07‏/06‏/2025

"بوح امرأة لم تعد تخشى البوح"




كل منا قدّر الآخر، عزيزي الغريب. 
أثق بك، لكن خوفي من الأيام أصبح أكبر من ثقتي بك. 
هل أترنح بين الثقة والخوف؟ 
أنتظر منك أن تطمئنني، فلم يعد في قلبي مكان لمزيد من الأوجاع. 
هل تعلم كيف تنتمي روح إلى روح، 
وكيف تمتد الجذور لتتمسك بالأرض؟ 
هكذا كنت عندما التقيت بك، 
عندما اطمأنت روحي إلى جوارك، امتدت جذوري وتمسكت بالحياة من جديد. 
هل تدرك، يا صديقي، أننا لم نكن يومًا غرباء؟ 
كيف يمكن لغريب أن يطمئن لغريب؟ 
كيف له أن يستتر بين ضلوعه ويسكن بين ذراعيه؟ 
أدرك جيدًا أن الاعتياد على الوحدة لرجل مثلك يعشق الحياة لم يكن سهلاً. 
رفضت الاستسلام كثيرًا... أعلم ذلك جيدًا. 
لكن استسلمت ولم تستطع الصمود أمام تيار الصمت الذي يجرفك بهدوء، 
ولم تعد تقوى على مقاومته؟ 
ماذا فقدت؟ 
أفقدت الكثير من نفسك، 
من روحك، وعقلك، وقلبك، وثقتك بمن حولك، 
فلم يعد هناك شيء لتفقده، وكل ما فقدته كان مجرد وهم؟ 
متى كانت الحياة بسيطة؟ 
أبدًا، لم تكن يومًا كذلك، لكنك وحدك من يدرك كيف تلتف حول عنقك خيوط الحياة وتتشابك لتقضي عليك. 
تمضي الساعات وأنت في حرب مع عقاربها التي تدور، 
فلم تعد تريد السير معها ولا تريد البقاء بعيدًا عن دائرتها. 
تُطفئ الأنوار، 
تسكب المزيد من القهوة، تدخن سيجارتك في حيرة 
تلتزم الصمت. 
كم مضى على صمتك؟ 
ساعات، أيام، شهور. 
لا تهتم، لم تعد تشعر بشيء. تتشابه كل المشاعر بداخلك، وتتكرر كل الملامح. 
خذلتك الوجوه والقلوب، أعلم ذلك، لكنني لن أخذلك يومًا. 
خذلتك الأيام، فلم تعد تريد أن تقاوم الاستسلام لها. 
تترك كل شيء خلفك لتجلس على طرف مقعد رخامى في إحدى محطات الحياة، 
حيث لا تعرف أحدًا هناك ولا يدرك أنك هنا أحد. 
أتفضل الوحدة، 
أم أنها هي التي اختارتك لتكون لها نديما؟ 
تبتعد عن كل الوجوه التي تعرفها، 
لا تريد الحديث أو الكلام. 
ليتنا نستطيع الخروج من ماضينا وذكرياتنا، 
وندخل لعالم جديد بلا شيء سوى أرواح شفافة فقط. 
ليتنا، يا صديقي، نستطيع البداية من جديد، 
لكانت اختلفت كثيرًا خياراتنا. 
أتفهم تلك الوحدة وذاك الضعف الذي يسكن بين ضلوعك، وأعلم جيدًا أنك ستعود إليّ أقوى، فأنا أثق بك. 
وإلى أن تعود، 
اهتم بنفسك من أجلي. 
#مها_العباسي
#رسائل_ستصل_يوما_ما
#رسائل_مابعد_الغياب

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق