10‏/09‏/2012

خارج حدود العمر


إنها ليلتها الأولى في المكان..... لا تعلم لماذا تشعر بتلك الوحشة وتلك البرودة التي تهاجمها ,إنها كثيرة الترحال والتنقل من مكان للأخر حتى أنها أصبحت تعتاد الأماكن وتعتاد النوم في المكان الجديد ,ربما كان ذلك يثير اندهاش كثير من أصدقائها, فكانت تبتسم
 فاحدهم لم يكن يعلم أنها قد قررت منذ سنوات أن لا تنتمي لمكان أو لأصدقاء حتى أنها اختارت مجال عمل يساعدها على السفر فأصبحت تتنقل بين المدن كل فترة وتقوم بتغير رقم هاتفها على فترات ,فكلما بدأت تشعر بالألفة للمكان تنهض وتقوم بأعداد حقيبتها وتقرر الرحيل دون وداع ,لتعود لمنزلها الصغير في أطراف تلك المدينة الجديدة لتظل هناك لبعض الوقت حتى تعاود انطلاقها من جديد تلك كانت حياتها التي اختارتها 
هي وحدها التي تحتفظ بأسباب رحيلها وقرار عودتها وهروبها المستمر من كل شئ, لم تعد ترغب في أن تكون على صله بأحد, لم تعد ترغب في شئ
ترحل.....
تعود......
تتجول في المدن......
تلتقط بعض الصور.....
ترسم على أوراقها البيضاء بعض الوجوه التي لا تعرفها
كانت تسافر إلى كل مكان فلم يعرف احد عنها شئ
 لم يعرف أبدا احد مالذى يدور في عقلها ويدفعها للرحيل والتنقل بين المدن وحدها,ربما كان اليأس هو الذي أصبح دافعها للرحيل وعدم البقاء أو ربما فقدت ارتباطها بالمكان والأشياء والبشر
كثيرا ما كانت تتساءل مالذى يربط الإنسان بمكان ما ,مالذى يجعله ينتمي لجدران, مالذى يجعلك تشتاق إنسان وتبحث عنه وتنتظره وتعود له
حاولت أن تجد إجابة, إلا أنها ابتسمت وأشعلت سيجارتها وحاولت أن تتجاهل تلك الأفكار التي باغتتها في ذلك المكان الغريب الذي جعلها تفتش في أوراق قد مضت ورحلت وقررت ألا تعاود فتحها مرة أخرى
غريب هذا المكان ......لا تعلم لماذا وجدت كل ذكرياتها تسللت لها من نوافذه, كانت تشعر أن الجدران تتشقق وتندفع منها تلك الوجوه والصور والأحداث لتفرض ذاتها على ذاكرتها ,فلم يكن سهلا أن تقرر الرحيل دون أن تخبر أحد
ابتسمت بمرارة فهي تعلم أن كل من بحث عنها لم يتجاوز أصابع اليد الواحدة وأخذتهم الحياة في دوامتها وما تذكرها منهم احد
لم يكن من السهل أن تحمل حقيبتها فارغة إلا من بعض الأشياء التي لا تذكرها بأحد وتغادر المكان ,فقط ترحل إلى بعيد..... هذا كل ما كان يراودها حينها
الرحيل
هي التي بحثت دائما عن وطن تنتمي له ......ترحل
كم بكت حين رحل عنها رفاق الدرب لأنها كانت شديدة التعلق بهم ....... ترحل
تترك خلفها هاتفها برسائله وأرقامه ...... وترحل
إنها تلك الليلة التي قررت فيها الرحيل حين أصبحت بلا روح........ لم يعد يعنيها شأ...... لم يعد لها شأ
لم تخبر احد بقرارها أمضت ليلتها وحيده
كانت أكثر قسوة من الأيام حين تركت كل شئ ورحلت ,كانت تحاول أن تعتاد القسوة حتى لا تتكسر على حافة الواقع
حملت ما تبقى منها وتركت خلفها ذكرياتها وعالمها ورحلت
قررت أن تنثر روحها مابين المدن , فهي قد اقتنعت أنها مصابه بلعنه الرحيل فكل من أحبت.....رحل
وكل من اقترب من عالمها .....غادرة بعد أن أخذ جزء من روحها
وكل مكان أحبته تركها بعد ان انتزع جزء من قلبها
فتبعثرت بين الأماكن وتناثرت شظاياها في قلوب البشر
فرحلت حين أيقنت أنها ملعونة بلعنه أبديه
ظلت أيام طويلة في مكانها الجديد تبكى الوحدة وتحتضن ذاتها لتدفئها ...كانت تحاول أن تحييا دون أن تعتاد المكان أو الوجوه
كانت تمضى الأيام وتبتسم وتسهر وتضحك ولكنها لا تقترب من احد
كانت تسافر في قطار العمر لا تعلم إلى أين ولا متى ستتوقف عجلاته, كانت لا تعلم إلا أنها تنظر من نافذته على كل الوجوه والأماكن
وهى لا تشعر نشئ ,تنظر لبعيد وتشعر بلاشئ
لا تعبأ بمن يحاول الاقتراب منها.....لا تهتم بشئ
فلم يعد لها في اى مكان شئ تنظر لكل مكان أمضت بداخله بعض الوقت نظرة طويلة تترك جزء من روحها بين جدرانه و......تغلق الباب خلفها لترحل من جديد   

هناك تعليق واحد:

  1. مها
    السفر...الدموع...الابتسامات
    كل شيء.... و.... اللا شيء
    الأماكن.... والفراغ

    وهي؟؟؟؟
    وحيده
    موجوعه
    هي...نساء كثيرات هناك في مكان ما
    هي واحده منا.... لكن
    أينا؟؟؟؟
    لا احد يدري

    ابكيتيني يا مها
    وزاد وجعي مع الحروف
    وتاهت مني الاماكن والاشخاص

    صادقه في كل احساسك
    منال أبوزيد

    ردحذف