27‏/06‏/2011

27-شكرا لأنك لن تعود



جلست في صمت تحاول أن تجمع شتات كلماتها لتشارك الآخرين الحديث ولكنها كانت تزداد صمت
تزداد التصاق بكرسيها في محاولات للهروب عن أعين من يجلس معها ويحاول اختلاس النظر لها لمتابعة حديثها وانتظار ماذا ستقول بعد صمتها ولكنها كانت تشعر بالتردد في أن تجيب على السؤال المطروح عليها ربما شعر من حولها بذلك فصمتوا
فصمتت وكأنها تعلم بأنها إن استطاعت الهروب مرة لن تستطيع الهروب في المرات القادمة
نهضت من مكانها واستأذنتهم في الانصراف
انصرفت عن المكان تحمل أثقال على أكتافها أنهكتها فهي بالرغم من أن الاجابه هي مجرد اسم إلا أن نطق حروفه بالنسبة لها هو الموت من جديد
مجرد حروف يتهاوى من بعدها قلبها في بئر عميق من الحزن لماذا دائما يصرون على تذكريها بوجوده في حياتها حتى بعد أن رحل وانتهت قصتهما
لماذا كل منهم يصر على جمع اسميهما معا في جمله واحده حتى وان كانت الجملة سؤال ربما لأنها مازالت تلتزم الصمت ولا تصرح بان علاقتهما انتهت نهاية مأساويه
وتركت من خلفها كثير من الضحايا والأشلاء المتناثرة في كل مكان
مازال اسمه يتردد صداه في عقلها تتردد الحروف بين جنباته تتذوق الاسم في صمت وحيرة مازال له نفس المذاق بين شفاها ومازال لحروفه نفس الرائحة التي عندما تستنشقها تعود من جديد للحياة
تذكر بعد أن قررا بمنتهى التحضر الفراق بأنها فقدت الرغبة في الحياة كانت تشعر بأنها مجرد حياه فارغة لا معنى أو سبب لها بالرغم من انه لم تكن تلك الشخصية التي تعتمد على حدهم للحياة فقد كانت على يقين دائما بان للحزن وقت وينتهي ولكن الحياة لا تنتهي برحيل احدهم أو مغادرته دائرتنا سيرحل وستستمر الحياة
أخذت تحرك ميداليتها بعصبيه لم تعهدها في نفسها من قبل فهي تعرف كيف تسيطر على انفعالاتها جيدا وذلك ما أثار حنقها عليها كيف بعد كل شرودها
دخلت المصعد وهى تحاول أن تمحوا الحروف من تفكيرها لتخرج منه وهى أكثر تشبث بكل حرف منها وصلت إلى باب شقتها وعندما فتحته اصطدمت عينيها بتلك اللوحة أعلى كرسيه المفضل وتلك المنفضة على الطاولة فكثيرا ما كان يجتمعا هنا للانتهاء من بعض أوراقهما في ذاك العمل الذي كان هو أيضا بينهم
تلك اللوحة احضرها لها ذات يوم معه واخبرها بأنها تشبها كثيرا بتداخل ألوانها النارية مع تلك الألوان الساكنة في ركن اللوحة منفردة بنفسها بعيد عن صخب اللوحة ولكنها متصلة معها ببعض الرتوش الخفيفة
ابتسمت له وأخذتها منه ووضعتها على الجدار الخلفي لكرسيه المفضل فقد كان دائما عندما يأتي يجلس إليه ويفرغ محتويات حقيبته على تلك الطاولة وكانت تجلس هي على الطرف المقابل له ويندمجا في تلك الأوراق وبينهما العديد من فناجين القهوة وكلما امتلأت المنفضة ببقايا سجائره نظر لها بان تلك هي إشارة انتهاء العمل لهذا اليوم والحاجة للراحة والانصراف
ربما لوجوده في حياتها معنى مختلف وتأثير أخر أصبح من الصعب بعده أن تتجاهل بأنه كان هنا ذات يوم يتحرك بكل بساطه بين جدران حياتها
جلست على الأرض في تلك البقعة التي دائما ما كنت تحتلها أمام الطاولة التي تفصلهما وأغمضت عينيها في محاوله منها للهروب بنفسها من وجودة الذي يشغل كل ما يحيط بها
أمسكت بعض الأوراق وحاولت أن تخط عليها بعض الحروف والكلمات إلا أنها مجرد محاولات لسكب أفكارها المبعثرة على الأوراق ولكنها شعرت بالإجهاد يهاجمها فنهضت وألقت بجسدها المنهك على فراشها في محاوله منها للنوم ولكن كان النوم هو الأخر يعاندها نهضت من فراشها واعدت بعض القهوة واتجهت لكرسيه وجلست صامته تتأرجح مع كرسيه ومعها أفكارها التي مازالت تحاوطها إنها أفكار متلاحقة تعتصرها وتسرق منها هدوئها وسكينتها
لا تعلم لماذا قررت أن تتحدث معه ربما يكون قرار سريع ولكن قرار
مجرد بعض الأحداث المتعاقبة ثم انسحاب
أخذت هاتفها في محاوله للحديث معه ولكنها سرعان ما أغلقت الهاتف عند سماعها لصوته مازالت مرتبكة بداخلها رغبه للحديث معه لتخبره أنها مازالت تحييا بدونه ومازالت قادرة على التنفس ,والاستمرار في الحلم بدونك
تلك أوراقك ما عادت اهتم لها أنها أصبحت مجرد أوراق ,شذى عطر لم يعد يغريني ,تلك الياسمينة التي أهديتني أيها لم تعد رائحتها تذكرني بك
ربما أريد أن أخبرك انك رحلت ومعك كل ما يذكرني بوجودك وبأنك قد مررت ذات يوم هنا
بالأمس فقط تأكدت انك رحلت عندما بكيت ولم اشعر بيديك تحاوطنى أيقنت بأنك رحلت
بان الحكاية قد انتهت والسطور تلاشت وأصبحت كل الأفعال ماضي
رحل البطل وتم إسدال الستار
ربما أدركت ذلك متأخرة ولكنى يكفى اننى قد أدركت أخيرا بأنك ماكنت إلا عابر سبيل لا يميل للاستيطان
أن حنيني ليس لك ولكن لبعض منك كنت أحبه
ربما كان كل ما بيننا نزوة وانتهت
رحلت عنى ورحلت عنك ولكنى احتفظ بالكثير منك
احتفظ بأخر هو ليس أنت ولكنه يخصني وحدي
ربما لذلك يجب أن أقول لك شكرا لأنك مررت ذات يوم من هنا وتركت بقايا تؤنسني

هناك تعليقان (2):

  1. مساء الخير
    أن حنيني ليس لك ولكن لبعض منك كنت أحبه
    رائعة جدا وقلمك رشيق رقيق يكتب بصدق

    ردحذف
  2. لكتاباتك بريق خاص يا مها

    ولي رجاء خاص أن تختاري واحدة من تدويناتك في هذا الشهر للترشح لكتاب الـ100 تدوينة الذي يتم الإعداد له حاليا

    يبدأ تلقي الترشيحات على صفحة الكتاب ابتداء من الجمعة القادمة هنا
    http://100posts-ebook.blogspot.com/

    ويمكنك أيضا متابعة صفحة الفيس بوك
    http://www.facebook.com/100posts

    أنتظر مشاركتك :)

    ردحذف