10‏/08‏/2018

للحكايات بدايات جديدة

حين كانت تنتهي تلك المحادثات الطويلة بيننا كنت احلق في سماء الحلم كعصفور اكتشف بأنة يستطيع الطيران.
كان وقع كلماتك يظل عالقا في قلبي، يشاركه نبضاته فيضخه كحلم جميل يسرى في شراييني.
كنت أنهى حديثنا وأتسكع ضاحكة في أرجاء البيت، أتلمس الجدران التي شاركتنا الكلمات، اضحك كثيرا واركض كطفلة اكتشفت بأن هناك عالم أرحب من عالمها لم تكن تدرك انه موجود.
كنت اكتشف كل شيء معك من جديد، أو ربما كل شيء معك مختلف، ربما السر في أن روحك تعرف جيدا كيف تفهم روحي وكيف تلمس أوتارها ببساطة وهدوء.
كنت تمنحني الفرح، تلك الكلمة البسيطة التي تستطيع وحدك نسج وشاح منها لأتدثر به في كل وقت كلما تذكرتك.
أخبرتني قارئة الأرواح بأنك حتما ستعود، ربما بداخلي كل اليقين بأنك ستعود ولكن اخشي أن أسير خلف يقيني فأصل إلى سراب.
لا يدرك قيمة الأشياء إلا فاقدها وأنت وحدك من يعلم ماذا فقدت وكم تعثرت وهويت وتكسرت روحي، مرة أو مرتين ربما ثلاث مرات، وربما العديد من المرات التي هوت احلامي في بئر عميق وكنت لا ارجوا المستحيل، وبالرغم من كل ذلك لم انكسر وظلت روحي تهفوا لذاك الضوء في نهاية الطريق.
كنت دائما أنت ذاك الرائع الذي أشبهة ويشبهني، كيف لأرواحنا أن تتشابه إلى هذا الحد وتختلف في ذات الوقت، أتدرك بأننا كنا نتحرر من واقعنا لنحلق معا في عالم من الأحلام، ربما لازلت افتقد صوتك وضحكاتك وتلك الكلمات المبعثرة حين تصاب بنوبة خجل، وذاك الحرف الضائع من حروفك، اشتاق لذاك الطفل الذي كان ينطلق حين يكون معي، تفاصيلنا التي ما استطاع سواك أن يشاركني فيها أو يقترب منها أو حتى يتفهمها.
 تلك الأغنيات التي كانت في خلفيات أمسياتنا لا زالت تمنحني ابتسامة حين استمع لها، وتلك الأغنيات التي كنت تدندن بها لازلت اسمعها بصوتك حين تعبر نغماتها أحلامي.
كنت اعتقد بأنني اعتدت الغربة واعتدت على غيابك وبأنني ما عدت أبالى بشيء، ولكني ها أنا اكتشف بأنك أبدا ما رحلت، وبأنك كنت دائما هنا تسكن الروح ومازلت افتقدك واشتاق لك وابحث عن دفئ العلم بين يديك.
مهما حاولت أن أوهمك بأنني نسيت ورحلت لا تصدقني فأنت حاضر في كل خلايا جسدي ونبض قلبي، برغم الكثير من الليالي الحزينة في غيابك وكثير من الفراق والوجع والدموع، حين تخيلتك أمامي أدركت انك الحقيقة الوحيدة في حياتي، بأنني من الصعب أن أتجاهل وجودك كالوشم على روحي.
أدركت بأن العمر لا يكون إلا حين تكون أنت، ربما كنت أعيش ولكن لا احييا فمعك وحدك تكون الحياة.
حين رأيتك أدركت بأن المطر كان ينتظر حضورك لترك تلك الغيمات ويرقص رقصته المجنونة من حولنا، فالغيمات لا تلهوا في السماء إلا فوق اجنحة حلمك وتلك النوارس تقرر العودة حين تناديها.
لا تصدقني حين أقول نسيت فأنا لا اكتب إلا لك....وعنك ولا اشعر بكلماتي إلا حين تقرأها أنت وتبتسم أو تصرخ وتقفز فرحا بحروفي فوحدك من تفهمها ووحدك من يمنحها الحياة.
لا تصدقني حين أخبرك بأني لم اشتاق لك وأن الحنين لم يعد يشدني لك، فأنا لازلت احتفظ بتفاصيلك في حقائب سفري لتكون معي حين ارحل، أنا تلك المدينة المهجورة في غيابك لا أمان فيها ولا حياة، الفراغ محطتي الأولى والأخيرة حين لا تكون هنا، كل مقاعد المحطات تشابهت وكل القطارات حملت معها أحلامنا وأمانينا ورحلت.
لم اعد أنا حين لا تكون هنا فكيف لسواك أن يملئ ذاك الفراغ بحجم الكون الذي تركه غيابك، أدرك جيدا بأننا تغيرنا وبأن الزمن ترك أثاره على أرواحنا، ولكن أنا على يقين بأنك لازلت أنت ذاك الفارس الذي يحمل على كفة احلامه ويمتطي صهوة جواده وينطلق في تلك الأرض الشاسعة لينثر الأحلام.
دائما ما كنت أراك كأبطال الحكايات الأسطورية، تلك الحواديت التي نحكيها للأطفال قبل النوم، هناك شيء ما ألمسة في روحك وأدرك جيدا بأنك يوما ما ستكمل معي الحكاية التي لم تبدأ بعد.

هناك تعليق واحد: