23‏/06‏/2011

23-فى المدينه هناك


دائما ماكنت افكر ان اترك تلك المدينه الصاخبه المتسعه والمجئ الى مدينه فارغه من الضوضاء خاليه من الصخب مدينه يمتد الافق فيها متسع امامى بالرغم من كونى شخص اجتماعى لا اميل لتلك الوحده التى يحاوط البعض نفسهم بها الا اننى اميل للسكون
اميل لتلك الاماكن الحميميه التى تشعر بين جدرانها بالدفء ,بكيان خاص بك يتبلور فى تلك القطع التى تمنحها مزيج من روحك ومن وجودك ,ربما هو الميل الفطرى للانتماء لمكان ما ,عندما قررت اختيار بدايه جديده اخترتها هنا فى تلك المدينه التى ربما يهرب منها البعض لبعدها عن المدينه الرئيسيه ولكن بالنسبه لى هى الاختيار المثالى لمجنون مثلى كائن يعشق كل ما هو حميم ويبنى دائما الكثير من الجسور مع كل ما يحيط به
فربما يشعر بانجذاب للوحه ما ويشعر بان هناك ما يجعله يرتبط بتلك اللوحه دون سواه
كثيرون هم من يصفونى بالجنون فابتسم وازداد التصاقا بجنونى فانا وحدى من يفهم فلسفتى الخاصه ,كل ما أنتمى له اقترب منه
كانت تلك الافكار تدور فى مخيلتى وانا اعطى ظهرى لتلك المدينه الكبيرة وانسلخ منها واقترب من عالمى ,فى بعض الاحيان يكون الاختلاف عن الاخرين مؤلم ويزداد وجعك كلما اكتشفت الاختلاف وزادت الفجوه بينك وبينهم ,وتبتعد كثيرا فكلما حاولت تجاوز الاختلافات زادت عمقا بينكم,تراه فى نظراتهم فى تلك الكلمات التى تحمل معنى الاستثناء فدائما انت فى طرف والجميع فى طرف اخر
تختلط معهم ولكنك ابدا لا تندمج فهناك شيء ما يتوقف بينكم لا تستطيع ان تتخطاه ولا يستطيعون عبوره دائما يقف كل منكم فى منتصف الطريق
ربما كان هذا هو السبب الرئيسى لقرارى فى الخروج بعيدا لخلق عالم اجد ارتباط ما بينى وبينه
اجد متعتى فى القياده على تلك الطرق الطويله فى بعض الاحيان اتسلل اليها دون وجهه معينه ولكن محاوله لصفاء الذهن واعاده ترتيب ابجدياتى الخاصه ,كثيرا ماكنت اقرر القياده ذهاب وعوده خلال الطريق السريع دون هدف محدد سوى الهواء الذى يتسلل من النافذه وتلك النغمات التى تملئ المكان من حولى وكوب القهوة الذى اهتم كثيرا بان يكفينى لساعات
ربما لا اهتم بان اتناولها كثيرا ولكن يكفينى مذاقها فى فمى ورائحتها تحاوطنى
دائما ما كنت اختار بدايات الليل لانطلق واعود مع ساعات الفجر الاولى لالتصق بفراشى واغفوا طويلا
ربما لم اصل لتلك الحاله كثيرا ولكنى كنت احتاج لبعض الوقت للخروج منها اذا ما سيطرت على كيانى القياده المتواصله طوال الليل
اللجوء لمكان نائي مظلم والجلوس لساعات وساعات كثيرا ماكنت اجهل عددها حتى ينتشلنى منها ضوء النهار
مازال الطريق يمتد امامى وكلما ازداد اتساعا شعرت براحه تتسلل لى
يتهمنى الجميع بالجموح فى كل شيء علاقاتى ومشاعرى وهدوئى حتى احزانى وفرحى
ربما يكون ذلك صحيح فانا اغرق فى كل شيء حتى الثماله اتوحد مع مشاعرى ربما هو الحزن الذى احاول التخلص من تلك المظاهر المصاحبه له ولكن يستغرقنى داخليا ويمتد بين حنايا قلبى يمزقه
فى تلك الاوقات اتمنى ان اتحرر من ذاكرتى اتمنى نزعها وتمزيق مالا ارغب والاحتفاظ بما اريد فقط ربما تحتاج لقوة واراده اعاده ترتيب الذكريات من جديد تراها قابله للتطبيق عمليا ان تقوم اراديا بأسقاط مالا تريد تذكرة واسقاطه فى قاع ذاكرتك فى حاله اشبه بفقدان الذاكرة الجزئى ابتسم كثيرا لتلك الفكرة واخذتها احاول بلورتها لعلى انجح فى تطبيقها ذات يوم
مازال الليل ممتد ومازال ابتعادى عن تلك المدينه مستمر نظرت فى انعكس اضوائها امامى لعلنى اشعر بارتجافه حنين لها ولكنى ما استطعت ان اشعر بحنين لها فقد كانت قاسيه بما يكفى لتنزع منى كل حنين
ام ترانى انا جاحد لها لم اعد استطيع التميز بين اختلاط مشاعرى كثيرا ما أحاول ان استجدى حنينى لبعض الاشخاص الذى كانت تربطنى بهم صله فى ذات يوم ولكن سرعان ما يغلب على مشاعرى ذكريات قسوتهم ونكرانهم لمشاعر كانت يوما بيننا فاشعر بالنفور من مجر الفكرة واحيانا اقع فريسه صراع ما بين الحنين والسخط
فاهرب منهم لبعيد واحاول ان اتخيل بان من اشعر بالحنين لهم رحلوا بلا عودة رحلوا كما هم بكل ما أحمل لهم من حنين وبان من مارس القسوة معى اخرون لا اعرفهم التقيتهم ذات صدفه فى الطريق يحملون قلوب جوفاء ومشاعر بارده
ولكن من احببتهم رحلوا بكل دفئهم وحنانهم وماكان بيننا ,انه نوع اخر من الهروب امارسه فى محاوله للتصالح مع ذاتى وعدم القسوة عليها انا الاخر
انها تلك المدينه التى لفظتنى بعيدا عن بيوتها وشوارعها
لفظتنى بعيدا عن اهلها فليس لى فيها جدار استندت عليه ذات يوم وليس لى فيها بيت يفتح ابوابه فى ليله العيد
غرباء معا
غريب انا عنها
غريبه هى عنى
كلما قررت الاقتراب منها زادت ابتعاد عنى فقررت تركها والرحيل لمكان لا يعرفنى هناك احد ولا اعرف احد ربما عندما اتواجد هناك لا اشعر بالغربه
فهى ليست بمدينتى فلن اصبح عنها يوما غريب
مازالت ذاكرتى تمارس مشاغباتها معى وتقفز بكل مالا اريد تذكرة امامى اتلك هى ليلة الصراحه التى اقضيها معى.......ربما
بعض المدن لا تجيد فهم ارواحنا,لا تتقن فن الغوص فى اعماقنا
هى مدن صامته
بارده لا تمنحنا فرصه الاقتراب منها والتواصل معها دائما هى فى ابتعاد عنا ودفعنا للهروب منها
للمدن روح اخرى قليلون هم من يشعرون بها وقليلون هم من يستطيعون التحاور مع مدينه ما
ومازلت انا المجنون الاوحد الذى يعشق مدينه وتصبح حبيبته وينفر من تلك, ويمتلك القدرة على ترك كل شيء خلفه والرحيل منها لأنها تكرهه
كثير ما نتساءل ما لذى يربطنا بمدينه ما
ذكرياتنا
اوقات امضيناها فيها
ام وجوه الفناها هناك
ربما جميع تلك الاشياء ولكن الغريب ان كل تلك الاشياء ايضا تنزعنا منها انتزاعا فأحيان نختار الابتعاد عنها لان فيها ماضينا ,فيها وجوة نعرفها ولكن نجهلها
عند النهايه وعند الرحيل يكون كل شيء صادق
كل المشاعر واضحه
كل الكلمات حقيقيه
نقرر فى لحظه الرحيل ونتحمل اعباء الرحيل بعد ذلك ولربما استمرينا فى دفع الثمن لباقى العمر ولكنه فى اغلب الاوقات يكون هو القرار الصائب حتى وان كانت اللحظات التى تليه هى تسديد لتلك الفواتير الخاصه به
دائما ماكنت انظر لما سياتى بعد القرار الذى سأتخذه ولا اقرر حتى اكون بالقدر الكافى من الشجاعه والقوة التى تسمح لى بتحمل ما يتبعه
ربما لذلك كانت قرارتى بطيئه ولكنها حاسمه
بدأ التعب يحتل جسدى ببطيء ومازال امامى بعض الوقت للوصول لمدينتى الجديده
ساترك بوصلتى الداخليه تدلنى على الاتجاه الصحيح استمر فى القياده حتى اصل ثم ارتاح ام اتوقف قليلا فى اقرب مكان ثم انطلق من جديد
واستسلمت لما ستوجهنى اليه حالتى فقد كنت قد قررت ان امضى تلك الليله مستسلما تمام الاستسلام للقدر
سأحتمل كل جنون الليله وامارسه للنهايه فقد كان هذا قرارى فى الساعات الاولى من المساء
اخذ الهواء البارد يتسلل الى الداخل حاولت ان اتنفسه بقوة واملئ رئتاى منه ترانى كنت اريد ان اتنفس الحياه واجعلها تسرى فى عروقى بشكل مختلف .............ربما
مازال هناك بعض الجمل الاعتراضيه التى تقوم بتغير كل ما سواها نتوقف امامها كثيرا وننظر لها طويلا فى محاولات عبثيه لفهمها واستيعاب حروفها بصورة تمنحنا المقدرة على اخراجها من بين القوسين والتأقلم معها ولكن غالبا ما تظل محصورة بين القوسين رغم كل المحاولات لفهمها
وانا هو تلك الجمله العرضيه فى الحياه كلما حاولت ان اتفهمها تزداد غموضا
نظرت طويلا لبدايات الانوار التى تشق عتمه الليل امامى تتراقص حول مدينتى الجديده فى مكان ما منها سأستقر وبين تلك الدروب ستولد من جديد حكايات مختلفه وربما خلف نوافذها ساجد معنى الجمله واستطيع اخراجها من بين القوسين
هنا ستتكون من جديد حكايات وستمضى ساعات وايام وستتكون ذكريات جديده وحياه اخرى تولد هنا
سأقترب من تلك المدينه محاولا ان افهمها سامد جذورى فيها سأبنى بينى وبينها الجسور فقد اصبحت تلك هى اختيارى

هناك 4 تعليقات:

  1. اعيش في مدينه جديده منذ خمسه سنوات لكني لم ابارح المدينه القديمه التي تحتلني بكل تفاصيلها وتعارك المدينه الجديدة ولاتمنحها فرصه للتواصل معي ولا تترك لي فرصه للتفاعل معها .... حين يصبح الاغتراب قرار علينا نوقن اننا نعاني من الشوق والحنين لحد الفرار ..

    ردحذف
  2. راااااااااااااااااااااااااااااائعة تحياتي ..

    ردحذف
  3. احيانا يكون الهروب هو الحل الاحسن
    إسكندراني

    ردحذف
  4. اتمنى انا ايضا ان اجد مديتنتى البعيدة

    ردحذف