16‏/01‏/2017

البحث عن وجه بلا ملامح


تمضى الأيام وتمضى ومع مضيها اخشي أن افقد نفسي، اعلم جيدا بأنني تغيرت، أتحول ببطيء لتلك التي أخشاها، تغيرت يا صديقي وكلما حاولت الفرار من تلك الحالة أجدني اقترب أكثر منها، دائما ما أكون غريبة في كل مكان، لم احظي يوما ببيت يحمل بين جدرانه ذكريات طفولتي ومراهقتي وشبابي، لم احظي بحب أول أتذكره فأضحك لبراءته وسذاجته.
كانت دائما كل البيوت مجرد مراحل تمتد لعام أو أعوام، ولكنها مجرد مرحله وتنتهي بالرحيل بلا عودة.
حين تحمل عمرك في حقيبة وترحل بين المدن والبيوت والبلدان، تكتشف بأنه لم يكن لك يوما صديق طفولة حقيقي، لم يكن لك صديق درب، ربما لذلك كان هناك دائما صديق خيالي أحكى له، فهو الوحيد الذي كنت اعلم جيدا بأنه سيكون معي متى رحلت.
لم انتمى أبدا لأي مكان أكون فيه، دائما اشعر بالغربة والخوف والرغبة في الرحيل، وحين كان المكان مناسب، اكتشفت بأنه لم يكن الوقت مناسب
انه دائما فارق التوقيت، ربما لذلك اشعر دائما بأنني لا انتمى لمكاني.
هل تعرف بأنني حين اكتب لك اترك كل شيء من حولي، واكسر حاجز الصمت الذي احتمى بجدرانه واهرب لك؟
اكتب واكتب، لا اعبأ بالضجيج الذي يمتد بداخلي ويستوطن روحي، لا اهتم بتلك الصور المشوشة التي تتراقص أمامي، اهرب منها، اركض لبعيد لأكتشف بأنني اركض إليك.
من الغريب أنني أصبحت اهرب من الكتابة، لا اعلم ما الذي يحدث حين اقترب من الأوراق تضيع الكلمات، كثيرة هي الرسائل التي اكتبها وأمزقها وأعاود كتابتها.
يقولون بأنني أستطيع السيطرة على مشاعري، لا اعلم مدى صحة ذلك، ربما أصبحت امتلك زمام أمري كثيرا مؤخرا، ولكن ما زالت تلك المشاعر تقفز بداخلي، ليتني أستطيع أن اختبئ داخلك، لم اعد أقوى على شيء، لم اعد افهم ما يدور من حولي، انظر في بلاهة لما يدور وازداد صمتا وحيرة وخوفا، للحظات راودتني فكرة الهروب لعالم أخر ولكنها غير مجدية، فأنت ستهرب من الناس ولكنك كيف تهرب منك، ربما تراودني فكرة الموت أحيانا ولكن ليس الانتحار، فانا لا أستطيع أن أنهى حياتي بكامل إرادتي.
دائما هناك ما يدعوني للبقاء والمحاولة من جديد، الم أخبرك بأنني تغيرت كثيرا ولست راضيه عن تلك التي أصبحت أنا، ليتنا نستطيع أن نبدأ من جديد بتلك البساطة التي نشاهدها في الأفلام، ليتنا نستطيع البداية وتجنب كل ما كان، أتعبتني تلك الدائرة المُفرغة التي أدور بداخلها يا صديقي، دائرة من الحيرة والغضب والحزن والثورة.
ليتني احصل على تلك اللحظة التي استكين على كتفك، وتربت على كتفي وتحتضنني وتخبرني بأن كل شيء سيكون على ما يرام، أخبرتك كثيرا بأني مرهقه، أصبحت أقولها كثيرا في الآونة الأخيرة، نعم متعبة أنا.
هل هذا ما يقولون عنه اكتئاب؟
لا اعلم..... ربما، فقد أصبحت أميل للصمت والجلوس وحيدة كثيرا، اهرب إلى الفراغ من كل شيء، أحدق طويلا في تلك الشاشة دون أن اكتب شيء، مجرد كلمات أو صور تتزاحم أمامي ...اهرب إليها، كل محاولات الهروب من تلك الحالة فاشلة.
رنين الهاتف أصبح يؤلمني، انظر طويلا لوميض الشاشة حتى يخفت وتعود مظلمة من جديد، كثيرا ما ابدأ في محاوله للاتصال بشخص ما ولكن أتوقف، ماذا سأقول؟
لم يعد لدى قدرة على الكلام أو الحكايات أو حتى الاستماع، الرغبة في الهروب مؤلمه، تشعرك كم أنت وحيد.
اعلم بأنني أتحول من السيئ للأسوأ، لا أستطيع العودة أو حتى البقاء في تلك المرحلة دون مزيد من السوء.
أتعلم.... الشيء الوحيد الذي لم يتغير أبدا بداخلي هو حنيني إليك، يتغير كل شيء وتظل أنت الحقيقة دائما، ربما لأن حياتي ما كان فيها حقيقة إلا أنت.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق