03‏/11‏/2011

جدران فارغه


عندما تقرر نزع كل الصور من تلك الإطارات وتركها فارغه على جدران العمر ,فهم لا يستحقون ان تمنحهم مكان فى حياتك ولكنك لا تستطيع نزعهم فتفضل ترك مكان صورهم مجرد برواز اخر فارغ وتمر بك الأيام وتزداد تلك البراويز على جدرانك وتنظر لهم بنظرة لا تستطيع انت تفسيرها فهى ما بين ألم وراحه لنزعهم من حياتك ألا انه هناك مرارة ما بداخلك
فى لحظه ما تتوقف وتقرر ان تلملم ما تبقى منك والمضى بعيدا عنهم ,ربما هى رغبه فى الاحتفاظ بجزء منك لم يفلحوا فى كسرة
ننتظر على محطات العمر المختلفه ننتظر قطار يأتى ليحملنا معه لمكان بعيد نحمل معنا تذكرة رحيل بلا عودة فماعدنا نريد البقاء الى جوارهم ,لم نعد نريد ان تجمعنا معهم ارض او سماء ننتظر قطار الرحيل
هى لا تريد الاستسلام لتلك الاوجاع التى تغتال حلمها الرابض خلف اهدابها فمازالت رغم كل الحزن تمتلك الحلم ربما لا تحققه وربما تتركه هو الاخر على مقعد تلك المحطه وترحل ربما اشياء كثيرة هى لا تعلمها فقد اعتادت ان تمنحها الحياه دون مقدمات اسوء واحلى ما فيها ممتزجان حتى انها لا تستطيع ان تحزن بما يناسب الاسوء او تضحك وتفرح بما يناسب الاحلى دائما هى ممزوجه معا ومجدوله فى جديله الايام ,بعد الكثير من المحاولات الفاشله للتخلص من اوجاعها والكثير من محاولات الخروج من شرنقتها والتحليق بعيدا
بعد العديد من البدايات التى لا تستطيع ان تنهيها اكتشفت انها مازالت تجلس على ذات المقعد منذ سنوات والى جوارها ذات الحقيبه المهترئه وفى يدها تلك الاوراق التى اصبحت صفراء
مازالت تجلس وحيده محاطه بالألاف البشر فكل منهم ينتظر قطارة ليستقله راحلا او عائدا ولكنه سيغادر بعد الكثير من تلك المحاولات استسلمت للانتظار وقررت ان تمضى الوقت فى النظر للوجوه من جولها فذاك أتى من بعيد وذاك راحل الى بعيد
ذاك عائد وذاك مازال غريب
وهى وحدها التى تجلس تنتظر القطار تقترب منها وتحتضن جسدها المتعب لتشعر بقليل من الدفء فتلك البروده تسرى فى دماءها الى سائر جسدها فى بطئ حتى انها تشعر وكأنها تجمدت وماعادت تشعر بما يدور حولها كم تمنت ان تنفصل عن جسدها لترحل بعيدا عن كل ماديات الحياه ترحل فى هدوء مطمئنه بانه ما عاد يزعجها شيء ولكنها تفشل تنظر لبعيد لتلك القضبان المتوازيه على الارض تتمدد لتتحول لمزيد من الجدران التى تحيط المكان تتداخل الالوان فيها لتمتزج ما بين الوان باهته بلا ملامح واضحه الالوان صارخه ترغب فى التحرر من قيود الجدران والانطلاق بعيدا فى تناغمات مختلفه
هى وحدها الذى يجلس بين تلك الجدران على ذات المقعد الذى اصبح وثير ما عاد مقعد خشبى فى محطه قطار تتلمس الاريكه الوثيرة الناعمه التى تغوص فيها محاوله الخروج من بين جنباتها
تحاول ان تتنفس ولكنها تزداد امتصاص لها ويزداد جسدها غرقا وتزداد انفاسها اختناق
تمر تلك الساعات ويأتى معها الايام والشهور والسنوات وتلك الاريكه الوثيرة تزداد امتصاصا لها وهى تزداد رفض وذاك المقعد الخشبى هناك يناديها وهى ما بين الاثنين منقسمه ,تترك روحها تحلق بعيدا لتتواصل مع من يستطيع ان يفهمها وتتلاقه معه فى مكان بعيد وتحكى له وتحكى ويضمها الى صدرة بحنان ويقبلها وتحمل روحها ذاك الدفيء وتعود لها لتدفئها وتهديها امان تفتقده وونس تفتش عنه
فما بين لحظات الوجع تأتى انت بلحظه دفء اتشبث بها واغلق عينى جيدا حتى لا استيقظ واتمسك بتلك اللحظه جيدا اصغى لكل الكلمات والحروف والضحكات حتى استعيدها عندما لا اجدك واتسلل اليها اختبئ بينها من قسوة الحياه فانا اخبئ نفسى بين احضانك مطمئنه الى ان صدرك يتسع لى وبانك تستطيع ان تحتوى كل ما أشعر به وبانك الوحيد الذى انتمى له وبانك وحدك من يستطيع ان يحررنى من حزنى ومن خوفى وألمى وبانك وبانك وبانك وبانك ولكنى اصطدم بكونك لست الى جوارى وبأنك لست هنا وبأنى هنا بدونك
فأقف وحيده ........اعجز عن الحركه
تتجمد اطرافى رغم قطرات العرق على جبينى
افقد توازنى رغم وقوفى صامده ,احاول ان اتنفس فلم يعد هناك هواء من حولى ولكنى لا اختنق ما زلت اتنفس
بقايا من روحى تعود لتسكن جسدى وحيده ,خائفه ,طفله مرتجفه تبحث عنك فقد اصبحت ضعيفه ,هشه لا تحتمل تلك البروده التى تحاوطها وتسرى فى عروقها,تنتظرك تلك الطفله لتخبرك بانها تثق بك وتعلم بانك لن تخذلها ابدا فقد خذلها الجميع وتركها بقايا تحاول ان تظل على قيد الحياه ما أهتم احدهم ابدا ان يبحث عن تلك الطفله التى ضاعت ذات يوم فى دروب الحياه واخذت انت بيدها وكفكفت دموعها وضممتها لصدرك واخبرتها بانك لن تتركها مرة اخرى وحيده اخبرتها بانك ستعاقب كل من خذلها بانك ستشترى لها الحلوى وستلهو معها ببالونات العيد بانك ستزرع لها على نافذتها ياسمين وازهار تعانق الشمس كل صباح بانك ستدلل الطفله وتحميها وتؤنسها وتحكى لها حكايات كثيرة حتى تغفوا وتنام مطمئنه
وبين جفونها حلم تتمنى الا يتسرب من بين اناملها عندما يأتى النهار

هناك 6 تعليقات:

  1. استوقفتى هذه
    الجملة:مازالت تجلس
    وحيده محاطه بالألاف البشر
    هكذا ارى حالى دائماً
    فحولى بشر كثير
    ولكنى وحيدة

    ردحذف
  2. جميلة جدا خاطرتك

    فيها ذلك الأريج القادم من بعيد محملا ببراءة الطفولة و أحلامها البسيطة الرائعة أيضا

    سلمت يداك اختى مها و دام قلمك الرائع

    تحياتي

    ردحذف
  3. ليست المشكله ياعزيزتي الجدران المليئه بالاطر الفارغة ، المشكله الروح التي ثقبتها الصور الراحله ، ترحل الصور والاشخاص ويتركوا الروح بخوائها ....
    وننتظر القطار ولا يأتي وحين يأتي نتشبث باماكنا نخشي الرحيل لحيث المجهول ، ومابين انتظار الرحيل ومابين الخوف من المجهول، تضيع السنوات والامل ..
    ولا يبقي الا الحلم ، بان تعود الارواح الضاله لاطرها الفارغه تصالحنا علي الدنيا ..
    لا يبقي الحلم ...

    ردحذف
  4. مجدي السباعي
    مشاعر حزينه جدا ..تعبر عنها الكلمات فتضع صوره حزينه داخل الاطر الفارغه
    لكن اعجبني لحظه التماسك في مقولتك...
    "فى لحظه ما تتوقف وتقرر ان تلملم ما تبقى منك والمضى بعيدا عنهم ,ربما هى رغبه فى الاحتفاظ بجزء منك لم يفلحوا فى كسرة"

    ردحذف
  5. كل سنة و انتِ طيبة يا مها

    و عيد أضحى سعيد عليكى و على الأسرة

    (:

    ............

    معلش بقالى بوستين مقرتهمش بس لظروف ربنا يسهل و هقراهم

    (:

    ردحذف