20‏/02‏/2012

8-تفاصيل ساكنه



إنها مجرد ساعات أخرى نمضيها في مطار ما, لننطلق منه إلى حدود جديدة ومكان مختلف ووجوه لا نعرفها ,ربما ننسج هناك قصه أخرى نضمها بين ضفتي كتاب العمر كما تحب أن تسميه
 دائما ما تحب أن تقطع الوقت الذي تمضيه في المطارات في نظرات سريعة متعمقة للوجوه المحيطة بها ولتفاصيل المكان الذي يخلقه كل منهم حوله

 فكل شخص يجلس هنا يخلق من حوله هاله خاصة جدا تمتزج مع حدود المكان العام ببعض التفاصيل الصغيرة العفوية فيكتسب ذاك المكان  خصوصية تمتزج بكيان الجالس 

ربما اعتيادها على ارتياد المطارات اكسبها بعض الخبرة في معرفة الأشخاص من بعض الملامح التى ترتسم على وجوههم ومن التفاصيل التي يضفوها على مكانهم ,وأيضا من بعض المتعلقات الشخصية التي يحملوها معهم
هو ليس بفضول ولكنه عدم الرغبة في الجلوس بمفردها بمكان غريب تجهل ملامحه ولا تشعر بألفه معه
 فهي تحاول أن تنسج ما بينها وبين الاماكن نوع من الود والانتماء لها كنوع من أنواع التواصل ,تحاول ان تجعل مابينها  وبين الجدران المحاوطه للمكان  تواصل بشكل مالكأنها تحاول ان تنتمى له  
هي دائما في ترحال حتى أنها اعتادت الرحيل وأصبحت لا تخبر احد بموعد مغادرتها ولا عودتها فهي لا تحب طقوس الوداع  وكذلك الاستقبال بما تحويه من عبارات معتادة أصبحت تستمع لها وتردد إجاباتها بروتينيه قاتله  
 تفتقد الأشياء والأماكن أكثر من افتقادها للبشر لعلها تنتمي لها ولا تنتمي لهم, فهي تشعر بان تلك الأشياء الخاصة تنتظرها بلهفه وتترقب عودتها ,تشعر بدفء عندما تلمسها بأناملها فهي عندما تستعد للرحيل تودع تلك الأشياء بلمسات حانية لكأنها تخبرها بأنها لن تنساها وستعود لها حتما فى يوما ما
وبعض البشر تنتمى له بتفاصيل صغيرة ,بنظات عابرة,لمسات صغيرة ,تشتاق العودة لتفاصيله
تنهدت وهى تنظر لعقارب الساعة وهى تتحرك ببطء نحو ساعة الانطلاق رتبت تلك الحقيبة الصغيرة التي تلازمها في يدها بعض الأوراق وبعض الأقلام ,دائما ماتمتلئ حقيبتها بوريقات تحتوى سطور قليله أحيانا تكتمل وأحيانا تظل مجرد سطور وكلمات لا تكتمل أبدا
حملت حقيبتها الصغيرة في يدها ودفعت الأخرى أمامها وانطلقت للمطار في رحله تعلم جيدا بدايتها ولكنها تجهل نهايتها وتجهل متى تعود منها فنحن نعتاد الرحيل فتصبح المطارات وطن أخر نسكن له ونعود منه إليه انه الرحيل بحقائبنا الممتلئة بأرواحنا وذكرياتنا وماضينا نحملها معنا ونغادر راحلين إلى مكان ما بعيد يطلقون عليه الوطن, نفرغ حقائبنا هناك ونحاول أن نستعيد من ملامحهم ملامحنا المفقودة وأرواحنا الهائمة في الأثير فنجد ما تبقى منها
 فقد مضى ما مضى ونحن في اغتراب وتمتلئ حقائبنا من جديد ونعود لوطن أخر. لا نسكنه...... ولا يسكنا ولكننا نتجول بين حدوده
مغادرين وطن لنا بين حدوده ذكريات ما نحملها معنا
 وبعض الوجوه المتكررة في صور متلاحقة .....فهي ما تبقى لنا من ذكريات نحاول أن نتواصل معها ونتواصل بوجودها حتى لا نفقد كينونتنا في بلاد نرحل لها ونرحل منها
 لم أدرك يوما لهفتي على جمع التذكارات ولم التفت لها فقد كنت اعتقد إنها مجرد هواية سخيفة أخرى أضمها لهواياتي المختلفة حتى توقفت يوما وانتبهت إنها ليست مجرد تذكارات فقط
بل هي جزء اقتطعه من زمن ما واحتفظ به بين طيات دفاتري وبعض الصناديق المغلقة التي ربما لا أعود لها مرة أخرى ولكنها تظل مكانها بين الأدراج محتفظة بنكهة الماضي وعبق حضورهم الطاغي
فحتى لو كان رحيلهم مؤلم فستظل الذكرى المستقطعة هي ما نود الاحتفاظ بها وترك ماسواها
 فسيرحل من يرحل ونظل نحتفظ بما نريد أن نحتفظ به فقط منهم ,إنها لم تكن قط مجرد تذكارات بل كانت لحظات من الحنين الذي تفر إليه هاربا من قسوة الحياة كلما اشتقت لنبض تستشعر دفئه ينتشلك من برودة الاغتراب
 الآن فقط أيقنت معنى فقدان الذاكرة الانتقائي انه محاوله الانفصال عن كل ما يهدد هدوئك النفسي وينتشلك من تلك الحالة الساكنة التي تعمد للجوء لها والبقاء بداخل قوقعتها مستكين في محوله إلا يسلبها منك اى كان او يعكر صفوك اى شئ حتى لو كان مجرد ذكرى
انه الانغماس بكل كيانك فى تلك الحالة تتخللها بكامل إرادتك نافضا عنك كل مايعكر صفوها دون أن تدرك بأنك فقدت بعضك في رحله البحث عن التفاصيل 

هناك تعليقان (2):

  1. جميلة الكلمات ووصف جميل جدا

    ردحذف
  2. حراااااااااااااااااااااام بجد

    إسكندراني

    ردحذف