24‏/08‏/2013

الرساله الأخيرة



انه الزحام الذي يبتلع كل شئ ,فتجهل متى تكونت علاقات بعيده ,ومتى انطفئ وهج أخرى ,ومتى انفصلت فروع عن جذورها ,ومتى نمت الجذور في ارض أخرى
إنها تلك الروابط الواهية التي تتمزق سريعا ,وتلك الأخرى التي تتحول لسلاسل فولاذيه
تزداد صلابة كلما زادت قسوة الحياة عليها
ربما هي الحياة ورحلتها الطويلة التي من الممكن أن تجعلك مع الوقت تتحول لتلك المحطات التي تمر من أمامها كل القطارات ولا تتوقف
فهى لم تعد تستطيع استقبال اى وافد جديد ,ربما تكون قد اكتفت بالبقاء مكانها في ثبات والنظر لكل تلك الوجوه المختلفة التي تنظر لها من خلف نوافذ القطارات
فنحن نسكن أماكن لسنوات ولكن أرواحنا لا تنتمي لها وجدرانها لا ترحب بنا بينها وغيرها تمنحنا ابتسامة ترحيب واسعة حين نقترب من أبوابها وتضمنا إليها بحنان,فأنت والمكان حكاية لا تنتهي
يسكنك المكان وأنت تسكن الحلم
فأنت تمتلك الأحلام الفضفاضة وليتك تستطيع التمسك بها كثيرا ,أتخاف الاقتراب منها ,أو لعلك ترفض حتى أن تفتح عينيك وتنظر للشمس فتهرب لبعيد وتختبئ حيث لا شمس ولا ضوء يكشف لك حقائق الأشياء من حولك
إلى متى ستحمل خوفك وتستره بكلمات واهية وترفض أن تواجه الحياة بشجاعة
هل نكتشف مع الوقت أبعاد أخرى لأعماقنا
أنكتشف تداعيات الأحداث والأيام وانعكاساتها علينا
أترانا حقا ندرك تلك الظلال التي تتراقص على جدران أعماقنا في صمت
ربما كثيرا ما نمضى متجاهلين كل شئ ,متجاهلين وجودنا وتواجدنا,وتلك الاكتشافات الصغيرة التي تطرأ علينا ,فنلتزم الصمت وكأننا نهرب من الاعتراف بأننا تغيرنا وبأن الحياة فلحت في تبديل ما كنا نعتقد بأنه أبدا لن يتغير
كثيرا ما تريد أن تهرب من ذاك الضجيج الذي يعصف بك, حين تتحول افكاراك لثورة داخليه تملئ كل كيانك ,ضجيج تكاد لا تحتمل البقاء بين صخبه
تتمنى الهروب لبعيد والرحيل لأبعد نقاط الكون
رافض المكوث في تلك الحيرة والصراع ما بين أفكارك الصاخبة ورغبتك في الهروب من التفكير في اى شئ يدخلك من جديد في دوامه من الحيرة ,إنها الرغبة في الوصول لمكان ما ترتاح على شاطئه وحدك
الهروب هو القرار الأصعب والأصدق أحيانا ,فأنت لا تهرب إلا حين تشعر بأنك ما عدت تستطيع أن تصطنع اللامبالاة ....تهرب حين لا تستطيع مقاومة ما تريد .....تهرب حين تصبح ضعيف
فتفضل الهروب على مواجهة الضعف والخوف والانتصار عليهم , الهروب هو الاعتراف الاكيد بالاستسلام
ربما وحدك من يجلس هناك ويحاول أن يحتمي بجنونه من صخب واقعه
تختلط العوالم المختلفة بداخلنا وما بينها بوابات خفيه مغلقه بأحكام ,ليتنا ما كنا عبثنا بتلك الأبواب
فلكل عالم منهم قوانينه الخاصة ,متى حاولنا أن نفتح تلك الأبواب ونسمح لتلك العوالم أن تتداخل وتمتزج , لن نستطيع أبدا إغلاقها
حين تتأرجح عينيك ما بين النظر لبعيد والعودة لأقرب جزء من العالم منك ,ذاك الصراع ما بين الرحيل والبقاء
ما بين أنت الذي تريد وأنت الذي يريده القدر
إنها تلك الفجوة التي لا تعلم ما الذى انشئها بينك وبين كل ما تريد
أنت وحلمك
أنت وحاضرك
أنت وأنت
وكثيرا ما تكون ما بين أنت وماضيك إنها كالثقب الأسود الذي يمتص روحك ويتركك فارغ تبحث عنك
هل فقدت رغبتك في استكمال كشف أوراق الماضي
هل قررت أن تستمر في تجاهل كل شئ وكأنه لا يعنيك مازلت تحاول أن تقرر كيف ستسير بك الحياة أو كيف ستوجه الدفة حيث تشاء أو يشاء القدر
هل حقا تستطيع تجاوز الجدران والعودة حيث مكانك الحقيقي
هل تستطيع أن تمارس من جديد تلك الدهشة المحببة وتلك الضحكات التي تنتشر حيث تكون
هل مازلت بقادر على أن يولد من بين أحزانك الفرح لتنثره على كل من حولك
وحدك من يستطيع أن يجيب على كل تلك التساؤلات
وحدك من يتجاوز حصون ذاته ليتحرر من خوفه
لم يعد يستطيع أن يساعدك احد فأنت تدرك جيدا كل الطرق وتراها أمامك مفتوحة تنتظر أولى خطواتك متى قررت أن تسير من جديد, اختار دربك ولك الخطوة الأولى فلا تتأخر فالأيام لا تنتظر الهاربين كثيرا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق