10‏/04‏/2018

حكاية لا نهاية لها


حين يباغتنا الحنين لأنفسنا لا نملك إلا أن نستسلم لرحلة البحث عنا في طرقات هجرناها ورحلنا، فما استطعنا أن نعثر علينا بعدها، كأننا قد أغمضنا أعيننا ألف عام ورحلنا حيث لا نعرف لنا عنوان.
هناك دائما تلك اللحظة التي لا تعود بعدها أبدا لما كنت عليه، فبعدها كل الأشياء تتغير، كل الملامح تختلف، كل الأماكن تفقد خيوطها التي تربطها بك، ترى كل شيء ضبابي، فالضوء كان اقوي من أن تعتاد عيناك عليه بسهوله.
تتلمس الأماكن، تحاول أن تتذكر الملامح والأسماء، لازال هناك شيء يربطك بكل ذلك ولكنك لا تتذكر، تحاول أن تكتشف الأبجدية من جديد، وتبحث عن الكلمات المناسبة التي تستطيع أن تصف بها ما تشعر به.
تكتشف الحدود وتقف على أعتاب العالم من حولك، تنظر لعالم بعيد، كل شيء من حولك مريح لا تشعر بغربه أو خوف، ليس هناك سوى هدوء وكثير من التفاصيل المحببة إلى قلبك، انه عالمك الموازي الذي قررت أن تهرب إليه كلما ضاقت بك الحياة، فقد اشتقت كثيرا لذاتك التي كانت، اشتقت لكلماتك حيث كنت تنثرها فتزهر بذورها ياسمين.
تبحث عن قلمك حيث تركته، فقد كان يرقص على السطور وكلما كنت تحاول أن تروضه كان يتمرد ويفر منك هاربا، حيث عالمه الذي يتسع له ويرقص على سطوره نشوة.
لا يزال الصمت هو الرفيق الأزلي لتلك الحكاية المرهقة، تلك الحكاية التي افشل دائما في وضع نقطة النهاية لها.
الصمت.... ذاك الرفيق الذي لازمني طويلا دون أن يقترب احدنا من الأخر، دائما ما كانت تقف حكايتنا على مشارف الموت، وحين كنت استعد بطقوس الوداع الأخيرة كانت تشهق تلك الشهقة التي تعيدها للحياة، كانت تعود بكل عنفوان وقوة كأنها لم تقترب من الموت.
كان الصمت والشوق والحنين هو جواز سفري لدخول الحكاية، انه شوقي وحدي، لم اعد على يقين بأنه شوقنا وأنها حكايتنا.
يسرى الحنين في عروقي ليحتل جسدي ويستوطن روحي، لازال صندوق الذكريات هناك في مكان بعيد، اخشي أن اقترب منه رغم كل الحنين إليه.
كل طرقات قلبي مظلمة، صامتة، مهجورة، تبللها قطرات المطر الباحثة عن أرضها حيث يسكن هناك الفقد، كل شيء في تلك الطرقات انتمى له، اشعر بالألفة حين أمر من خلاله، كل شيء هنا معتاد ....يتكرر....يذهب ويعود، إلا أنت.....لا زلت مجرد طيف لا يستقر في مكان، يفتقدك الشتاء حيث كان لنا ألف وعد وموعد.
جاء الشتاء وابتلت الطرقات من قطرات المطر ولم نلتقي بعد، كل الأشياء معا إلا نحن، لا زلنا بلا وطن يجمعنا.
لماذا التزمنا الصمت حين كان يجب علينا الحديث؟
لماذا تجاهلنا تلك التفاصيل الصغيرة التي كانت تنادينا؟
لماذا مضينا بعيدا كل منا في اتجاه؟
تدور الأيام وندور معها، نتخبط بين الطرقات وتعرقلنا الحياة، يمزق البعد قلوبنا وتحتل التفاصيل ذكرياتنا، ننسى أو نتجاهل ذاك الأنين المنبعث من أرواحنا.
هل حان الوقت لنغلق الصفحة وننهى الحكاية؟
أنكتب الآن السطر الأخير ونصمت للأبد ونغلق صندوق الذكريات؟
سأمكث هنا حيث كل شيء يدعوني لان ابقي، ربما أعود لك يوما ما وربما لا أعود أبدا.

هناك تعليق واحد:

  1. كل ال لماذا... لا اجوبة لها.فلنغلق صندوق الذكريات.....الى حين!

    ردحذف