15‏/01‏/2017

كل هذا سيمضي


دائما ما كنت اعلم بأن هناك حتما رسالة ستكون الأخيرة، ربما لا اعلم متى تكون؟ أو ماذا سيكون فيها؟
 لكن دائما هناك لقاء أخير، رسالة أخيرة، افتقد مكالماتك الطويلة وتلك السريعة المقتضبة التي كان يطمئن كل منا على الأخر من خلالها.
"كيفك أنت"
كما تنطقها فيروز وهكذا كنت تحب أن تقولها، ربما كانت أحاديث ساذجة كنا نسرقها من الزمن، ولكنها أبدا ما كانت مجرد أحاديث، لم تكن تحمل أحاديثنا تلك الأسئلة العادية عن يومك أو يومي، كنا نتحدث كأننا معا، كنا نتجاوز كل ما هو بديهي وعادى.
كلانا نعلم أننا بخير وأننا نمضى اليوم، كان هناك ما هو اكبر من ذلك يجمعنا ويحتوينا، كنا نبدأ الحديث بلا مقدمات ولا عتاب ولا أسئلة، نتحدث كأننا لم نصمت أبدا، دائما ما كنا نكمل حوار لم ينتهي، ونتوقف دون وعد لإكمال ما بدئنا وكنا دائما على وعد.
رسائلنا المتتالية، أحاديثنا المتفرقة، تلك الطلاسم التي ما كان احدنا يبذل مجهود ليفهمها، فكل منا يفهم الأخر جيدا، وحدك من كان يدرك وجع قلبي فيحتضنني كلما التقينا وتمنحني دفئك و ونسك.
كثيرة هي المواقف الغريبة التي تضعنا فيها الحياة، هي في الأغلب مجرد علامات في طريقنا، ربما لا نفهمها ولكن يوما ما سندركها.
قبل أن اكتب لك كنت أتساءل كم عدد الأشخاص الذين وثقت فيهم؟
ربما قليلون جدا ولكن لم امنح روحي لأحد سواك، منحتك روحي بكل تفاصيلها وندوبها دون خجل ...دون خوف، دون تفكير.
لازلنا نلتقي صدفة رغم كل ما يجمعنا وكل ما بيننا، فبعض العلاقات تأسرنا وتجذبنا إليها من التيه والضوضاء التي تحاوطنا.
ليتنا نستطيع العودة بالزمن، لعلنا نكتشف حاضرنا من بين طيات الماضي.
أتسكع في ذاكرتي ابحث عن شيئا ما يدعوني للبقاء، فنجان القهوة وتلك الشرفة التي تطل على الفراغ، تلك الطقوس اليومية البسيطة التي تمنحنا قليل من الحياة، أدرك بأنها ليست إلا محاولات للتخلص من الخوف.
دائما ما أشعر بأن روحي ليست إلا زجاج هش اخشي عليها من الكسر، فهي لا تحتمل أن يرتطم بها شيء، ستتهشم وتتناثر، ربما هي مُهشمه ....مفتتة...لا شيء فيها سليم.
كثيرا ما أصرخ بأنني قوية ...أقوى كثيرا من كل تلك الصدمات، ولكن أتعلم بأن هذا الشعور مؤلم جدا.
محاولات الصمود ترهقك، هي مُتعبة للروح حتى انك لا تطيق الاستمرار في تلك التمثيلية، ليتني أتحرر من الخوف وانطلق بعيدا عن أسواره، لقد أدركت منذ زمن بأن هذا الأرق الذي يلازمني ليس إلا وليد هذا الخوف من مجهول، يأتي المساء حاملا معه غطاء من الشوك يسدله على كل ما حولي، كل محاولات الهروب منه فاشلة، كل محاولات النوم فاشلة.
أصبحت أغوص في تلال من الرمال حتى اسقط من التعب والإرهاق
ماذا يحدث لي؟
ما الذي يجعل من عقلي الباطن ساحة لمعركة لا اعلم من أطرافها؟
معركة يعلوا صوتها ولا تهدأ أبدا، ويمضى المساء وحين استيقظ اخبر ذاتي بأن كل هذا سيمضى، وبأنني يوما ما سأنتصر في تلك المعركة وأنعم ذات مساء بأمسية هادئة ونوم هادئ.
يوما ما سينتهي كل هذا، يوما ما سينتهي الخوف ....يوما ما ستكون رسالتي الأخيرة.

هناك تعليقان (2):

  1. اول مرة بقرا شي بياخدني على عالم تاني كانو الحكي اللي بقلبي محبوس نكتب بسطورك وكانو كل هالالام اللي جواتي نوجدت بحروفك شكرا الك من كل قلبي انت مبدعة واحاسيسك جميلة جدا وبرجع بقلك شكرا الك من كل قلبي وبالتوفيق

    ردحذف