31‏/10‏/2014

عازف الناى


أنه كعازف الناي، يشدو في صمت، يعزف في حيرة، تتحرك أنامله على تلك القطعة الخشبية، حركات مبعثرة ككل شيء من حوله، يلملم أشلاء روحه، أشلاء اللحن الضائع منه، يفتش عن تلك النغمة الشاردة ليكتمل اللحن.
يقف هناك على حافة العالم كل ما يحيط به، يدفعه بشده ليسقط ويتهشم ولا يظل منه شيء، يقاوم الريح، يقاوم الأيادي التي تدفعه ليسقط، فلن يسقط حتى وإن ارتجفت قدماه وتمادت الأرض من حوله.
يداعب الناي، يلمسه بأنامله، يحاول أن يعزف، يبتسم لا لحن يخرج من نايه، ولكنه يستمع للحنه وحده، يقف هناك ينظر لتلك النجمة البعيدة في السماء فهو مؤمن بتلك الأسطورة.
"لكل منا نجمته الهادية في السماء تتبعك حيث تكون، تولد معك وتهديك، فهي الإشارة الخاصة بك اتبعها بقلبك فلن تخذلك"
هي نجمته، هو يعلم ذلك، هذا يقينه، تلك إشارته، هي نجمته الهادية، تحميه وتُصلى له، تدعوا من اجله وترشده للدرب، ينظر من بعيد ويقترب ببطء، يتبعها فتُهديه.
أنت وأنت فقط من يعلم انك تتبعها.
يعزف الناي، يكتشف نغمته، هي له وان لم تكن إلا نجمه بعيده في السماء
يفتقدها، ينظر لبعيد، يفتش عنها فهي هناك خلف تلك السحب البيضاء، لن تبتعد ولن تغيب عنه، ولكنها ستسكن خلف السحاب في صمت حتى يجد نغمته ويعزف لحنه.
تفتقده وهى بعيده، تشتاق ابتسامته وتنتظر هناك أن تمتد لها يده، لا تملك إلا أن تظل خلف السحب تبتهل في صمت وتنتظر، فهي نجمته الهادية هنا وهو نجمتها الهادية هناك.

هناك تعليق واحد: