24‏/08‏/2013

رائحة المدن


للموانئ سحر خاص فحين نتجول بين الدروب في تلك المدن الساحلية التي تحتضن موانئها فتتعلم أن تضم كل المتناقضات بين ذراعيها ,حيث تتعدد الأرواح والأجناس ,تتعد الوجوه والشخصيات
يعتاد سكانها على الاندماج مع كل تلك الارواح التى تجول بين شوارع مدينتهم وفى ذات الوقت يتحولون لكائنات صامته اغلب الوقت تنظر من حولها فى تقديس للحظات 
تختزن الذكريات والملامح والوجوة فهى قد اعتادت على الرحيل واعتادت على انه لن يظل احد هنا كثيرا فلكل عابر مدينه يعود لها ولكل مسافر وطن يشتاق العوده له
إنها تلك المدن التي تتحول انت بداخلها لمجرد ملامح تذوب في أمواج من البشر تموج في دروب المدينة الواسعة,نكتشف بأننا جزء من كل تلك الأجزاء المتناثرة في كل مكان من حولنا لن يهتم لك احد ولن يكتشف وجودك احد
فكل منهم يحاول أن يلملم شظايا سنواته الماضية فكم مؤلم أن تتحول لمجرد شظايا تكسرت كزجاجة عطور يتناثر شذاها عبر المدن والمنازل والدروب
تسير بين الطرقات تنظر لتلك الملامح المختلفة شاردا تبحث في الفراغ عن ملامح تشتاق لها ,تنتظر أن تظهر لك في كل ملامح تمر من حولك
هل حقا هناك ملامح تمر عبر مسامك لتستوطن روحك إلى الأبد
هل من الممكن أن يتسلل صوت عبر مسام جلدك ويستقر بداخلك ويتردد كلما احتجت لأن تشعر بالثقة والأمان
تتساقط الأسئله على جبينك كقطرات مطر تنهمر باردة على جبينك فتطفئ حرارته ولكنها أبدا ما كانت تطفئ نار اشتياقك لإجابتها
فمن تكون أنت في تلك المدينة الواسعة
من تكون أنت بين كل تلك الوجوه التي تسير في بطئ
أنت مجرد عابر سبيل أخر يعبر الطرقات يأتى المدينة من الفراغ ويذهب للفراغ
لن تهتم له كثيرا المدينة ولن تفتقده طرقاتها
متى تنسانا المدن ومتى تلفظنا بعيدا عنها
تراها تلفظنا حين تشعر برفضنا لها
أم إنها تشعر بعدم انتمائنا فتقرر أن تُلقينا بعيدا عن حضنها ,لنظل أغراب عنها وعن وجوه سكانها
أتشعر أرواحنا بحنين لمدن بعينها ,وتشعر بأنها دخيل على مدن أخرى ولا تستطيع أبدا الانصهار بين سكانها
ليتنا نستطيع أن نفهم كيف لأرواحنا الشفافة أن تشعر بكل تلك المشاعر المختلفة ولا تنهار
تتلاطم بداخل أرواحنا كل المشاعر المتناقضة في المدن الغريبة ,فحين نكون في الغربة نصبح فريسة لكل تلك اللحظات, ما بين أمواج الحنين وأمواج الرفض والغضب
من الصعب ألا تشعر بأنك تفتقد تلك الأماكن التي احتضنتك ذات يوم حد الألم ومع ذلك أنت على يقين بأنك لن تعود لها أبدا
انه الفراغ المميت الذي يحاوطك ذاك الفراغ الذي يتركه رحيل كل غالى عنك
ربما ليس الرحيل هو ما يؤلمنا,انه انتزاع الروح من الروح ما يؤلم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق