلك المشاعر تضاربت حين التقينا من جديد، لا تعلم بماذا شعرت حين تركت كفى في يدك، مجرد ثواني كانت كافيه لأعود  لسنوات بعيدة لم اعد اعلم عددها.
أتعلم بأن كل الأشياء الصغيرة التي لم نفعلها معا كانت تشتاق لك؟
هل الخوف من موت الحب هو ما جعلني اهرب منك وارحل بعيدا عنك ام هو القدر؟
أدرك جيدا بأنني واقعه تحت تأثير لحظة الحنين، كنت اضعف من أن أخوض تجربه حب، اضعف من توقع فشلها وخسارتك، فخسرتك حتى لا أفقدك.
الفراغ بعد رحيلك أصبح قاتلا رغم كل محاولاتي لأن أملئه، ولكن دائما ما كان كل شيء بدونك فراغ يمتص الروح، كان يزحف كل مساء، ويقترب كوحش خرافي يأتي من بعيد، وكلما اقترب، كلما ارتجفت خوفا منه، أمسيات كثيرة أمضيتها أقاومه، ومع الوقت استسلمت له.
 أستسلمت لذاك الفراغ الكبير الذي تلاشيت بداخله، أصبحت جزء منه، تلاشيت فيه، حاولت كثيرا التمسك بأشياء أحبها حين أكون وحدي، حاولت كثيرا حتى لا اغرق بعيدا عن عالمي، فانا اعلم جيدا بأنه لن يكون هناك احد لينقذني من الغرق. 
كنت اختبئ خلف مقطوعة موسيقية، ارحل مع كتاب، اغرق في أحداث فيلم سينمائي، واحتمى بضحكات متناثرة من الأصدقاء في أمسيات بعيدة
وفى النهاية كنت اغرق في الكتابة.
أتعلم كتبت كثيرا في السنوات الماضية، ألاف من الأوراق، كلمات وكلمات، كانت بيتي ووطني وحنيني، فقدت اهتمامي وإيماني بالبشر.
فقدت إيماني بكلماتي فأخفيتها عن العيون، ومضت الأيام وتباعدت نوبات الحنين، تباعدت رسائلي لك، قررت أن استسلم لقراري في الابتعاد والرحيل عنك.
حملت كل رسائلي إليك وصورنا معا وكل ذكريات  كانت لنا، ووضعتها في صندوق خشبي وأخفيتها في غرفتي السرية، ونهضت حتى لا أعود لك من جديد، وكان على أن اعترف قبل أن أغلق الصندوق بأنني لم أحب سوى مرة واحدة، وكنت أنت الرجل الوحيد الذي استطاع أن يحرك قلبي ويجعلني اعترف بحبه، كان ذلك من أروع ما حدث لي في عمري، الوقوع في حبك هو قدري، وأمنياتي وأحلامي التي ما كنت اعلم عنها شيء.
وأغلقت الصندوق الخشبي لسنوات طويلة، ومضت الحياة بكل تفاصيلها
وبعد سنوات اكتشفت بأنني ما زلت احبك، وبأن حبك كان معي ورفيقي طوال تلك السنوات التي كان كل منا في طريق يمضى وحيدا.
هل يتغير الحب ويختلف حين نكبر؟
هل يتغير حين نلتقي من جديد؟
ربما نصبح أكثر يقينا بحبنا او كفرا، أكثر إيمانا بصدق حدسنا، أكثر صدقا مع أنفسنا، أكثر شجاعة لنعترف بالحب ونستسلم له.
نعم مع الوقت والسنوات والرحيل والعودة يتغير الحب، وتتغير الأشياء
تقل الكلمات، ونُكمل الجملة صمتا، ونتبادل الحديث بكلمات مقتضبة ولكنها وافيه، فلم نعد نحتاج لأكثر من عناق صغير لنعلم كل شيء، لمسه أنامل وكفى.
كان حبك الأول معجزتي الصغيرة، وحبك من جديد هو حقيقتي الوحيدة ويقيني الذي لم يعد فيه شك، علينا البدء في تقبل الحقيقة التي فرضتها علينا الأيام، علينا الاستسلام لقدر لا نعلم إلى أين سيأخذنا؟
لماذا عدت ألان؟
أكنت تعلم بأنني هناك، أم انه من جديد القدر يقرر خطواتنا؟
كان لقاءنا الأول قدر ورحيلنا اختيار، ولقاءنا الثاني كان أيضا قدر فهل سنرحل من جديد اختيار؟
أليس من الغريب أن نلتقي من جديد؟
للحكايات القديمة سحرها، المحبة التي تأتى على حين غفلة مننا، لهفة اللقاء القدري وشوق السلام الأول بعد السنين، فالمشاعر الصادقة يتكفل الزمن والوقت بتعتيقها، كقارورة عطر يفوح عبيرها بمجرد الاقتراب منها أو لمسها.
خادعه السنوات يا عزيزي حين نلتقي من جديد، نظرة واحدة كفيله أن تعيدك سنوات طويلة، تسمع ذات اللحن وتشعر بذات المشاعر.
رحيلي عنك كان رحيل عن كل ما أحبه وكل من أُحبه، امشي في مدينه العمر وحدي من سنوات.
أتشاركني الطريق هذه المرة، أم أننا لا زلنا في منتصف المسافة بين مشاعرنا وقدرنا؟
تُرانا نستطيع ألا نكون عابرين تلك المرة ونلتقي من جديد؟
أيمكننا أن نعود من بداية الحكاية لنكملها، أم أننا سنصنع بداية جديدة من حيث كان اللقاء الثاني؟
أتعلم لا أريد أجوبه عن أي سؤال، كل ما أريده أن تضمني بين ذراعيك وفقط.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق