03‏/08‏/2013

حين تبوح الروح



البوح هو الجلوس على حافة العمر ومشاهده ما حدث لك مع شخص أخر
هو تلك الحالة التي تتخلص من خلالها من أحمال كثيرة أثقلت كاهلك
هو تلك الغرفة المغلقة بداخل كل منا ,يدرك جيدا بأنها تمتلئ بالكثير من الضوضاء والأوراق المهملة
لمن يفتح معه بهدوء بابها ويدخل ليعيد ترتيبها من جديد
البوح ليس مجرد كلمات ,انه أذن أخرى تستمع لك في اهتمام ومشاركه حقيقية لما تقول ,انه مكان ورائحة وذكريات تستمر وتدوم
البوح هو الذى يستطيع استخراج الكلمات منك وليس من تحكى له فنحن نحكى كثيرا ربما ليس بوحا ولكن تذهب الروح لمن يستطيع احتضان وجعها وهشاشتها دون أن تتهشم بين أنامله وإن رحل فلا بوح من بعده ,ليس لأنه لا يوجد من يستطيع أن يحل مكانه أو يقترب من مساحته بداخلك ولكن البوح هو الوليد الذي يرتبط بالحبل السري بأمه وإذا ما انقطع ذاك الحبل يظل مرتبط بروحها, يحب الكثير وينتمي للكثير ولكن لا يصبح ما بينهما أبدا تلك الرابطة السرية
البعض لا نفهم لماذا نحن معهم
لماذا نقبل عليهم بشغف ونشتاق لهم ونشعر بالسعادة حين نكون معهم
هي تفاصيل صغيرة لا نستطيع إقصائها عن ذاكرتنا لا نستطيع الرحيل عنها أو منها هي تسكنا ونحن ننتمي لها هي تفاصيل تتجاور لتصنعنا وتعيد تشكيلنا من جديد
ما أصعب أن يجمعك بأحدهم تفاصيل صغيرة
ما أصعب أن تتشكل الحياة بينكما من العديد من التفاصيل التي تتجاور في هدوء وبطء لتشكل لوحه تجمع تفاصيل كل منكما معا
لا اعلم إن كان صحيح ما اقول أم لا ولكن اعتقد إن للبوح قدسيه خاصة فالبعض لا يجيد البوح أو الحكى بالطبع يتحدث كثيرا ويمتلك الكثير من المقربين إلى نفسه ويحكى لهم ولكن البوح بما تمتلك الذات
الخوف,والرهبة,والحلم,والوجع ,والضعف والألم
لحظات الشجن والحنين ودموع القهر
لا يستطع يوما أن يصيغه في كلمات لأحد حتى وان حاول أو كان من المقربين له حتى تلتقي إنسان لا تدرى ماذا حدث أو كيف حدث فقط هو من يستطيع أن يجعل الكلمات كسيل لا ينتهي تتساقط أمطار غزيرة بكل مخاوفك وأوهامك وأحلامك وحالات الضعف والقوة وتلك الأشياء الصغيرة التي تخفيها عن كل العيون ,صفعات الحياة وكثير من الجروح التي تواريها عن كل العيون إلا من اختارته الروح لتبوح له
تستطيع القول أن الروح تدرك جيدا لمن تبوح
وتلتزم الصمت حين لا يكون هو معك
فالتجول في المساحات الفارغة المتروكة في روح كل منا هو رحله لا تستطيع أن تثق كثيرا فيما يترتب عليها
البوح مابين الغموض و الوضوح ,البوح مابين الراحة والوجع
كثيرة هي الكلمات التي تحملها الروح ,كثيرة هي أوجاعها التي تختفي خلف ابتسامات الحياة
تمتلئ الروح بملامح وتفاصيل الأيام ,أمواج عاليه تتلاطم على شواطئها تحتار أين ترسوا
نعم فتلك الروح الشفافة تحمل الكثير ,وكم تمنت أن ترتاح ولكن القدر له الاختيار الأول في أين يضعك على خارطة الحياة والأيام
فالكلمات هي التي تختار من يحتضنها وتختار من تحلق معه وحوله وله
انه البوح ..... السر ....والحكاية..... والتفاصيل
تلك اللحظات التي تستطيع تشكيل دائرتك الخاصة وحدودك من خلالها
بكلماتك الأولى تستطيع استباحة حدود روح الأخر فتلك الكلمات البسيطة هي التي تقول لك من يستطيع الاقتراب من روحك ومنك في صدق وهدوء دون أن يتطفل عليك أو أن يقتحم دائرتك الخاصة, بل هي التي تفتح له وترحب بوجوده بداخلها فهي معه حرة بلا قيود
ربما يمتلكون سحر خاص في احتضان الكلمات فترتمي في أحضانهم سريعا وبهدوء لتطمئن معهم
هل يُهدينا حدسنا إليهم..... هل ترشدنا عناية الله لهم ,لهؤلاء الذين يعيدون معنا كتابة السطور من جديد ويتركون كثير من تفاصيلهم الصغيرة بين سطورنا وعلى لوحاتنا وفى كثير من الأحيان على تلك الصور التي نلتقطها والألحان التي تداعب أروحنا في هدوء وشجن
فالأرواح لا تضل سبيلها عبر الأثير أبدا فهي تذهب إلى حيث تشعر بالراحة والسلام حتى وان ضلت ومضت لبعيد تعود حيث تطمئن

هناك تعليق واحد:

  1. حين تبوح الروح !!! من يختار ومن ينتقي ولمن يطئمن ، من يفلح ينطق الروح لتبوح ومن يتركها خرساء عاجزه لاتنطق !!! الروح تنتقي وصلها مع من يستحق وحين يستحق لايفقد ابدا حقه في وصل الروح وبوحها ، ربما الصمت او الخرس احيانا يسيطر علي المشهد ، لكنهما ابدا لا يفلحا يغيرا الواقع ، الروح تنتقي من تبوح له لانه اطمئنت ، وحين اطمئن مره لاافقد طمأنينتي ابدا !!!
    الارواح فعلا ياصديقتي لاتضل سبيلها ، قد تصمت ، قد تخرس ، قد تحزن ، قد ترهق ، لكنها وقت تقرر تبوح ستبحث عن من اطمئأنت اليه لتبوح !!!
    قد يطول الانتظار لكني الروح ابدا لاتفقد الامل ...
    وكيف تيأس وهي تعرف ان احد لن يفلح يمنحها طمأنينه البوح الا من اختارته !!!!

    ردحذف