13‏/08‏/2010

فنجان وحيد

صامته يملؤها الصخب...أراها كثيرا هناك ,تجلس لتلك الطاولة في ركن بعيد تحمل فنجانها ولا تشرب منه
تنظر له طويلا لكأنها تقرأ بداخله حاضرها تضعه لتداعب أوراقها وتعود لتحمل فنجانها
نهضت في صمت...جمعت أشيائها القليلة وأخذت في يدها الفنجان واتجهت لطاولتي
احترت معها...ربما تكون ملامحها ليست بغريبة عنى فتلك العينان اعرفها جيدا ولكنى لا اعرفها شخصيا
ربما تكون من الأشخاص الذي تراهم لتعلم بأنك رايتهم كثيرا ولكنك لا تعرفهم
اقتربت وابتسمت وجلست دون أن تستأذن كأنه مكانها الطبيعي
نظرت لي وقالت:
لم اعتاد مجالسه الغرباء ولكنى اشعر بانك لستي بغريبة أو ربما اشعر بالحاجة للحديث الطويل مع من لا يعرفني ولا اعرفه
ازدادت دهشتي واخذني الصمت حتى أن كلماتي خرجت صامته...بلا صوت أو معنى..مجرد همهمات ساكنه
قالت بشيء من الأسى المغلف بضحكه لا تفارق شفتيها
اعلم انك مندهشة ربما عندما احكي لكي سيزول اندهاشك
دائما أنا هنا في هذا الركن البعيد المقابل للباب الكبير..اشعر باني في انتظار الغد ياتي من هناك ويدخل ليعانقني ويقبل جبيني
ويخبرني بأنه قد جاء أخيرا وانه يعتذر على التأخير
انتظر الغد الاتي ...انتظره منذ طفولتي فقد كانت طفولة مختلفة..طفولة تنمو بالعمر سنوات وتزداد الأيام لتحتار مع العمر
وترحل الطفولة ومازال الغد لم يأتى وترحل كل الابتسامات ولا يتبقى إلا تلك الابتسامة الخاوية التي تحمل سؤال حائر بلا جواب
وتصل إلى منتصف الرحلة ولا تعلم أتخطوا تلك الخطوة لتعبر بنفسك للشط الأخر من العمر أم تنتظر مكانك
وفى كلا الحالتين لن تستطيع أن تعود بخطواتك إلى الخلف وأنت لا تريد أن تعود فليس هناك ما يستدعى عودتك
أو يجعلك تزداد تمسك بوجودك معه أنها ليست إلا مجرد أوراق تمزقها من تلك الرزنامة على الحائط
وفى كل عام تبدلها بأخرى تحمل رقم اكبر.... ليست إلا مجرد أرقام
حتى تلك الضحكات المتناثرة ما بين تلك الأيام الماضية تكتشف بأنها كانت مجردة من اى معنى
وتنظر للأمام لا ترى ملامح غد قادم.....لا ترى اى شئ
مجرد طريق طويل ليس له ملامح ملامحه مبهمة وأنت تقف في منتصفه عاري بالرغم من كل تلك الثياب التي تحيط بك
تحاوطك السلاسل الحديدية رغم انك تنطلق بأقصى سرعتك ولكن لا تعلم إلى أين
ليس معك تلك الخريطة التي تمنحك نهاية طبيعيه لدربك الذي تسير ما بين حدوده
تمتلك بداخلك كل الاسئلة التي تعلم جيدا بأنها ليس لها أجابه
تلك الاسئلة
من؟؟ وكيف؟؟؟ ولماذا؟؟؟ ومتى؟؟؟
أنها كل علامات الاستفهام وكلمات التعجب التي تحمل المعنى الذي لا تعلمه أنت
انه أنا...أنا السؤال
و انا العلامات الفارقة في اي طريق...أنا علامات الإرشاد لاي سائر
و انا الاجوبة التي عندما تجدها تنسى السؤال الذي كنت تسأله....أنا لن تلتقي بي يوما ولن القاكي في اي مكان
فانا لا أكون أبدا سوى بعيد بعيد....لا أتواجد بعد البوح...لا استمر بعد الاجابة...لا اسمع منك سؤال
أنا الكثير من لا....والكثير من لماذا....والكثير من أنا التي دائما ما تبقى أنا ولن تصبح يوما نحن
ونهضت ولملت أشيائها وتركت فنجانها وخرجت من الباب و انا أتابعها بنظري ولا اعلم لماذا لم أنادى عليها
جلست أتامل فنجانها طويلا وانتبهت من شرودي وزاد اندهاشي
فليس على الطاولة سوى فنجان واحد هو فنجاني

هناك 6 تعليقات:

  1. Nesrin Youssef ممممممممممم
    حلوة اوى يا مها الفكره
    حوار مع النفس بوضوح

    جميييييييلة

    ردحذف
  2. Fadi Koudsi جميييييييييييييييييييييلة جدا
    النهاية مالهاش حل
    مفاجأة

    نص مغزول مش مكتوب يا مها
    تسلمي

    ردحذف
  3. Marwa Hafez فعلا نص مغزول... كعادتك يا مها مبدعة

    ردحذف
  4. Amira B. Abdalla فكره جديده يامها ومكتوبه حلو
    بس عايزه تتكتب بطريقه النثر ، جمل اطول وفقرات
    لكن جميله قوي
    واكم من مرات يكلم الانسان نفسه وكانها غيره
    وحين ينتهي الحوار يكتشف انه يحاور نفسه ومع نفسه

    ردحذف
  5. Dody Abd Alla دائما انا هنا

    فى هذا الركن البعيد المقابل للباب الكبير

    اشعر بانى فى انتظار الغد

    ياتى من هناك

    ويدخل ليعانقنى ويقبل جبينى

    ويخبرنى بانه قد جاء اخيرا

    وانه يعتذر على التاخير

    انتظر الغد الاتى

    (( هذا أنا ))

    ردحذف
  6. Ahmed Elkady الله على النهاية الجميلة
    واللي بتفسر باقتدار برضه البداية الغريبة جدا للنص
    حديث النفس وأحلام اليقظة
    موضوع لازال يؤرق الجميع بلا استثناء حتى ولو لم يعرفوا ماهيته وأسبابه
    وهما أمران ملازمان لحالة الإنتظار التي لا تنتهي أبدا

    ردحذف