14‏/07‏/2017

أحاديث الغرباء


ستظل رسائل الغرباء هي الملاذ حين تُغلق في وجوهنا الأبواب، حين نعجز عن البوح لمن يمتلك شغاف القلب نلجأ لتلك الرسائل التي يكتبها غرباء لغرباء، لعلها تمتص ولو قليلا من غضبنا وترتب ما بعثرته الأيام فينا.
ربما لا نملك طاقه لنحكى فنكتب، وربما لم نعد نملك شغف البحث عن كلمات مُنمقه لتصف بها ارتباكك فتلجأ لرسالة من غريب لغريب، كرفيق القطار الذي تحكى له ويستمع ويرحل كل منكما في طريق.
أنبحث عن من لا يعرفنا ليسهل علينا البوح له؟
لا اعلم... فأنا لا أثق كثيرا بالغُرباء، وربما لا اتفق أبدا مع تلك العبارة التي تقول نحكى للغرباء مالا نحكيه للأصدقاء، ربما لا نحكى لأي صديق، ولكن هناك دائما من نستطيع معه البوح دون الوقوف أمام خطوط حمراء، التعري دون خجل، الصراخ دون خوف.
 أبدا لم أمارس البوح للغرباء، لا اعلم فلا أثق بغريب حتى وإن رحل كل منا في درب بعيد عن الأخر.
فكيف لغريب أن يفهم ما أشعر به؟
كيف له أن يدرك عقلي وقلبي؟
البوح للغرباء كالحديث مع أخر بلغه أخرى، يقولون بأنك تشعر بلغتك الأم حين تحب وتغضب، فأنت دون وعى تتحدث بلغتك، حين تفكر وتختار المترادفات والمعاني، فأنت تفقد بساطة البوح وسلاسته، ربما لم اهتم من قبل كيف لنا البوح أو سرد الحكايات، فدائما ما كنت أنت هنا أحكى لك ومعك دون تفكير.
من الطبيعي أن أقع في تلك الحيرة ألان، فأنا واقعه ما بين رغبتي في البوح وفقدانك، ربما لجأت لحل وسط هو تلك الرسائل التي أنثر عليها جزء بسيط من كلماتي.
دائما ما اشعر بأنني لست شخصا واحد بل العديد من الشخوص المتصارعة بغضب بداخلي، اجلس في ركن قصي أُتابع كل الغاضبين والمتصارعين على مجهول لا أدركه بعد، منحتني الحياة كثيرا من التجارب، حتى و إن كانت في مُجملها تجارب مؤلمه ولكنها في النهاية تجاربي، ربما منحتني تلك التجارب القدرة على استيعاب من حولي وتفهُم ما يدور بداخلهم، ولكن كثيرا ما تمنيت ألا املك ذاك الحدس، فهو مؤلم حتى و إن كان يُعفيك من عنصر المفاجأة في اغلب الأحيان، إلا انه مؤلم حين تنتظر ما تتوقع ويحدث.
حين تحمل معك كثير من الإخفاقات.....تصبح هشا، لا تحتمل مزيد من التجارب التي تحتمل الصواب أو الخطأ، تصبح الصورة من حولك ضبابيه، لا تُجيد تمييز الملامح أو الرؤية بشكل جيد، وربما تنسج عالما خاص لا يعرف طريقه احد، تختبئ بين جدرانه وحيدا ولكنك في أمان، ربما تحاول الفرار من تلك الشخصيات المتصارعة بداخلك وتتمنى لو يستطيع احدهما قتل الأخر، لا تحاول أن تُفكر من يقتل الأخر، من يرحل ومن يستمر.
هل تراك ستكون أكثر راحة مع من سيبقى، أم أن الراحل هو الحقيقة ومن سيظل هو الوهم؟
من سينتصر ومن سيُهزم؟
معركة أخرى بين نقيضان، بين كل تناقضاتي، بين حيرتي وسكوني، هدوئي وصخبي، ثورتي و وداعتي، بين أنا وتلك، فأنا لست بشخص واحد، أتدرك حجم مأساتي يا غريب.

هناك تعليق واحد:

  1. أنا ما أحبش أحاديث الغرباء .. فاقدة للمشاركة فى المشاعر والفهم للخلفيات .. حكى لمجرد الحكى أو تفريغ شحنة وطاقة سلبية لكن الأكيد مش مريحة مفيهاش ونس ولا دفا ..

    ردحذف