30‏/08‏/2013

فى محراب فنجان

تتحول في بطء إلى فتات ينتشر حولها ,حبيبات ساكنه ,تنظر لها في ابتسامه حائرة أتحتاج لمزيد من التهشم لتعاود الالتئام من جديد أم أنها اكتفت من كل تلك الأجزاء المنثورة منها في كل مكان
تكونت روحها من عديد من النتوئات التي كانت يوما ما جروح تلاشت مع الزمن وتبقى منها تلك الندبات التي تخبرك بأنها كانت هنا يوما ما
أتتخلص من تلك القطع بنتوئها وتعاود لملمه ما تبقى منها بلا بروز أو نتوء يذكرها بتلك الجروح
أتعود مكتملة بعد أن تتخلص منها ,أم أنها ستظل كتلك اللوحة التي يلهوا بها الصغار ,مجرد قطع متجاورة لا تكتمل الا بتجميع كل أجزائها معا حتى وان كنت لا تراها تستحق البقاء داخل إطار اللوحة الكبيرة
ستتأمل الصورة في بطئ ,ستُخلصها من كل القطع التي لا تخصها ,لتعود كما كانت حقيقية
ستصبح سهلة التركيب ,ستعرف جيدا اين تضع كل قطعه واين يجب أن تكون ,فلم يعد هناك ما يجعلها تحتار بعد ألان
تجلس على كرسيها ..... تسكب حبيبات البن على الطاولة تحركها بأناملها ,تتشكل منها صور مجهوله تنثر بعض حبيبات السكر الأبيض تنسحب  ابتسامتها فتلك الحبيبات تشوه اللوحة التي ترسمها فالبن لا يحب أن يتواجد إلى جواره احده ,فهو وحده كفيل بأن يرسم لوحته دون أن يساعده أخر
سيمنح تدرج ألوانه اللوحة سحر مختلف
هي تحب قهوتها مٌرّة......خاليه من اى إضافات .... مجرد حبيبات بن تشاركها الحلم والأسرار وأمسيات البوح وأنت
تبتسم وتنظر للجدار الذي يحتضن كثير من اللوحات التي اختارتها بعناية وتركت بعض منها في كل لوحه وكل لون
تصطدم ذاكرتها بملامح ووجوه كانت تراها ضبابيه وتحاول أن تهرب منها حتى لا تصطدم بحديث طويل تحمله بداخلها ولم تستطع أن تبوح به يوما ولا تدرى متى تبوح
تبتسم في حزن فلازالت ذاكرتها هشة ,لا تحتمل الوقوف طويلا أمام وجوه كانت تحمل كثير من الحياة بداخلها وماتت ببطء ,حتى تحولت لمجرد ملامح على جدار العمر ,تتحول لجماد أخر يجاور مزيد من الأشياء لا تمثل لها شئ الا بعض الشجن والحنين الذي يمتص من روحها الكثير
تغيرت هي كثيرا مؤخرا, تغيرت بعض ملامح روحها والكثير من ملامحها ,كثيرا ما تجهل صورها القديمة ,تجهل تلك النظرات في عينيها وكيف كانت انعكاس لروح دافئة كانت تحملها بداخلها ذات يوم
هي تتجاوز سنوات العمر بسرعة وتتحرك الروح ببطء وهى تقف حائرة بين سنوات عمرها وسنوات روحها ,ولا زالت لا تعرف كيف تمزجهما معا
تحاول أن تقترب من ذاتها وتلتصق بها وتحتويها وتحتضنها ليمتزجا معا في كيان واحد
ستحلم بفنجان من القهوة يعده لها شخصا ما ,ويأتيها به ,ويجلسا معا يحركا حبيبات القهوة وسنوات العمر ,وكثير من الحديث الذي يحتضنه الفنجان ,ويبتسم لهما وجه الفنجان ويرسم بحبيبات البن  السمراء كثير من الحكايات على جدرانه البيضاء وينتظر أن يهمسا بما كتب
فكل مساء .... يأتي ويمضى ,وهى تنتظر القهوة ,فهي تحبها ولكنها لا تعدها أبدا لنفسها ........ فهي مؤمنه بأن القهوة ليست بمشروب ,إنها حكايات وروح تتجمع ببطء على تلك الشعلة الضعيفة لتمتزج بهدوء وسكون وتقترب حبيباتها ,ولكنها أبدا لا تتلاشى .......  إنها تحتفظ بكيانها وبتكوينها وتمنح منها الكثير وتأخذ من روح من يحضرها السر ليسكن بين الحبيبات ,ويسكبه في الفنجان فيتناوله أخر فيكتشف الأسرار ويبوح بالأسرار
أنشبه تلك الحبيبات حين ننضج على النار الهادئة بشكل أفضل
أنشبهها حين نقترب ونمتزج دون أن نتلاشى
ألهذا لا تُشرب القهوة الحقيقية الا في حضرة البوح
وفى حضور من يمنح لها السر ويحتضن منها الروح
يسكن ذاكرتي رجل لا اعرفه ...لم نلتقي وربما لن نلتقي ولكننا دائما على وعد بلقاء,على وعد بفنجان قهوة واسطوانة تحمل نغمات تانجو ورقصه قد تكون هي الأخيرة
لا يأتي أبدا ولا يرحل عنى يظل هنا مابين الحضور والغياب
ما بين السكون والضجيج
فهو  رجل الحيرة ......... يأتي حين يأتي المساء, يحتضنني في صمت ويحكى لي تلك الحكايات ويمنحني فنجان قهوتنا الذي سيستمع لكثير من البوح منا
فسيخبرني الكثير واحكي له الكثير
فنحن نستمع للقصص من بعيد ......... ننظر لها ولا ندرك أنها من الممكن أن تحدث لنا وكيف تحدث ونحن نختلف
ليتنا نستطيع أن ندرك سريعا بأنه من الممكن أن يحدث لنا
من الممكن أن يكون

هناك 4 تعليقات:

  1. جميل يا مها :)
    القهوة فيها روح.. أنا مؤمنة بكده جدًا.!

    ردحذف
  2. رجل الحيرة واى حيرة

    ردحذف

  3. القهوة فعلا عالم خاص .. ينقلنا لحالات خاصة
    خيال وواقع .. ألم وأمل
    ماضي و مستقبل

    في منتهى الجمال يا مها :)


    ردحذف
  4. ألهذا لا تُشرب القهوة الحقيقية الا في حضرة البوح

    ابداع بجد يعني

    ردحذف