11‏/11‏/2011

وينسدل الستار


لحظات تتسلل فيها اطراف النهار من النافذه تاركه خلفها ذاك المساء البعيد يرحل وحيدا,انها نهايات المساء تولد منها بدايات النهار الذى يأتى تاركا وشاحه الاسود على
ارض الشرفه ليتسلل تاركا خصلات ذهبيه تتطاير من حول وجهه ليقبل جبينها لتستيقظ من جديد وتنهض من فراشها ,مازالت تشعر بداخلها بتمازج غريب ما بين لفرح والحزن والخوف والأمان والحيرة انها كل تلك المشاعر المتناقضه تعصف بكيانها كل صباح تاركه اياها مرهقه حتى وان كانت نامت نوما عميقا ربما هى اللحظات الاولى لها فى النهار هى ما تدفعها لعدم
الرغبه فى النعاس لتجنب تلك المشاعر المتناقضه التى تأخذها لهاويه عميقه تنتشل ذاتها منها بصعوبه ,دائما تجد انها بعد كل صراع مع من حولها تهرب الى عالمها الخاص لتغلق عليها كل الابواب وتجلس صامته على كرسيها المفضل فى ركن بعيد دائما ما تلجأ له عندما تشعر بالحنين لها اتعبها اختلافها وارهقتها افكارها واصبحت تشعر بالوحده فى اغلب الاوقات ,تنحصر دنياها فى قهوتها واوراقها التى تعبث بين سطورها بأقلام ملونه فهى لا تحب الكتابه الا بتلك الاقلام الملونه تشعر بانها ترسل لها طاقه اثيريه تحاوطها وتنتشلها من الارض لترحل بها الى سماء بعيده كتلك التى فى افلام الاطفال فهى مازالت طفله لم تتخلص من طفولتها لم تستطع ان تترك تلك الطفله بداخلها وترحل لمدينه اخرى تمتلئ بالكبار فهى لا تحبهم هى تحب الطفله الصغيرة التى تسكنها ,رغم انها اتعبتها كثيرا الا انها مازالت تنظر لعينيها وتبتسم
نعم انا مرهقه من ذاتى ربما يجب ان اتجاوزنى لأرحل تاركه اياى هنا واحاول اختصار السنوات بكل ما فيها من حزن وألم ووجع فى بعض الدموع التى اذرفها فى لحظه صمت اقضيها وحدى وانهض بلا احزان بلا تلك الاوجاع التى اعلم جيدا بان قليلون هم من يستطيعون ان يفهموها ويشعرون بذاك الحزن الرابض على صدرى كم اردت ان اتحرر منه ولكنه لا يرحل عنى مازال يسكن هاهنا ويزداد قسوة فتزداد نبضات قلبى تصارعا لكأنها تستنجد بمن ينتشلها من تلك المخالب التى تعتصرها ولكن تمضى اللحظات ثقيله لتنهض وحدها محاوله تجفيف قطرات العرق التى تفصدت عن جبينها
تركض الى تلك النافذه الكبيرة التى تحتل نصف مساحه الجدار الامامى لكرسيها فهى تكره النوافذ الصغيرة تشعر بانها تحتجز روحها خلف جدران عاليه هى تريد النوافذ التى تتسع لها لتحلق منها بعيدا متى ارادت فكل النوافذ لا تسمح الا لقدر ضئيل من الضوء ان يتسلل منها ولكنها تنتظر تلك الاشعه التى تتسلل دون استئذان لتملئ من حولها المكان بأضواء متلألأه تتراقص فى رقصات متناسقه على الجدران من حولها لتمنحها ابتسامه صغيرة تتسع بتسارع رقصات الضوء من حولها فهى تحمل على اطرافها ذكريات قد كانت هنا ومضت وتأتى فى مواسم الحنين كعابر سبيل يستريح قليلا ويحتسى قهوته ويرحل على وعد بالعوده مرة اخرى ولكن دون موعد ربما بعد يوم او بعد ايام او سنوات او ربما بلا عودة هو راحل فهو عابر سبيل يترك ابتسامه على شفتيك ويرحل فهو يمضى من حيث جاء حاملا معه حقائبه ربما لهذا فى بعض الاحيان نشعر بالحاجه الى الحديث مع بعض الغرباء الذين لن يسألون من نكون ولن يطالبونا بالبوح بما لا نريد فهم لن يسألونا عن اشياء او اشخاص لا نريد الحديث عنهم لن يحاولوا فتح ابواب اغلقناها خلفنا بعد الخروج من داخلها محاولين الا نعود لها مرة اخرى انهم الغرباء الذين يأتون ليرحلون بلا محاولات للنظر جيدا لاعينا لعلهم يستنتجون مالا نريد البوح به ليتنا نستطيع التخلص من تلك الوجوه التى لا تفهمنا او التى تحاول ان تجعلنا مشوهين فكثيرا ما نحاول ان نترك عالما بكل مايحتويه لإنشاء عالم اخر لنا ننتمى له ويرضينا فيطل علينا من خلف غمام الماضى من يحاول ان يأخذنا عنوة الى ماضى سحيق تركناه بعيدا ورحلنا
كثيرا ما نهرب الى تلك المدن البعيده التى لا تزدحم بالبشر لأننا اصبحنا نفقد ذاتنا فى صخب المدن وضوضائها نحاول ان نستعيد جزء من صفائنا الذى انتشله منا زحام الذكريات والاحداث وصخب المشاعر التى تحاول ان تتزاحم على ابواب ايامنا غير عابئه بما نحتاج او نشعر لا تدرك الا رغبتها الملحه فى اقتحامنا نهرب لمدن وحيده مثلنا نستكين على ارصفتها تاركين كل ما يثقلنا بعيد عنا
نجلس على ارائكها ونستلقى على رملها محاولين ان نختزل اوجاعنا فى قطرات عرق تخرج من اجسادنا تختلط برمال شاطئ بعيد عنا تاركين اياها لنرحل لمكان اخر انها الرغبه فى اكتشاف وجوة اخرى لنا لم نكن نعرفها لنعود بها الى المدن المزدحمه من جديد
محاولات متتاليه للهروب من القدر رغم يقينا بان من الممكن ان نفر من القدر ولكننا حتما لا نستطيع الفرار من المصير الذى يجب ان ننتهى عنده فتلك هى الحياه
كثيرا ما نحاول ان نملئ الفجوات التى اصبحت تمتلئ بها ارواحنا فقد ارهقها الرحيل والبكائيات التى تختطفها بلا رحمه فكل ما يجتازانا يترك فى الروح فجوة وفى العمر حزن وفى القلب نبض مؤلم وكلما حاولنا ان نملئ تلك الفجوات نكتشف بانها لن تمتلئ فهى باقيه بقائنا على قيد الحياه ربما نتجاهلها او نتجاوزها ولكننا ابدا لا نستطيع ترميم ارواحنا التى اهلكها الزمن
كم من الدمع سنزرف فى محاولاتنا لمحو تلك الاثار التى تركتها الايام على قلوبنا
وكم من الوقت نحتاج للتخلص من تلك الوجوه المعلقه على جدراننا
رفضت ان تترك العنان للمزيد من الاسئله يتسلل اليها رفضت ان تسترسل فى الكلمات التى تعلم جيدا انها ستنتهى بالكثير من الدموع تختم بها ذاك النهار الذى قررت ان تجلس معها وحدها فكل الوجوه مسافرة او هى على وشك الرحيل حتى لو لم تكن كذلك فهى تمتلك ذاك اليقين بانها يوما ستكون وحدها بلا تلك الوجوه المحببه اليها ربما هو عهدها بالحياه بانها لن تتركها يوما بلا الم
دائما ما تنظر كثيرا لكل الوجوه التى تحبها فى محاولها للاحتفاظ بملامحها فى ذاكرتها دائما ما تحاول ان تحتفظ بأصواتهم ببعض التفاصيل التى تخصها وحدها معها بالكثير من الاشياء الصغيرة التى تجعلهم دائمى الحضور امامها
تخشى كثيرا تلك اللحظه التى تودع فيها وجه احبته رغم انها ما كانت الا وحدها الا انها ترفض لحظات الفقد تشعر بسكينها يقسمها الى نصفين متباعدين يفصل بينهم الرحيل
لا شيء
لم يعد هناك شيء
بعد كل المحاولات المضنيه لبقاء تلك الوجوه ......رحلت تاركه كل شيء ولم تترك شيء
المزيد من الالوان المتداخله فى جنون تتناثر على بعض الصور لتكوين ملامح وجوة
كانت هنا ذات يوم اجساد تنتقل بين الاماكن ولكنها رحلت
تاركه خلفها فراغ اخر
فكل الاماكن اصبحت بلا مكان وكل الجدران لا تستر شيء
كثيرا ما تراودنا رغبه ملحه فى مكان بلا ابواب وبلا نوافذ مكان يمتد بامتداد المدى
يتسع لسنوات مضت وسنوات ستاتى
ربما هو رغبه فى التخلص من فراغ تملئه الوجوه الخاويه التى لا نشعرها ولا تشعر بوجودنا مجرد وجوة تملئ فراغ ايامنا فقط
اهو اشتياق لنا بلا وجوههم المشوهه
ام رغبه فى الاغتسال من بصماتهم التى لوثت ارواحنا
انها الرغبه فى البقاء بلا اى شيء سوى تفاصيلنا نحن ومشاعرنا نحن ونبضات قلوبنا التى تتنفس لنا
ارهقنا الرحيل
ارهقنا البقاء مكبلين بماضيهم الذى اصبح سلاسل تحاوط ايامنا
فاصبحنا لا نعرفنا .....نجهل ملامحنا فى المرايا فنسدل الكثير من الستائر على النوافذ حتى لا يتسلل ضوء اخر
فقد خذلنا الضوء
خذلتنا الايام فلم نستطع الا ان نسدل الستائر على ايامنا ونمضى

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق