19‏/08‏/2025

حُبّي لك ليس حبًا عابرًا،
إنه حب واعٍ يرى ملامحك كما هي،
بكل عيوبك وأخطائك،
يتقبلك ويحبك ويتفهمك كما أنت،
لا كما تتوق الرغبة أن تكون.
إنه حب موجوع،
شرس حين يلوّح بالرحيل،
وعنيد حين يتمسّك بالبقاء.
يغضب فيخلع الأبواب ويرحل،
ويهدأ فيغلق النوافذ على العواصف قبل أن تقتحمنا.
يصمت كثيرًا… لكنه يحتفظ بما تبقّى،
ويظل، رغم كل شيء، عاشقًا حتى الثمالة.
هذا الحب جذوره ممتدة عبر سنواتٍ طويلة،
عبر اختلافاتٍ تجاوزناها،
وفراقٍ طال عهده بالعودة،
وصبرٍ لم يُرهق، وغفرانٍ لم ينقطع.
هو مزيج من الاحتواء والاحتضان،
ومن كل المشاعر المتناقضة التي اجتمعنا عليها.
فحبك ليس مجرد إحساس…
حبك هو أنا.

كثيرًا ما تيقنت أن النهاية وقعت،
ظننت أن الطريق انقطع، وأن كل الأبواب أوصدت في وجهي،
لكنني في كل مرة أكتشف أننا لا نعرف سوى الرجوع،
كأن قلوبنا خُلقت بخريطة واحدة،
تعرف كيف تعود إلى بعضها حتى لو أضلّها العقل.
كل فراق كان يتركني مكسورة،
مثقلة بالحنين، فارغة من نفسي،
كأنني أفقد شيئًا لا يُعوَّض مهما مرّ الوقت.
قصتنا لم تعرف يومًا الاستقرار،
تتهاوى ثم تنهض،
تذوب ثم تعود لتتشكل من جديد،
كأنها محكومة بالقيام بعد كل سقوط.
ومع ذلك… لا تنطفئ.
تظل مشتعلة كجمرة تختبئ تحت الرماد،
تتقد كلما مرّت نسمة ذكرى،
كجرحٍ يأبى أن يندمل،
أو وعدٍ لم يجرؤ أحد على إنكاره.
ربما لم تُكتب حكايتنا كي تنتهي،
بل لتظل معلّقة بين الكسر والالتئام،
كأنها ابتُليت بالبقاء،
مهما أنكرتُها بلساني،
ومهما حاولت أن أفرّ منها بقلبي.
لم يكن الفراق قاسيًا لأنه حدث، بل لأنه ترك وراءه علامات استفهام معلّقة، تتدحرج بيننا كأحجار صغيرة تعثرنا في كل خطوة.
هل تكسّرنا معًا تحت ثِقل الحيرة؟
هل انهارت "نحن" كأنها لم تكن سوى وهمٍ مؤقت؟
أم ما زلنا، أنا وأنت، نتأرجح على أطراف السطور، نخشى النقطة الأخيرة التي ستعلن النهاية؟
الموجع في قصتنا أنها بلا ختام…
ليست حكاية تُطوى بسلام، ولا رواية نُعيدها إلى الرف مطمئنين،
بل تظل مفتوحة كنافذة في ليلة عاصفة، يتسرّب منها صدى لم يُكتب بعد.
بين الصمت والكلمات الناقصة، يظل السؤال حاضرًا:
أيّنا ترك يد الآخر أولًا؟
وأيّنا ابتلع الحنان في آخر لحظة خوفًا من أن يفضحه الوداع؟
لم نفترق تمامًا، ولم نبقَ كما كنا…
توقفنا في منتصف الطريق، كمسافر يظل واقفًا على العتبة،
لا هو تراجع للداخل، ولا هو عبر إلى الخارج.
وهنا تكمن المأساة…
مأساة أن تبقى الحكاية حيّة،
لكنها معلّقة، لا تُروى حتى النهاية، ولا تموت ليُطوى ذكرها.

إعتراف مؤجل


أحيانًا تداهمني ملامحك كأنها لم تغب،
تمرّ في داخلي مثل نسمةٍ تعرف طريقها،
فتوقظ كل الحنين الذي حاولت دفنه.
لا شيء قادر على أن يمحو أثرك،
أراك حاضرًا في كل غياب،
وأشعر بك حتى حين أحاول إقناع نفسي أنني تجاوزتك.
الوجوه تتغير من حولي،
الأماكن تفقد بريقها،
لكن ظلك يلازمني،
يمتد بيني وبين الأشياء،
حتى في أبسط التفاصيل:
في كوب قهوة بارد، في أغنية قديمة،
في كلمة عابرة تجعلني أبتسم رغم ثقل قلبي.
أتعلم ما أتمناه؟
أن تهزمك مشاعرك يومًا،
أن تتسلل الحقيقة من بين شفتيك بلا حساب،
وتقول لي إنك اشتقت.
لا أطلب المستحيل،
كل ما أريده أن تخونك الحروف للحظة،
أن يسبقك قلبك قبل عقلك،
فتعترف أنك ما زلت تبحث عني كما أبحث عنك.
حتى ذلك الحين،
سأظل أحتفظ بك في قلبي كسرٍّ كبير،
وأعيش على أمل أن تصيبك زلة صادقة،
تكشف ما عجزتَ عن قوله طويلًا،
وتفضح ذاك الشوق الذي تخبئه عني والعالم.
لأنني أعرف…
أنك مثلي تمامًا،
لم تنسَ، ولن تنسى.

كلما تحدّثت عنك، يزداد شوقي لك أكثر، ويكبر حبّي في قلبي أضعافًا.
أعشق تفاصيلك كلها، وأحب أن أنطق اسمك، حروفه تحمل وقعًا خاصًا في فمي، كأن لها طعمًا لا يشبه شيئًا آخر.

كل تفصيلة فيك محفورة في ذاكرتي:
نظرتك العميقة، ابتسامتك التي تجمع بين الجدّ والمرح، طريقتك في إشعال سيجارتك وإمساكها بين أصابعك، ورميها برفق في زاوية شفتيك، وإخراج الدخان بينما عيناك سارحتان نحو البعيد.
حتى غضبك بطريقته المميزة، وضحكتك الخفيفة حين تحاول أن تخفيها، وملامحك عندما تُستفَز وتقاوم الانفعال… كلها صور لا تغيب عني.

سلامٌ لأول حديث جمعنا، لأول نقاشٍ أسرني بك دون رجعة.
صوتك الدافئ، حروفك الناقصة وطريقتك في نطقها، حنانك الذي كان يطوّقني حتى من خلف الكلمات.
أحب هدوء صوتك عندما تحزن، وكيف تسيطر على غضبك حين يشتدّ بك الانفعال.

معك وحدك، وجدت الطفلة في داخلي مدلّلة، والمرأة الراشدة مفهومة، وكأنك وحدك استطعت أن تمنحني الأمان والاحتواء معًا.

لم يكن الحب أول ما جمعني بك،
بل تلك الطمأنينة التي شعرت بها وأنا أقتسم معك تفاصيل يومي.
كنت الصديق الذي ألوذ إليه،
والرفيق الذي يمنح الأشياء الصغيرة قيمة كبيرة.

ما يؤلمني الآن ليس فقط رحيلك،
بل فقدان تلك الأحاديث التي كانت تمتد لساعات،
نختلف ونتفق، نضحك ونجادل،
نناقش نهاية فيلم كأننا من كتبنا السيناريو،
ونسأل معًا: هل أنصفت القصة بطلها،
أم أنها مثل الحياة… لا ترحم أحدًا؟

كنتَ تدافع عن رؤيتك بحماس،
وأنا أجادلك كأن العالم كله يستمع لنا،
لم تكن مجرد كلمات،
كانت نافذة مفتوحة على أرواحنا،
مساحة نادرة من الصفاء وسط ضجيج كل شيء.

أما الآن،
فالصمت يملأ الأمكنة من بعدك،
يشبه لحظة انطفاء الشاشة بعد عرض طويل،
ولا يبقى سوى صدى الذكرى،
وسؤال يتيم يلاحقني كل ليلة:
"هل كانت النهاية عادلة؟
أم أن الحكاية بيننا لم تُكتب أصلًا لتكون لها نهاية؟"

حب لا يطفئه الغياب

تعال..
لنصنع لقاءً حتى لو جاء بالصدفة.
لقاء بسيط يعيد إلينا ما فقدناه،
ويجمع ما فرّقته الأيام.
تعال،
لنجعل الذكرى بدايةً جديدة،
فمجرد فكرة عنك كفيلة أن تعيدني للحياة.
أشتاق إلى نظرتك الأولى،
وإلى ضحكتك التي كانت تملأني فرحًا،
وإلى تلك التفاصيل الصغيرة
التي ما زالت تسكنني كأنها لم تغب.
تعال،
ليكون لقاؤنا فتنة جميلة،
ونشوة تُعيد الدفء لقلوبنا،
ولذة تشبه تلك التي عرفناها أول مرة.
فمعك فقط،
يزول التردد،
ويصير قربنا طمأنينة،
ويصبح اختلاطنا عشقًا لا يُشبهه شيء.
تعال،
فإن حضورك وحده يكفي،
ليجعلني أؤمن أن ما بيننا لم يكن عابرًا،
بل حبًّا حقيقيًا،
حُبًّا مقدسًا لا يُمكن للغياب أن يُطفئه،
ولا للزمن أن يُمحوه.

18‏/08‏/2025

أنا وأنت لسنا قصة عابرة تمر كما تمر الحكايات،
بل نحن فصلٌ مختلف، كُتب خارج النصوص المألوفة،
وخارج كل قوانين الحب التي يعرفها الناس.
كنتَ الجنون الذي اقتحم عالمي المترتب،
فغيّر ملامح روحي، وأشعل فيها حياةً لم تعرفها من قبل.
كنتَ ضحكةً صاخبةً في داخلي،
وصوتًا يطرد الصمت عن أيامي،
ووطنًا صغيرًا يسكن قلبي كلما ضاقت به الدنيا.
الشوق إليك لا يهدأ،
والحنين لك لا يستكين،
بل يزداد عمقًا كلما حاولت أن أروضه.
وكأننا أنا وأنت قد عقدنا اتفاقًا خفيًا مع القدر:
أن نكون لبعضنا، مهما ابتعدنا،
مهما وقفت المسافات بيننا كسدود،
ومهما حاولت الأيام أن تختبر صمودنا.
نلتقي في تفاصيل صغيرة لا يلتفت إليها أحد،
في كلمة عابرة تذكرني بك،
في نغمة أغنية لا يسمعها أحد سواي كما أسمعها بك،
في رائحة قهوة تُعيدني إلى حديثٍ قديم بيننا،
أو في دخان سيجارة تنفثها بعصبية أعرفها أكثر من أي أحد.
ألتقيك حتى في لحظة صمت،
ذلك الصمت الذي لا يفهمه إلا قلبان اختارا أن يتكلما بلغة خاصة،
لغة لا تحتاج كلمات.
لسنا بحاجة إلى الكثير،
يكفينا أن نكون نحن،
يكفيني أن أجدك حين أفتش عن نفسي،
وأن أشعر بنبضك يجاور نبضي،
ويكفيك أن تعلم أنني أتنفس من ضحكتك،
وأحيا على صدى حضورك،
وأنني لا أطلب من الدنيا إلا أن أبقى في مدارك.
جنون حبك صار حياتي،
صار أماني في عالم لا يعرف الأمان،
صار الدليل على أن بعض الحكايات لا تنتهي،
بل تُولد كل يوم من جديد،
لتثبت أنا وأنت لسنا مجرد قصة،
بل حكاية لا تشبهها أي حكاية أخرى،
حكاية كُتبت لتبقى… لا لتنتهي.

16‏/08‏/2025

"هنا يبدأ العمر"

هناك إنسانٌ واحد،
لم يستطع قلبي أن ينساه يومًا،
ولم أجد في غيابه سوى فراغٍ كبيرٍ يزداد اتساعًا كلما حاولت تجاوزه.
أفتقده أكثر مما قد يتخيل هو نفسه،
فوجوده كان ولا يزال شيئًا مختلفًا،
شيئًا يشبه الحياة حين تبتسم لأول مرة.

أعرف جيدًا أنه يعلم مكانته في داخلي،
يعرف أنني أحبّه حبًا خالصًا لا تشوبه مصلحة،
ولا يبدّله غياب،
ولا تزيحه المسافات ولا الحواجز.
يعرف أن قلبي لم يفتح أبوابه لأحد سواه،
ولن يكون له بديل مهما طال العمر.

دائمًا أبحث عن أثره بين تفاصيل يومي،
بين خبرٍ عابر أو ذكرى قديمة،
أتمنى له الخير في صلاتي،
وأدعوه في سرّي أن يكون بخير،
حتى وإن كنت بعيدة عن عينيه،
فلست بعيدة عن قلبه كما لستُ يومًا بعيدة عن قلبي أنا.

ليته فقط يدرك كم أحبّه،
ليته يشعر بمدى حضوره في قلبي رغم كل الغياب،
ليته يعلم أنني ما زلت أنتظره،
وأني سأظل على العهد،
كأنما نبض قلبي لا يعرف الإيقاع إلا في حضرته،
وكأن الحياة لا تبدأ إلا عند ابتسامته.

إنه بالنسبة لي اللافتة التي كُتِب عليها:
"هنا يبدأ العمر، وهنا يستريح القلب".


الهزيمة الصامتة

الفراق لا يلتهمنا دفعة واحدة،
هو يأتي على مهل، بهدوء غامض، بمزاج صافٍ، كأنه يراقبنا قبل أن ينقضّ.
يأخذ أصواتنا شيئًا فشيئًا، من الكلام الطويل المتواصل إلى همسات متقطعة، حتى نصبح معتادين على السكوت، على الفراغ الذي يملأ المكان والروح.

يأخذ أجسادنا، من دفء العناق والانصهار إلى برودة المنفى، إلى تجمّد العاطفة حولنا.
يأخذنا إلى العدم، خطوة بخطوة، حتى نتلاشى بلا صخب، ونختفي من ذاكرة العالم كما لو لم نكن يومًا.

كنا بالأمس معًا، واليوم أصبحنا ذكرى، و"افترقنا" ما سيُقال، لكن لا أحد يعرف كيف بدأنا، ولا كم قطعنا من طرق الوحدة قبل أن نعود إليها، بهزيمة صامتة، صامتة جدًا، حتى صار الصمت رفيقنا الوحيد، وشاهدًا على اختفاءنا البطيء.

حب بلا أسباب

هناك شيء بداخلي يربطني بكِ، شيء عميق، لا أستطيع تفسيره، يجعل قلبي يزداد حبًا لك مع كل لحظة تمر.
هل هو القدر الذي جمعنا، أم تلك المشاعر المشتعلة التي ولدت منذ أول نظرة رأيتك فيها؟
ربما لأنك مختلف عن كل من عرفته، وربما لأنني وجدت فيك ما لم أجد مثله في أحد سواك،
روحك، حضورك، طريقتك في أن تكون، كلها جعلتني أرتبط بك بلا حدود، بلا أسباب واضحة، مجرد حقيقة شعرت بها من أعماق قلبي.

كل لحظة معك تمنحني سببًا جديدًا لأحبك، كل ابتسامة منك تفتح في داخلي عالماً من المشاعر لم أعرفه من قبل، وكل صمتك يهمس لي بما لا تستطيع الكلمات أن تقوله.
معك، تعلمت أن الحب ليس مجرد شعور، بل هو مكان أستقر فيه، هو حضن أعود إليه مهما بعدت، هو دفء يملأ كل فراغاتي ويجعلني أشعر أنني أخيرًا في وطني.

لا بدائل لك

لا أريد أن يقترب من قلبي أحدٌ غيرك، ولا أن أفتح نوافذ روحي لأحدٍ سواك.
لا أريد أن أروي لأحدٍ أحلامي الصغيرة والكبيرة إلا لك، ولا أن أُري جانبي البسيط والساذج إلا أمامك أنت.
لا أريد أن أبني بيتًا في الخيال إلا وأنت أول جدرانه، ولا أن أتصوّر مائدة عشاء دافئة إلا ووجهك في صدر المشهد.

أريدك أنت…
لا لأنني بلا بدائل، ولا لأن الدنيا أغلقت أبوابها في وجهي،
بل لأنك البديل الوحيد الذي يجعل كل الأبواب الأخرى بلا قيمة،
ولأنك الطريق الذي لا أرغب أن أضل عنه، حتى لو تفرعت أمامي كل طرق العالم.

لو جمعوا لي زينة الأرض كلها ووضعوها في كفة،
ووضعوك أنت في الكفة الأخرى،
لأغلقت عيني، وابتسمت، ومددت يدي نحوك…
بكل يقين عاشق يعرف أنه اختار بيته الأخير، وراحته الأبدية.
 

الوقوع فى الحب قدر

سألوني يومًا: كيف وقعتِ في حبه؟
ابتسمتُ وكأن السؤال أعادني دفعة واحدة إلى تلك الليلة البعيدة، ثم قلت: "لا أعلم…".

كل ما أذكره أن الأمر بدأ بكلمات قليلة، محادثة عابرة، بلا ترتيب ولا نية مسبقة.
كان الحديث بسيطًا، دافئًا على نحو غريب، خاليًا من أي مجاملة أو مصلحة، وكأننا نتحدث من قلب الحقيقة بلا أقنعة.
كانت ليلة هادئة، يلفها سكون يشبه ما قبل المطر، والسماء حالكة إلا من قمرٍ يطل بخجل، يراقب العالم كما كنا نراقب نحن حروف بعضنا.

لم أكن أعرفك، وكذلك أنت… لكننا في تلك الساعات القليلة عبرنا مسافات العمر.
تحدثنا في كل شيء؛ عن أحلامنا، مخاوفنا، مواقف مضحكة مرت بنا، وحتى لحظات الحزن التي لا نُطلع عليها أحدًا.
لم نكن نُدرك كم مرّ الوقت، وكأن عقارب الساعة توقفت احترامًا لتلك الليلة.

يوماً بعد يوم، صارت كلماتك عادة، وصوتك ملاذًا، وأصبحتُ أبحث عنك في تفاصيل يومي كما يبحث العطشان عن الماء.
أخبرتك عن هواجسي، عن الجانب الذي لا أريه لأحد، عني كما أنا بلا تعديل.
ولا أعلم كيف ولا متى… لكنك وجدت طريقك إلى قلبي، واستوطنتَه بهدوء.

أحببتك قبل أن أُقرّ أمام نفسي أني أحبك، حتى صار فراقك فكرة ثقيلة لا تحتمل.
لا أدري كيف علقتَ بي، ولا كيف صار اسمك جزءًا من دعائي الصامت.
لكنني أعلم يقينًا أنك كنت خياري دائمًا…
وحين خيّروني بينك وبين الجميع، اخترتك أنت بلا تردد، بلا تفكير، بعينين مغمضتين وكأنني أعود إلى بيتي.

وستبقى اختياري، مهما طال الفراق، ومهما أرهقتنا المسافات،
لأنك لم تكن يومًا صدفة… كنت قدرًا.

الرحيل صمتا

لم نعد نتحدث…بل لم نعد نُشبه حتى أولئك الذين صمتوا لأنهم اكتفوا، نحن غرباء، بملامح مألوفة، وذكريات عالقة في زوايا لا تطالها اليد.
لكن لا تظن أن الصمت يعني الغياب، فأنت ما زلت أكثر شخص أُحادثه دون أن تفتح فمك،
أشاركك التفاصيل التي لا تراها، وأروي لك الأشياء الصغيرة التي اعتدت سماعها… رغم أنك لست هنا.
لا تقلق فأنا أتعافى على مهل، يوميا يقل حزني قليلا، لا لأنني أقوى، بل لأن الألم نفسه تعب مني.
أنت من ظننت أنه سيبقى، لكنك ذهبت كأنك ما جئت، وخلفت داخلي فراغا لا يملؤه إلا صوتك… الذي لا يعود.
لا أغضب، ولا أنفعل، فقد أصبحت مشاعري كصفحة فارغة 
أنت لست صدفة مرت عابرة، كنت شيئا مني…
كأنك خُلقت من ملامح روحي، واستقر وجودك في أضلعي، حتى أصبحت نبضي، لا، بل قلبي كله.
كم تمنيت أن أرتمي على صدرك وأبكي، لكن البكاء وحده لا يكفي، فما في داخلي صمت له صوت، وجرح لا يُقال، لكنه يُؤلم كل لحظة.
من أنت؟
ولماذا جئت حين لم أعد أنتظر؟
كيف استطعت أن تربك قلبي بهذا العمق؟
كيف استطعت أن تسرق أماني دون أن تسرقني؟
كيف جعلت الغياب أكثر حضورا منك؟
رحلت…لكني ما زلت أبحث عنك في الأغاني،
في الوجوه، في الطرقات التي مررنا بها سهوا.
أنا لست بخير تماما، لكني لست منهارة…
أنا فقط، أرتب غيابك كل مساء، وأتظاهر أن قلبي لا يشتاقك…وأكذب.

مابيننا جدار زجاجي

أحبك بقدر المسافة بين ما تمنيناه وما كان، وبعمق اللحظات التي انتظرتك فيها ولم تجئ، وباتساع كل حلم ظل معلقًا بيني وبينك.
أحبك كما يشتاق الغريب لمدينة لم يعرفها، وكما يتشبث العطشان بظل الغيم، وكما يحفظ الليل غياب نجمته الوحيدة.

أحبك رغم كل المسافات، ورغم أن الدروب أخذتنا إلى عالمين لا يلتقيان، ورغم أنك لست لي هنا… لكنك لي في قلبي، فيه تقيم وحدك، وفيه تنتمي.
أحبك لأنك الحلم الذي قاوم يقظة الحياة، والقصة التي بقيت أصدق من الواقع، والصفحة التي لم تُكتب للنهاية لكنها كانت الأجمل.

وأحبك أكثر… لأنك رغم كل الفصول التي مرت، ما زلت الاسم الذي تهمس به روحي، والملاذ الذي لا يهرم، والاستثناء الذي لا يكرر.
حتى وإن افترقنا… سيظل حبك يسكنني، كجزء لا ينفصل عني أبدًا.

"قلب على حافة الانفجار"

وجوده في عالمي يشبه السور الذي يمنعني من السقوط في هاويتي،
حارس يتتبع ظلال أفكاري السوداء، ويجهز عليها قبل أن تتمكن مني.
كم مرة كنت على وشك إيذاء نفسي،
ثم تذكرت أن قلبي بيته، فخشيت أن أهدمه عليه.
عندما ينظر إليّ، أشعر أنني أسافر في مدن لم أرها،
عينيه تقولان ما لا يُقال، وتفعلان بي ما لم تفعله الحروب.
وحدتي ثقيلة…
لا أحد يقتسم معي جنون إعداد طعام مع الفجر.
مشاهدة افلامي المفضلة.
تفاصيلي الخاصة.
أخشى البدايات حين تأتي مشتعلة كالعاصفة، ومع ذلك أفتح لها الباب.
أخاف الأضواء المفاجئة حين يتبعها انطفاء بارد، لكني أتشبث بأي لحظة دافئة مهما كانت قصيرة.
الكلمات أحيانًا تنفجر مني كالسيل،
ثم يجيء الصمت بعدها ضيفًا ثقيلًا،
ومع ذلك أنتظر اندفاعها من جديد.
أخاف أن أقول أكثر مما يجب، وأفعل إذا كان الذي أمامي هو من أحب.
أخاف صمتي الطويل، فهو موت بطيء، ومع ذلك أجد فيه راحة غريبة.
أرتعب من التعلق إذا سيطر على قلبي، وأخشى الفراغ إذا رحل عنه.
الحقيقة…
لا أرض آمنة،
فكل سكينة عرفتها كانت تخفي وراءها عاصفة،
وكل دفء شعرت به كان يخفي قنبلة تنتظر لحظة الانفجار.

"رغبات عالقة في الصمت"

شعورٌ لا يخمد… حريقٌ يسكن صدري.
لا بيت يأويني، ولا جدران تحتضنني.
أبكي إلى الداخل، لأن الغضب رفاهية لا أملكها.

كنت أظن أن الصمت أهون، لكن ابتلاع الكلام كابتلاع شوك يجرح الحلق والقلب معًا.
أفتقد بابًا أغلقه حين أثقلني العالم، وجدرانًا تحجبني، وموقدًا يدفئ برد الوحدة.

هل جرّبت أن تظل رغباتك مؤجَّلة إلى أجلٍ لا يأتي؟
حتى أبسطها…
أن تغيّر مكان السرير، أو لون الستائر، أو طلاء الحائط، أو أن تشتري شيئًا صغيرًا ليشبه بيتك بك.

أنا كومة من الرغبات المؤجلة،
تبتلع نفسها بصمت… حتى تنفجر.

"صفحة لا يطويها النسيان"

رغم أن العمر مضى وأخذ ما شاء من المسافات بيننا،
ستظلّ أنت حكايةً لا يطويها النسيان،
الفصل الذي مهما تغيّرت فصول حياتي، يبقى محفوظًا في مكانه، لا يتبدّل.

أن يهمس لك أحدهم "أحتاجك"،
يعني أن قلبه لا يجد ملاذًا إلا فيك،
وأن روحه تعرف أن الأمان لا يُمنح إلا منك.
لكني اليوم لم أعد أريد أن أقيّدك بحضوري،
ولا أن أضع قلبي بين يديك كل صباح،
لم أعد أبحث عن ظلّك في يومي،
ولا أفتش في الطرقات عن صدفة تجمعني بك.

تركتك تمضي حيث تشاء،
تختبر الأيام بطريقتك،
وتتعلم منها كما تريد،
دون أن أمد يدي إليك أو ألتفت لأطمئن.
ليس لأنني تخلّيت عنك،
بل لأنني أدركت أن الحب الذي يرهق صاحبه، لا يزهر في قلب مُتعب.

كنتَ أنت الذي أنهكك خوفي عليك،
وأرهقك اهتمامي،
وأثقل روحك حبّي الذي لم تجد له مكانًا آمنًا بداخلك.
كنتُ أظن أن حضوري سيعالج كسورك،
لكنني فهمت متأخرًا أن بعض القلوب تحتاج أن تشفى وحدها.

صرت أعرف كيف أحتضن نفسي حين تغيب،
كيف أقول "أنا بخير" حتى عندما يتسرّب الحزن مني ببطء،
كيف أرمّم يومي بيدي،
وأصنع من وحدتي بيتًا لا يقتحمه الغياب.

ورغم كل ذلك،
ستبقى أنت الصفحة التي أحتفظ بها بين دفّات عمري،
الاسم الذي إن مرّ على قلبي،
عاد إليه نبضٌ قديم.
لن نلتقي كما كنّا نحلم،
لكننا سنبقى نحمل في أعماقنا صدى الخطوات التي مشيناها معًا،
ونكمل الطريق… كلٌّ منّا في جهته،
كأننا لم نكن،
وكأننا كنّا كل شيء.

"أمامك تسقط الحواجز"

كالسر…
أخفي نفسي عن الجميع،
أحجب ملامحي عن العيون، 
وأغلق كل النوافذ التي قد تسمح لأحد بالتسلل إلى عالمي،
أقيم حولي جدرانًا عالية من الصمت،
وأجمع قلبي بين يدي 
ثم أضعه في صندوق صغير،
وأحمله معي بعيدًا عن أيادي الآخرين.

لكن أمامك…
تسقط الحواجز بلا إنذار،
وتنفتح الأبواب كأنها كانت تنتظرك،
تتهاوى الأقفال التي صنعتها بيدي،
وأجد نفسي أمد إليك ما كنت أحميه طيلة حياتي،
كأنك الملاذ الوحيد الذي يستطيع أن يحتوي ضعفي،
وكأن يدي تعرف أن قلبها لن يضيع فيك.

أضع قلبي بين يديك،
دون حذر، ودون أي شرط،
وأتركك تقلّب صفحاته كما تشاء،
تقرأ ما فيه من أسرار، وتلمس ما فيه من جراح،
وأنا على يقين أنك ستصونه كما لو كان قلبك،
لأنك أنت السر الذي لم يكتشفه أحد،
وأنا… كنت الاعتراف الذي لا يُقال لغيرك،
والذي لا يليق أن يُحكى إلا أمام عينيك.

"توقفنا عند منتصف الحكاية

توقفنا…
ليس لأن المسافة ضاقت،
بل لأن القرب صار يؤلم كحدّ النصل،
والكلمات حين تفيض تتحوّل إلى قيدٍ حول الروح.

لم أعد أبحث عن جواب،
لماذا باتت أصواتنا بلا دفء،
كأنها تمرّ من أفواهنا خالية من الحكايات؟
هناك كلمات تُولد ولا تُقال،
تُدفن تحت اللسان،
أو يذبلها الملل قبل أن ترى النور.

لم أعد أخاف الظلام؛
تعوّد عليه قلبي حتى صار بيتًا هادئًا لقلقي،
وونسًا طويلًا لأرقٍ يأبى الرحيل.

لم نفترق،
ما زال وجعي ينام على كتفك،
وما زلت تغفو في حضرة عيني…
لكننا، ببساطة، توقفنا عن السير.

وما زلنا معًا، تائهين،
كأن الطريق نفسه لا يعرف إلينا سبيلا.


بين ذراعيك

إن الالتفاف بين ذراعيك يشبه العثور على أكثر بقاع الأرض أمنًا…
هناك حيث تتداخل الراحة مع الدفء، ويغمرني السلام حتى الصمت.
في حضنك وجدت وطني الذي لا يتغير، مهما تغيرت المدن والوجوه.

بعض الأشياء لا تنتهي حقًا، قد تغيب ملامحها عن أعيننا، لكنها تظل حيّة في أرواحنا…
تسكن الذاكرة وتتشبث بالقلب كجذور لا تُقتلع.

وكل ما حولك قد يخونك يومًا، إلا شعورك…
فالقلب يعرف دائمًا:
يعرف من انطفأ حبه داخله، ومن ينتظر منه كلمة واحدة لتعيد إليه الحياة.

خيط لا ينقطع


هل تسمعني الآن؟
في لحظة صمتك الطويل، هل يصل إليك صدى روحي؟
أشعر وكأن بيننا خيطًا خفيًا، كلما حاولت قطعه، عاد يلتف حولي من جديد.
أمشي في الشوارع مزدحمة بالوجوه،
لكنني لا أرى سوى ملامحك،
كأن العالم كله صار مجرد مرآة تعكس حضورك الغائب.
تعلم؟
أحيانًا أفتح نافذتي ليلًا،
وأتخيل أنك تنظر من نافذتك أيضًا،
أن نفس الهواء يعبر من عندي إليك،
ونفس النجمة تضيء عتمتنا المشتركة.
لم أعد أخاف الفقد كما كنت،
لكني أخاف أن يذبل في داخلي صوتك،
أو أن تنطفئ التفاصيل التي كانت تربطني بك؛
ضحكتك، يدك، وحتى تلك الصمتات الطويلة التي كنت أقرأها ككتاب مفتوح.
قد لا نعود كما كنا،
وقد يختارنا القدر في وقتٍ آخر أو لا يختارنا أبدًا،
لكنني أؤمن أن بعض القلوب لا تُمحى،
بل تبقى، حتى لو ابتعدت،
كأثرٍ خالد لا تزيله الأيام.
إنني لا أكتب إليك لأعيدك،
ولا لأذكرك بما كان،
بل لأقول إنك ما زلت هنا…
جزءًا منّي لا أعرف كيف أتجاوزه،
ولا أريد أن أفعل

حكاية لا تنتهي


إنك الحكاية التي لم أجد لها خاتمة، والوجه الذي لم أتوقف يومًا عن مطاردته في كل الملامح من حولي.
أنت البداية التي ما زالت تفتّح في قلبي كأنها لم تُكتب بعد، والنهاية التي أخشاها لأنني أعلم أنني لا أحتمل فراقك.
كل الطرق التي حاولت أن أسلكها بعيدًا عنك أعادتني إليك، كأنك نقطة المركز التي تدور حولها حياتي.
أحيانًا أغضب من ضعفي أمامك، من تعلقي بك حدّ الانصهار، لكن سرعان ما أكتشف أنني لا أريد قوة تُبعدني عنك، ولا صلابة تقيني منك.
فأنت ضعفي الجميل الذي يفضحني، وجنوني الذي يفضّلني على كل عقلٍ سليم.
فيك الأمان الذي يهدئني حتى السكون، وفيك الاضطراب الذي يوقظني من بلادة الحياة.
أقترب منك فأشعر أن الكون يهدأ، وأفتقدك فأعرف أنني لم أتعلم العيش من دونك بعد.
كأنك بيتي الذي أهرب منه وإليه في اللحظة ذاتها، وملاذي الذي يرهقني ويُحييني في نفس الوقت.
لقد حاولت أن أكرهك، أن أطفئ حضورك داخلي، أن أقنع نفسي أنني بخير دونك.
لكن كل محاولاتي باءت بالفشل، لأنك تسكنني بعمق لا يمكن انتزاعه.
حتى حزني منك يظل أجمل من فرحي مع غيرك، وحتى وجعي بك يظل أغلى من سلامي بعيدًا عنك.
أنت السرّ الذي لا أريد تفسيره، والوجع الذي لا أريد مداواته، واليقين الوحيد في حياتي المليئة بالخذلان.

لا سبيل للنسيان


أعرف يقينًا أنك لن تنساني، وأنا أيضًا لا أستطيع أن أنساك.
كيف يُمكن للعمر أن يمحو من ذاكرته أجمل سنواته؟
كيف يُمكن للقلب أن ينسى من منحه الحب والصدق والاهتمام بلا مقابل؟

قد نُقنع أنفسنا أحيانًا أننا تجاوزنا، وأننا قادرون على إغلاق الصفحات القديمة،
لكن الحقيقة أن القلب لا يُخدع بسهولة… الذكريات تظل كامنة،
تنتظر لحظة غفلة لتعود بكل قوتها، وتذكرك بي وسط تفاصيل يومك.

ستجدني هناك، في أكثر اللحظات ازدحامًا،
حين تشعر أنك بحاجة إلى أحد يسألك بصدق:
“كيف حالك؟ هل أنت بخير؟ طمئنّي عليك.”
ستسمع صدى صوتي يتردد في داخلك،
وستُدرك كم كان غيابي ثقيلًا على أيامك.

ستفتقد رسائلي الصغيرة، تلك الأغنية التي كنت أرسلها لك،
وتلك الصور التي تخيلت أنها ستجمعنا يومًا في أماكن حلمنا بها.
ستكتشف أن غيابي لم يكن عابرًا، بل ترك فراغًا لا يُملأ بسهولة.

وستبحث ـ حتى لو كان عبثًا ـ عن شيء يُشبهني،
عن ملامح قريبة، أو تفاصيل بسيطة،
لكنّك ستدرك في النهاية أنك لن تجد.
لأنك تركت قلبًا كان كل حلمه أن يكون بجانبك فقط،
قلبًا لم يطلب شيئًا سوى أن يمنحك الأمان،
أن يشاركك الطريق بلا شروط، بلا مصالح، بلا قيود.

قد يُرهقك اعترافي، لكنني واثقة أن يومًا سيأتي،
ستتذكرني فيه بوضوح، وستشعر أنني كنت الأصدق،
وأنك أضعت قلبًا لم يعرف يومًا إلا كيف يحبك

حكايات ابديةمكتوبه بيد القدر


ربما يجمعنا القدر مع مانريد و ما أحببناه يومًا في توقيت آخر،
وقت نكون فيه أقدر على الاحتواء،
وتكون الاشياء اقدر في البقاء معنا.
فقد يكون حضورها الآن خسارةً لنا،
أو عبئًا لا نستطيع احتماله.

كل ما في الأمر، أن الزمن أحيانًا يُعلِّمنا كيف نفهم قيمة الأشياء،
وكيف ندرك أنها حين تغيب لا تختفي للأبد،
بل تنتظر اللحظة التي يكتمل فيها نضجنا ونضجها معًا.

أنا لا أؤمن أن الفقد نهاية،
ولا أن الفراق يمحو الحكايات.
هناك حكايات ابدية فهى مكتوبه بيد القدر
الطرق مهما ابتعدت، قد تعود لتلتقي عند نقطةٍ جديدة،
والجسور مهما تهدّمت، يظل لها أثرٌ يقودنا نحو بعضنا يومًا ما.

لذلك أؤمن أن لكل ضياعٍ عودة،
ولكل انطفاءٍ شعلةٌ صغيرة تخبئ نفسها كي تضيء من جديد.

الحكاية لم تنتهِ…
ما زالت تكتب فصولها في الغياب،
وتتهيأ للحظة لقاءٍ آخر،
كأنها تُذكّرنا أن العمر ما زال يتسع،
وأن الأقدار أحيانًا تؤجل العطاء… لكنها لا تحرمه

فرق توقيت


ربما يجمعنا القدر مع مانريد و ما أحببناه يومًا في توقيت آخر،
وقت نكون فيه أقدر على الاحتواء،
وتكون الاشياء اقدر في البقاء معنا.
فقد يكون حضورها الآن خسارةً لنا،
أو عبئًا لا نستطيع احتماله.

كل ما في الأمر، أن الزمن أحيانًا يُعلِّمنا كيف نفهم قيمة الأشياء،
وكيف ندرك أنها حين تغيب لا تختفي للأبد،
بل تنتظر اللحظة التي يكتمل فيها نضجنا ونضجها معًا.

أنا لا أؤمن أن الفقد نهاية،
ولا أن الفراق يمحو الحكايات.
هناك حكايات ابدية فهى مكتوبه بيد القدر
الطرق مهما ابتعدت، قد تعود لتلتقي عند نقطةٍ جديدة،
والجسور مهما تهدّمت، يظل لها أثرٌ يقودنا نحو بعضنا يومًا ما.

لذلك أؤمن أن لكل ضياعٍ عودة،
ولكل انطفاءٍ شعلةٌ صغيرة تخبئ نفسها كي تضيء من جديد.

الحكاية لم تنتهِ…
ما زالت تكتب فصولها في الغياب،
وتتهيأ للحظة لقاءٍ آخر،
كأنها تُذكّرنا أن العمر ما زال يتسع،
وأن الأقدار أحيانًا تؤجل العطاء… لكنها لا تحرمه

14‏/08‏/2025

الوقوع فى الحب قدر

سألوني يومًا: كيف وقعتِ في حبه؟
ابتسمتُ وكأن السؤال أعادني دفعة واحدة إلى تلك الليلة البعيدة، ثم قلت: "لا أعلم…".

كل ما أذكره أن الأمر بدأ بكلمات قليلة، محادثة عابرة، بلا ترتيب ولا نية مسبقة.
كان الحديث بسيطًا، دافئًا على نحو غريب، خاليًا من أي مجاملة أو مصلحة، وكأننا نتحدث من قلب الحقيقة بلا أقنعة.
كانت ليلة هادئة، يلفها سكون يشبه ما قبل المطر، والسماء حالكة إلا من قمرٍ يطل بخجل، يراقب العالم كما كنا نراقب نحن حروف بعضنا.

لم أكن أعرفك، وكذلك أنت… لكننا في تلك الساعات القليلة عبرنا مسافات العمر.
تحدثنا في كل شيء؛ عن أحلامنا، مخاوفنا، مواقف مضحكة مرت بنا، وحتى لحظات الحزن التي لا نُطلع عليها أحدًا.
لم نكن نُدرك كم مرّ الوقت، وكأن عقارب الساعة توقفت احترامًا لتلك الليلة.

يوماً بعد يوم، صارت كلماتك عادة، وصوتك ملاذًا، وأصبحتُ أبحث عنك في تفاصيل يومي كما يبحث العطشان عن الماء.
أخبرتك عن هواجسي، عن الجانب الذي لا أريه لأحد، عني كما أنا بلا تعديل.
ولا أعلم كيف ولا متى… لكنك وجدت طريقك إلى قلبي، واستوطنتَه بهدوء.

أحببتك قبل أن أُقرّ أمام نفسي أني أحبك، حتى صار فراقك فكرة ثقيلة لا تحتمل.
لا أدري كيف علقتَ بي، ولا كيف صار اسمك جزءًا من دعائي الصامت.
لكنني أعلم يقينًا أنك كنت خياري دائمًا…
وحين خيّروني بينك وبين الجميع، اخترتك أنت بلا تردد، بلا تفكير، بعينين مغمضتين وكأنني أعود إلى بيتي.

وستبقى اختياري، مهما طال الفراق، ومهما أرهقتنا المسافات،
لأنك لم تكن يومًا صدفة… كنت قدرًا.

برغم المسافات

أحبك…
بحجم كل الأحلام التي لم تتحقق، بكل الأمنيات التي ضاعت قبل أن تجد طريقها إليك، بكل اللحظات التي رسمتها في خيالي ونحن معًا ولم تأتِ.
أحبك بقدر كل مساء كنت أتمنى أن أراك فيه ولم أرك، وكل صباح تمنيت أن يبدأ بصوتك ولم يحدث.

أحبك كما يحب المسافر مدينة لم تطأها قدماه، لكنه يعرف طرقاتها من الحكايات، ويشعر بالحنين إليها وكأنها بيته الأول.
أحبك كما يشتاق العطشان إلى غيم لا يمطر، وكما يفتقد الليل نجمة تركت سماءه إلى الأبد.

أحبك رغم المسافات التي شُيّدت بيننا، ورغم الحقائق التي جعلتنا نعيش في عالمين متوازيين لا يلتقيان.
أحبك رغم أنك لست لي في هذه الحياة، لكنك لي في قلبي… تسكنه كما لو أنك خُلقت له، ولا يشاركك فيه أحد.

أحبك لأنك الحلم الذي لم أستيقظ منه، حتى حين أيقظتني الحياة منه بالقوة.
أحبك لأنك القصة التي لم تكتمل، لكنها بقيت الأصدق، والأكثر تأثيرًا، والأكثر قدرة على إحياء شيء بداخلي ظننت أنه مات منذ زمن.
أحبك لأنك الصفحة التي لم تُكتب للنهاية، لكنها كانت أجمل ما قرأت من فصول حياتي.

وأحبك أكثر… لأنك رغم كل هذا، ما زلت اسمي السري في دعائي، ووجه قلبي الذي لا يشيخ، وصوت الحنين الذي لا يخفت مهما تلاشت الأصوات من حوله.
أحبك لأنك لم تكن صدفة، ولم تكن مرورًا عابرًا، كنت علامة فارقة لا تشبه أحدًا ولا تتكرر.

قد أكون في حياتك مجرد ذكرى، لكنك في حياتي وجود، حضور، وثبات.
قد يراك الناس عاديًا، لكنني أراك الاستثناء الوحيد الذي صنعته الأقدار لي، ولو أنصفني الزمن، لجعلنا في طريق واحد لا نفترق عنه أبدًا.

أحبك حتى وإن افترقنا، حتى وإن سلكت طريقًا آخر، حتى وإن ضحكت لغيري، وأمسكت يدًا غير يدي.
أحبك حتى وإن أخفيت عنك هذا الحب، وحتى إن دفنته تحت ألف طبقة من الصمت.
أحبك… وأعرف أنني سأظل أحبك ما حييت، لأن حبك صار جزءًا مني، جزءًا لا ينتزع، حتى وإن غبت أنت.

أحبك لأنك الرجل الذي استطاع أن يترك بصمة على قلبي لم يمحُها الوقت، ولا البُعد، ولا أي يد حاولت أن تمحوها.
أحبك لأنك الوحيد الذي شعرت معه أنني أنا، بلا أقنعة، بلا خوف، بلا تردد.

وحتى لو علمت يومًا أن هذا الحب لن يكتمل، سأظل أحتفظ به كأغلى ما أملك، وأحمله معي كما يحمل المسافر تعويذة تمنحه الأمان في غربته.
أحبك… وهذا يكفيني.

أحببتك وأغلقت الأبواب

لا أريد أن يقترب من قلبي أحدٌ غيرك، ولا أن أفتح نوافذ روحي لأحدٍ سواك.
لا أريد أن أروي لأحدٍ أحلامي الصغيرة والكبيرة إلا لك، ولا أن أُري جانبي البسيط والساذج إلا أمامك أنت.
لا أريد أن أبني بيتًا في الخيال إلا وأنت أول جدرانه، ولا أن أتصوّر مائدة عشاء دافئة إلا ووجهك في صدر المشهد.

أريدك أنت…
لا لأنني بلا بدائل، ولا لأن الدنيا أغلقت أبوابها في وجهي،
بل لأنك البديل الوحيد الذي يجعل كل الأبواب الأخرى بلا قيمة،
ولأنك الطريق الذي لا أرغب أن أضل عنه، حتى لو تفرعت أمامي كل طرق العالم.

لو جمعوا لي زينة الأرض كلها ووضعوها في كفة،
ووضعوك أنت في الكفة الأخرى،
لأغلقت عيني، وابتسمت، ومددت يدي نحوك…
بكل يقين عاشق يعرف أنه اختار بيته الأخير، وراحته الأبدية.

الهزيمة الصامتة

الفراق لا يلتهمنا دفعة واحدة،
هو يأتي على مهل، بهدوء غامض، بمزاج صافٍ، كأنه يراقبنا قبل أن ينقضّ.
يأخذ أصواتنا شيئًا فشيئًا، من الكلام الطويل المتواصل إلى همسات متقطعة، حتى نصبح معتادين على السكوت، على الفراغ الذي يملأ المكان والروح.

يأخذ أجسادنا، من دفء العناق والانصهار إلى برودة المنفى، إلى تجمّد العاطفة حولنا.
يأخذنا إلى العدم، خطوة بخطوة، حتى نتلاشى بلا صخب، ونختفي من ذاكرة العالم كما لو لم نكن يومًا.

كنا بالأمس معًا، واليوم أصبحنا ذكرى، و"افترقنا" ما سيُقال، لكن لا أحد يعرف كيف بدأنا، ولا كم قطعنا من طرق الوحدة قبل أن نعود إليها، بهزيمة صامتة، صامتة جدًا، حتى صار الصمت رفيقنا الوحيد، وشاهدًا على اختفاءنا البطيء.

رجل لا يشبه احد

أن تحبك امرأة مثلي… يعني أن تكون دائمًا البطل الذي يسكن كل أحلامها، الذي يملأ كل صفحات قلبها، الذي تتحرك مشاعرها على إيقاع حضوره.
أنت الرجل الذي لا يشبه أحدًا، الرجل الذي يثير الدهشة في كل مرة يظهر فيها، الذي يترك أثرًا لا يمحى في روحها قبل أن يتركه في يومها.

لن يجد قلبك حبًا مثلي، ولن يراك أحد كما أراك أنا… بعين تعرف عمقك، وتقرأ بين صمتك وكلماتك، وتحتضن ضعفك وقوتك معًا.
معي، كل لحظة تصبح أغنية، وكل ابتسامة وعد، وكل صمت يحمل ألف معنى. أنا أعيش لك بكل تفاصيلك، بكل ضحكتك وهمساتك، بكل ما يختبئ خلف نظراتك، وأحتفظ بكل شيء في قلبي.

أنت من يمتلك مفاتيح روحي، الرجل الذي يجعل الحب خالدًا، الذي يجعل قلبي تختاره كل يوم من جديد. معك، يصبح كل شيء ممكنًا، ويذوب كل خوف، ويتحول كل وجع إلى أمان.
وحتى بعد كل هذا، أكتشف فيك كل يوم شيئًا جديدًا يستحق الحب، ويحفظ في قلبي إلى الأبد.


إليك وحدك

عزيزي…
حين تضيع بين الطرق، وتجد نفسك تائهًا بلا وجهة، تذكّر أنّ هناك مكانًا لك عندي.
تعال إليّ، فأنا هنا، وجهتي لا تخون، وذراعيّ لا تعرف سوى أن تكون لك مأوى وملجأ.
حتى إن لم تشعر بالقدرة على المجيء، يكفيني أنّك تعرف أن حضني موجود، صامد، ينتظرك بصمت.
سأحتويك عند كل انهيار، وأضمك حين يثقلك العالم، وأكون لك وطنًا لا يغادر، مهما كانت العواصف.
هنا، بين دفء يديّ ونبض قلبي، ستجد راحة لا يعرفها غيرك، وستعلم أنّك مهما ابتعدت أو ضللت الطريق، فأنا المكان الذي تنتصر فيه على كل تعب، على كل ألم… أنا المكان الذي تنتظره روحك بلا شروط.


13‏/08‏/2025

وطنٌ لا تحده خرائط

معك، لا أحتاج أن أحدد اتجاهاتي،
ولا أن أفتش في جيبي عن خارطة قديمة أو إحداثيات منسية،
فأنت الطريق الذي تسير نحوه خطواتي بلا وعي،
وأنت الوجهة التي تعرفها قدماي قبل أن يتذكرها عقلي،
والمكان الذي تطمئن له روحي حتى قبل أن تبلغه.

أعود إليك كما يعود النهر إلى البحر الذي وُلد منه،
كما يعود المسافر المرهق إلى بيته في آخر الليل،
أعود كما تعود الطيور إلى أوطانها،
ولو غيّرت السماء ملامحها، وتبدّلت الرياح اتجاهها.

أنت موطني الذي لا يشيخ،
والأمان الذي لا يزول،
والألفة التي تتجدد مهما ابتعدنا،
فكلما ظننتني أضعتك،
وجدتني أعود إليك… مغمضة العينين،
وكأنني لم أبرحك يومًا…
لأن بعض الأماكن لا نسكنها نحن،
بل هي التي تسكننا للأبد.

الهروب منك إليك

تاهت خطواتي عني، وتعلّقت بك حتى اخر انفاسي،
فلا أنا قادرة على الرجوع إلى نفسي،
ولا أجد مهربًا منك… ولا أريده.

أحمل صورتك في داخلي كدليل طريق،
لكن كل الطرق التي ترشدني إليها،
تعيدني إلى النقطة ذاتها التي تركتني عندها.

أنت الغياب الذي يملأ أيامي،
والحضور الذي يربكني كلما ظننته ابتعد.
كيف أنجو ممن صار موطني؟
وكيف أستعيدني وقد أودعتك كل ملامحي؟

أعيش في حصارك برغبة كاملة،
أدور في فلكك بلا توقف،
وأعرف أن الرحيل منك…
هو الضياع حقًا.


12‏/08‏/2025

ابواب لا تُغلق



منذ لقائنا، عرفتُ أن الأمان ليس بيتًا ولا مدينة،
بل هو وجهٌ تعود إليه فتطمئن،
وصوتٌ يُسكِت ضجيجك،
وقلبٌ يفتح لك أبوابه بلا قيد ولا شرط.
الرجل، حين يجد المرأة التي يثق بها،
يضع أمامها حياته ككتاب مفتوح،
ويمنحها مفاتيح غرفه السرية،
لا لشيء… إلا لأنه يحب أن تكتشفه،
أن تعبث بأسراره كما تعبث الريح بأوراق الخريف،
فتكشفها برفق،
بمفتاح هو الذي وضعه في يدها طواعية.
وبعض القلوب تُفتح مرة واحدة،
وتظل أبوابها مواربة…
لمن سكنها كالوطن، وأغلقها على اسمه.
#مها_العباسي

وطن تسكنه ولا تغادره

ثمة طمأنينة لا يمنحها لك العالم،
لكنّها تتجسد في لحظة احتواء من شخص يرى وجعك قبل أن تنطقه،
ويقرأ حاجتك قبل أن تطلبها.
كلّنا، مهما قست بنا السنين،
نحتاج من يربّت على أرواحنا كما يُربَّت على كتف طفلٍ خائف.
ثم يجيء ذلك الشخص،
الذي يختصر أحلامك كلّها في ملامحه:
حبيبٌ يسرق قلبك،
وصديقٌ يسند ظهرك،
وقليلٌ من دفء الأهل،
ومساحة واسعة من الأمان…
بحجم وطن تسكنه ولا تغادره.
وطنٌ لا تحده خرائط،
بل يُرسم في قلبك،
وتعود إليه كلما أضاعك الطريق.
#مها_العباسي

11‏/08‏/2025

ما بعد منتصف الليل

اعتراف ما بعد منتصف الليل:
أنت وحدك الرحلة التي أرغب أن أقطعها حتى آخر أنفاسي،
أريد أن أرى اتساع الدنيا من نافذة عينيك،
أن أرقص معك في المطبخ على إيقاع أبخرة الطعام وضحكاتنا،
أن أقبّلك تحت المطر وكأن العالم توقف،
وأحضّر لك الإفطار وأنا أراقب ملامحك النائمة تبتسم في أحلامها.
أريد أن أتشاجر معك،
ثم أجدك تضمّني كما لو أنني أثمن ما لديك،
حتى وإن اختلفنا، يكفيني أننا معًا،
سأحتويك حين تغضب،
وستضمني حين يرهقني العالم.
ستشاهد أفلامي المفضلة فتضحك على ضحكتي قبل المشهد،
وسنضحك حتى البكاء،
ثم أترك دموعي تغفو على كتفك كما تغفو طفلة على ذراعٍ تطمئن له.
معك، لا يشيخ الحب ولا يتعب،
كل ليلة أقع فيك من جديد،
أنت الوحيد الذي يملك مفاتيح روحي،
والوحيد الذي يجعلني أختبئ في حضنك،
كأنني وجدت أخيرًا… موطني الأخير.
#مها_العباسي

حين يأتي المساء

أغلقت المصباح،
وتركت الغرفة تغرق في صمتٍ ثقيل،
تمدّدت على سريرها كما لو كانت تسلّم نفسها لراحة مؤقتة،
لكن النوم رفض أن يحتضنها.

وضعت رأسها على الوسادة،
وفي داخلها عاصفةٌ بلا ملامح،
خصمٌ خفيّ ينهشها من الداخل،
لا يُرى، لكنه يترك أثره في كل جزءٍ منها.

هي لا تحارب جسدًا،
بل تحارب فكرةً تستيقظ معها،
وتنام على أنفاسها،
تقتات من روحها حتى تتركها خاوية.

كم تمنّت أن يأتي الليل بلا معارك،
أن يمرّ على قلبها مرور الغيم،
لكنها عرفت الحقيقة منذ زمن…
أن الحرب التي تسكنها
لن تُعلن هدنتها أبدًا،
وأنها وحدها،
المحارب والجرح… في آنٍ واحد.
#مها_العباسي

"غائب حاضر في كل الحكايات"



كلّ ليلة،
حين أغمض عيني،
أصنع لك عالَمًا كاملًا في مخيلتي،
أبتكر مئات السيناريوهات التي تجمعنا،
أرسم تفاصيلك بألف صورة وصورة،
وأكتب في رأسي حوارات لم تحدث،
وأبتسم لردودك التي لم تقلها.

كل ليلة،
أراك تعود بأشكال مختلفة،
مرةً تطرق بابي في منتصف المطر،
ومرةً تجلس إلى جواري وكأنك لم تغب يومًا،
وأحيانًا أراك تضحك بصوتٍ أعرفه أكثر من نبضي.

لكن كل صباح،
أفتح عيني فأجد أن شيئًا من ذلك لم يحدث،
وأنك ما زلت هناك…
بعيدًا عني،
كما كنت دائمًا،
وكما يبدو أنك ستكون إلى الأبد.

#مها_العباسي

10‏/08‏/2025

الغائب الذي لم يرحل

أحملك معي أينما مضيت،
كظلٍّ لا يفارقني، وكوشمٍ لا يمحوه الوقت.
تسكن أعماق روحي كما يسكن النبض بين أضلاع القلب،
كأنك لم تغب يومًا،
وكأن المسافات لم تُمد بيننا جسرًا من الغياب.

تمرّ السنوات،
وأنا ما زلت أحفظ ملامحك عن ظهر قلب،
أُخبّئك في داخلي كسرٍّ أخشى أن يضيع،
وأحملك كحلمٍ لم يكتمل،
كأغنية أعرف لحنها لكن ضاعت كلماتها.

أراك في الوجوه المارة بلا ميعاد،
وأسمعك في صمت الليالي الطويلة،
وأشعر بك في برد الشتاء ودفء الفجر،
رغم أنني لا أعرف إليك طريقًا،
ولا أملك خريطةً تعيدني إليك.

أنت الغائب الذي لم يرحل،
والوطن الذي أضاعني…
ومع ذلك،
أحملك في قلبي،
كما يحمل المسافر بيته في ذاكرته،
حتى وإن لم يعد إليه أبدًا.

أنت القدر

وإن لم تكن قدري المكتوب،
فقد كنت ذات يوم نبوءة حلمٍ سكنني حتى صدّقته،
عشقتك بكل ما فيك،
بأدقّ تفاصيلك،
تفاصيلك الصغيرة التي لا ينساها القلب…
رائحة سجائرك الممزوجة بدفء قهوتك،
وصوتك وهو يحكي وسط دخانٍ يتراقص،
ونظرتك التي كانت تسكنني قبل أن تكمل كلماتك.

رحلتُ معك محمّلةً بالأمل،
تجاوزت حدود الممكن والمستحيل،
نمشي معًا على طرقٍ لم تطأها أقدام،
ونرسم خرائط لأماكن لا وجود لها إلا في خيالنا.
ربما سقطت أقدامنا في الفراغ،
وربما لم نجد أرضًا تحتوينا،
لكننا لم نستسلم،
بل اخترنا أن نحيا في مملكةٍ من الوهم الجميل،
حيث تصير السماء أقرب،
والأمان متاحًا بلمسة يد،
وحيث الحلم لا يشيخ،
ولا يجرؤ الواقع على انتزاعنا من بعضنا.

في عالمنا ذاك،
كنتَ لي كلّ المساحات،
وكنتُ لك كلّ الأوطان،
حتى وإن أدركنا أن هذا العالم لن يراه سوانا،
ولن يعيشه أحدٌ غيرنا.

09‏/08‏/2025

"حين يصبح حضنك وطنا"



لم أكن أعرف أن الأمان له ملمس…
إلا حين التقيت بك.

كانت لحظة عابرة في الزمن،
لكنها اختصرت كل تعبي،
كل وحدتي،
كل السنوات التي قضيتها أبحث عن كتف لا يسقط بي.

حين اقتربتَ واحتضنتني،
أدركت أني وصلت.
لا إلى مكان،
بل إلى قلب،
إلى حنينٍ يشبهني،
إلى دفءٍ لا يطالبني بشيء… فقط أن أكون.

كان حضنك أكثر من احتواء،
كان صلاة مستجابة
ودعاء خافت قلته ذات بكاء،
وما كنت أظن أن السماء سمعته.

من يومها،
لم أعد أشتاق لشيءٍ بقدر اشتياقي لتلك اللحظة…
لحظة صمتك وأنت تضمني،
وتقولي من غير كلام:
“أنا هنا… ومش هسيبك تاني.”

#مها_العباسي

"كأني نجوت بك من كل شيء"


جاء حبك دون إنذار،
كفرصةٍ ثانية لم أسعَ إليها،
لكنها جاءت...
نقيّة، طازجة، تحمل نكهة البدايات،
وتنقذني من ضجيج ما مضى.

بعد سنواتٍ من ملاحقة الخيبات،
وركضٍ خلف ما هو مكسور،
أهداني القدر حبك،
كأنّه يعلم أنني سئمت الترميم
وأحتاج شيئًا سليمًا...
ينبض دون شروخ.

شكرًا لك،
لأنك أتيت حين ظننت أن لا أحد سيأتي.
ممتنّة... وممتلئة بك،
هدوءك، دفؤك، حضورك،
كل ما فيك سلامٌ لم أعرفه من قبل.

#مها_العباسي

"لم أكن بحاجة إلى كلمات"

 

بعد عناقه،
لم يعد قلبي يركض كالسابق،
هدأ...
كأنما وجد أخيرًا موطنه،
وكأن الأعباء التي أثقلته لسنوات، قد سقطت فجأة عن كتفي.

لم أكن بحاجة إلى كلمات،
ولا إلى شرحٍ طويلٍ يُفسّر ألمي، أو خوفي، أو الحزن العالق في نظراتي...
كان يكفيني أنه نظر إليّ،
بتلك النظرة التي تشبه قراءة كتابٍ مألوف،
كأنّه يعرف كل سطوري الخفية دون أن أُفصح عنها.

في تلك اللحظة، أدركت أن الفهم لا يشترط الكلام،
فهو أحيانًا يكون في لمسة،
في صمتٍ مُطمئن،
وفي وجودٍ حقيقي...
يحضر حين يغيب الجميع.

كان سكوته أحنّ من ألف اعتذار،
وكان حضوره الصادق خيرًا من كل وعود الذين مرّوا ثم اختفوا.

بعد عناقه،
لم أعد بحاجة للدفاع عن تعبي،
ولا لتبرير دموعي،
ولا للشرح الطويل عن محاولاتي اليومية للصمود.

لقد فهمني...
كما أنا،
بلا أقنعة،
بلا مجهود،
بلا تلك الجملة المتكررة "أنا بخير"،
التي أرددها بينما في داخلي عاصفة لا تهدأ..

#مها_العباسي

مابيننا شئ مختلف

لم يكن بيننا وعدٌ بالحب،
لكن شيئًا خفيًّا كان يربطنا دون أن نسميه.
كنا نتبادل الحديث كأننا نخشى الفقد،
ونضحك كأن العالم لا يرانا،
نتشارك الأغاني كأنها رسائل نُخفي بها مشاعر لا نعترف بها.
نخاف على بعضنا كثيرًا، نشتاق بصمت،
لكننا لم نمنح ما بيننا اسمًا، ولا وصفًا، فقط عِشنا اللحظة كما هي.

تلك المرحلة لم تكن حبًا مكتملًا،
ولا صداقة عابرة،
كانت شيئًا خاصًا جدًا…
زمنًا صغيرًا دافئًا في ذاكرة العمر،
لا يمكن تفسيره، ولا يمكن نسيانه.

#مها_العباسي

"هو الذي غيّر كل شيء"



لم يكن مجرد لقاءٍ عابر،
بل كان نقطة تحوّل،
لحظة انكشاف...
كأنني كنت أسير في نفقٍ طويلٍ من الوحدة،
وإذا بك في نهايته... نورٌ ينتظرني، لا يعاتب، لا يسأل، فقط يحتضنني.

كل شيء تغيّر بعدك.
الهواء صار ألين،
الصمت أقلّ وحشة،
حتى وجعي صار أخف، كأنك حملته معي، دون أن أطلب.

رأيتك...
فهدأ ضجيج الأيام داخلي،
استقرت نظرتي،
وعاد قلبي ينبض بإيقاعه الطبيعي،
كأن الحياة كانت تنتظرك لتبدأ من جديد.

لم نكن نحتاج لكثير من الكلمات،
نظرة واحدة فقط،
كانت كفيلة بأن تُعيد ترتيب كل الخرائط،
أن تُصلح صدوعًا ما عادت تُرى لكنها تُؤلم.

أحببتك لحظة اللقاء،
كأنني كنت أحبك منذ زمنٍ سحيق دون أن أعلم.
أحببتك لأنك لم تطرق الباب،
بل دخلت من أبواب القلب كلها دفعة واحدة،
وتركتها مفتوحة للضوء.

ذلك اللقاء...
لم يغيرني فقط،
بل أعاد إليّ نفسي.
أعاد إليّ إيماني بالفرص الثانية،
والحب الذي لا يأتي بالضجيج،
بل يأتي على مهل،
ليملأك حتى آخرك.

#مها_العباسي

"وأخيرًا… جئتَ"



بعد كل هذا الغياب... جئت.
وكأنك تعود من سفرٍ طويل عبر العمر،
تحمل معك صمت الأيام، وحنين الليالي،
وتلك النظرة التي لم تتغيّر،
رغم كل ما تغيّر فينا.

جلستَ أمامي،
لا كلمات تكفي،
ولا العيون تقوى على الكتمان.
كأن اللقاء نَفَسٌ بعد اختناق،
وراحة بعد تعبٍ أنهكنا من الداخل.

كأنك لم ترحل يومًا،
كأن المسافات التي فرّقتنا كانت مجرّد حلم ثقيل،
وصحونا منه لنجدنا كما كنّا:
أنا... وأنت... ولا شيء بيننا إلا القلب.

كم مرّ من الوقت؟
كم خذلتنا الظروف؟
كم مرة وعدنا أنفسنا بالنسيان ولم نقدر؟
ها نحن نعود...
نعود لا أقوى، ولا أنضج،
بل أصدق،
نعود منهكين... نعم،
لكن بقلوب ما زالت تعرف طريقها.

كنتَ حضوري الغائب،
وها أنت الآن... حضوري الحاضر،
الذي جاء في اللحظة التي كدتُ أفقد فيها اليقين.
لكنك جئت...
وهذا وحده كافٍ كي أطمئن أن الحب لا يُضيعنا،
حتى وإن أضعتنا الحياة.

#مها_العباسي

"الحبُّ الذي لا يُهزَم بالغياب"



غِبتَ… لكن قلبي لم يغب معك.
ما زلتُ أراك في تفاصيل الأشياء،
في صمت المساء،
وفي ارتجافة الوحدة.
كنتَ بعيدًا،
لكنّك تسكنني كأنك لم ترحل قط.

ظننتُ أن الغياب سيطفئك،
أن مرور الأيام كفيل بأن يسرقك من ذاكرتي،
لكنّك كنتَ تكبر بداخلي مع كل لحظة تمر.
كل ركنٍ في قلبي ما زال يحمل ملامحك،
كل ذكرى،
كل ظل،
كل نفس أتنفّسه… فيه شيء منك.

حاولتُ أن أغلق أبوابي،
أن أمنعك من العودة،
لكنّك دائمًا تعرف الطريق.
كنتَ تأتيني دون إذن،
تحمل طيفك،
ورائحتك القديمة،
وتحتلّ روحي برفق.

أدركتُ أنك الحضور الذي لا يغيب،
والحبّ الذي لا يُهزَم،
لا بالصمت،
ولا بالبعد،
ولا حتّى بانطفاء الأمل.

أحببتك بصدقٍ خالص،
إلى الحدّ الذي يؤمن فيه القلب
أن الأرواح لا تفترق…
حتى لو تاهت عن بعضها مؤقتًا.
فنحن… لم نفترق،
نحن فقط ابتعدنا قليلًا،
لنعرف كم كنّا نحتاج إلى بعض.

#مها_العباسي

"رغم الغياب حاضر"



رغم الغياب، ما زال الحضور حيًّا،
يتسلل إليّ كلما أغلقت عيني،
يتمدد في مساحات القلب،
كأنك لم ترحل،
كأنك ما زلت هنا… تنظر إليّ بصمتك،
تربّت على روحي، دون أن تقترب.

أحادثك دون صوت،
أشعر بك دون لمس،
أستعيدك في كل لحظة،
كأنك تفهم صمتي، وتترجمه إلى حضن دافئ لا يُرى.

أشتاقك، لا لأنك بعيد،
بل لأنك حاضر بما لا يُحتمل.
تسكن تفاصيلي،
كأنك اعتدت الحياة داخلي،
كأن غيابك كان طُرقًا للوصول الأعمق.

بعض الغياب لا يمحو الوجود،
بل يجعله أكثر حضورًا،
أكثر دفئًا،
أكثر ألمًا.

أراك في المرايا،
في أطياف الليل،
في الأماكن التي مررنا بها سهوًا،
وفي تلك التي تمنيت لو مررنا بها سويًا.

أراك حين أحتاج من يحتويني،
فتأتيني… دون أن تأتي.

#مها_العباسي

"حين تسرقنا الذكريات"



ليست الذكريات مجرد صور عابرة...
بل هي يد خفية تمتد إلينا حين لا نتوقّع،
تلمس أطراف الروح، وتهمس في القلب بأصوات من غابوا.
كأنها تعرف تمامًا أين نخفي ضعفنا،
فتأتي، وتضغط عليه برفق قاتل.

أجلس وحدي، وفي رأسي ضجيجٌ من تفاصيلك،
ضحكتك التي سكنت أذني، نبرة صوتك حين تهمس،
نظرتك التي مرّت كنسمة، وأبقت خلفها عاصفة.

أحاول أن أعيش الحاضر،
لكن الذكريات تسحبني إلى حيث كنت...
معك، بقربك، في تلك اللحظات التي كنّا نظنها عادية،
لكنها الآن تُغرقني كلما تذكّرتها.

أراك في الأماكن التي مررنا بها،
في الأغاني التي سمعناها،
في رائحة القهوة، في لمعة ضوء عند الغروب،
في كل شيء…
حتى الأشياء الصغيرة أصبحت تنطق باسمك.

غيابك لا يعني أنك لست هنا،
بل يعني أنك أصبحت مقيمًا في ذاكرتي،
تظهر في كل حين،
وتترك فيّ أثرًا… لا يزول.

#مها_العباسي

08‏/08‏/2025

"الرجوع إلينا"



لم نخطط للقاء، ولم نرتب شيئًا.
لكننا التقينا.
كما اعتدنا دائمًا، في اللحظة التي يبدو فيها أن كل شيء انتهى، نعود.

كانت أعيننا تتحدث، وصمتنا يقول ما عجز اللسان عن قوله.
لم نكن بحاجة إلى تفسير،
فالحب الذي بيننا لم يكن بحاجة إلى كلمات،
بل إلى هذا اللقاء الذي يُرمم كل ما تهدَّم في الغياب.

شعرتُ حين رأيتك أنني كنت أتنفس دون حياة،
وأن قلبي لم يعد ينبض كما كان، إلا حين التقت نظراتنا.
كأنك تعيدني إليّ،
وكأن وجودك يمنحني من ذاتك ما يجعلني أُكمل الطريق.

لسنا كأي اثنين التقيا وابتعدا...
نحن كلما ابتعدنا، اقتربنا أكثر.
كلما افترقنا، ازداد الرابط عمقًا وثباتًا.
هناك خيطٌ لا يُرى، يشدّني إليك مهما حاولت أن أهرب،
خيط من الروح… ومن القدر.

أدركت بعد كل غياب، أننا لا نفترق حقًا.
ربما تغيب الأجساد،
لكن الأرواح... تظل معلقة في فضاءٍ واحد، تتقاطع، وتنتظر لحظة الرجوع.

لم تعد علاقتنا مجرد حب،
بل صارت يقينًا،
أنك قدري الذي لا مفرّ منه.
أنك الأمان، حتى حين تغيب،
والسكينة، حتى حين يتكاثر الضجيج داخلي.

وأنا؟
أنا التي كنت أظن أنني سأعتاد غيابك،
عدتُ إليك بنفس اللهفة… وربما أكثر.

نحن لا نعود كما كنّا،
بل نعود أقرب، أصدق، وأقوى.

#مها_العباسي

قال القدر

"لأ ن القدر لا يخطئ"

كانا يظنّان أن الفراق نهاية...
وأنّ البُعد كافٍ ليطفئ ما أشعلته اللحظة الأولى.
مرّت بينهما مسافات من صمتٍ، وخرائط من الغياب،
واعتقد كلٌّ منهما أنّ الآخر أصبح ماضٍ لا يُعاد.

لكنّ القدر...
كان يكتب في السرّ،
يرسم دوائر لا تنتهي، ويُخفي خيوط العودة بين صفحات العمر،
حتى إذا ما آن الأوان...
دفعهما في اتجاه بعض، من دون أن يدركا كيف ولماذا.

لم يكن اللقاء صدفة،
بل اتفاقًا قديمًا بين أرواحهما،
وكلّ مرّة افترقا فيها،
كان القدر يقول بهدوء: "ستعودان، لأن بينكما وعدًا لا يُنكَر."

القلوب التي تعرف طريقها،
لا تضلّ طويلًا،
والأرواح التي تلامست في لحظة صدق،
لا تنسى.

ففي كل مرّة افترقوا فيها،
كان القدر يعيد ترتيب المشهد،
ينسج لهما طريق العودة،
كأن الكون بأسره يتآمر على أن يُبقيهما معًا،
حتى لو أنكرا، وحتى لو خافا.

القدر لا يُجامل،
لكنه يُعيد ما يستحقّ العودة.
وهما... كانا يستحقّان بعضهما،
حتى بعد ألف غياب.

#مها_العباسي

"قال الصمت"



أنا الصمتُ الذي سكن بينهما...
لا صمتًا فارغًا، بل امتلاءً خفيًّا بكل ما لم يُقَل.
كنتُ الحارس الأمين على مشاعرهما،
أحمل وجع الاشتياق، ورهبة اللقاء، وارتباك العودة بعد غياب طويل.

كلما جلسا متقابلَين،
كنتُ أجلس بينهما، لا أقطع الحديث، بل أفسح له مساحةً ليولد من العيون لا من الشفاه.
أنا مَن كنتُ أترجم رعشة الأصابع،
نظرة الخجل، تنهيدة مفاجئة تخون القلب وتفضح الحنين.

أنا الصمت الذي لم يكن برودًا،
بل دفئًا مشحونًا بالخوف من الاعتراف،
وبالحبّ الذي خُبّئ طويلًا، حتى كاد يفيض.

غيابهما عن بعض لم يكن موتًا للحب،
بل اختباءً خلفي،
كنتُ أغطي على وجعهما،
أحميهما من ضعفهما، وأخفي الرسائل التي لم تُرسل،
والكلمات التي استحيَت أن تُقال.

ثم جاء اللقاء…
وعاد كل شيء،
وبقيتُ أنا كما كنت:
رفيقهما المفضَّل،
وصوت الحبّ الصامت الذي لا يشيخ، ولا يُخطئ.

أنا الصمتُ الذي يعرف جيدًا:
أنّ بعض القلوب لا تحتاج إلى صوت،
بل إلى لحظة صمتٍ صادق…
ليكون كل شيء مفهومًا.

#مها_العباسي

"قال الزمن..."


قال الزمن:
رأيتُ كل ما بينكما، قبل اللقاء وبعده.
كنتُ أنا الطريق الذي مشت عليه خطوات الاشتياق،
والصمت الذي ملأ أيام الغياب،
والنبض الخافت في صدر كل منكما، حين ادّعيتما النسيان.

تابعتكم بصبرٍ لا يملّ،
رأيتُ نظرات تتوارى خلف الزحام،
وكلمات تُخفى في طيّات الصمت،
ولحظات تتمنّى اللقاء، لكنها تُؤجَّل كي لا تنكسر.

كنتما تحاولان الهرب من بعضكما،
لكنّني كنت أعيدكما دائمًا إلى نقطة البدء،
إلى حيث تعانقت أرواحكم أول مرة،
وحيث لا مهرب من النبض الذي ينادي.

وحين قررتُ أن أمنحكم لحظة اللقاء،
لم أفعل ذلك عبثًا.
أردتُ أن تلتقيا بعد أن نضج الشوق في قلبكما،
وبعد أن صار كل منكما يعرف الآخر من دون أن يتكلم،
ويراه من دون أن يقترب.

أردتُ أن يجيء اللقاء خفيفًا،
لكن عميقًا كجذور شجرة عتيقة،
أردتُ له أن يكون صامتًا،
لكن مُحمّلًا بكل ما لم يُقل في الغياب.

لقد حفظتُ لكما الوقت،
أخفيتُه في قلبي،
حتى يحين أوانه،
فأنا الزمن…
لا أُخطئ موعد الحب الحقيقي،
ولا أُفرّط في الأرواح التي خُلقت لتعود لبعضها، مهما طال البعد.

#مها_العباسي

07‏/08‏/2025

ليس كل حبيبين افترقا بعد ارتباط أو مرّا بخلاف، يعني أن الحب بينهما قد انتهى، أو أن العلاقة لم تَعُد قابلة للاستمرار.
ففي أحيان كثيرة، يُعلّمنا البعد دروسًا عميقة، ويؤكّد لنا صدق مشاعرنا، ويُبيّن لنا أن لا أحد سواه يصلح لأن يكون معنا.

الابتعاد قد يُعمّق الحب، ويجعلنا نُدرك الأمور بوضوحٍ أكبر.
قد نشعر بتغيّر ما، لكن بيدنا دائمًا أن نُعيد كل شيء كما كان. 
فالحياة تُرهقنا، وتكسرنا أحيانًا، لكن الحب قادر على أن يُرمّمنا من جديد.

لا توجد علاقة لا تمرّ بخلافات، وإن كنا ننهي كل علاقة عند أول خلاف، لكان نصف سكان الأرض عُزّابًا، أو مطلقين، أو منكفئين على ذواتهم، خائفين من الحب والارتباط.

فالحب لا يعني ألا نختلف، بل يعني أن نتقبّل اختلافنا.
ولا يعني ألا نتجادل، بل أن نملك القدرة على التفاهم.
الحب لا يقوم على القسوة أو التجاهل، بل على الحنان والتفهّم.
ليس الحب مجرد كلمات غزل أو لحظات عناق، بل هو أن تُصارع نفسك كي لا تؤذي من تحب، أن يُخبرك عقلك بالتجاهل، فيرفض قلبك حتى فكرة زعله للحظة واحدة.

الحب أن تعشق حتى عيوب من تحب.
أن تغفر وتسامح، وأن تظل واثقًا به مهما حدث.
أن تمنحه دعمك،
أن تُنصت إليه، تُشجّعه، تُؤمن به، وتقول له دائمًا:
"أنت قادر، أنا معك، أؤمن بك، وسأبقى إلى جانبك، سندك، وكتفك وقت الشدة."

ليست كل علاقة تمرّ بتوتر تستحق أن تنتهي،
وليست كل علاقة حب تستحق أن تستمر،
فالأمر يعود إلى الطرفين، ثم إلى القدر، والظروف، وواقع الحياة.

لكن، في النهاية...
ما أروع أولئك الذين يُصارعون الواقع والظروف لأجل من يحبون، ويُثبتون أن الإيمان الحقيقي لا يتراجع، وأن الحب لا يُهزَم.

06‏/08‏/2025

الاختيار المستحيل

لم أكُن يومًا اختيارك،
كنتَ دومًا تميل للطريق الذي لا يؤدّي إليّ،
حتى وأنتَ على يقين أن راحة قلبك بين يديّ.
لا أعلم لمَ تبتعد،
لِمَ تشُدّ الرحال إلى أبعد نقطة عن قلبي،
وكأن البُعد خلاص، أو الهرب شفاء.
حتى حين يُعيدنا القدر إلى بعض،
دون ميعاد، دون تخطيط…
تعود لتُفلت يدي وتمضي.
لا أعلم،
أهي الظروف من تفرّقنا؟
أم القدر يتلاعب بنا؟
أم أنك في النهاية،
كنتَ تختار الرحيل… بإرادتك؟

#مها_العباسي

05‏/08‏/2025

هدوء يشبهني ويشبهك

هو لا يُشبه أحدًا، وهذا يكفيني.
لا يحتاج أن يقول الكثير، يكفيني أنه حين ينظر نحوي، أشعر وكأنني وصلتُ أخيرًا بعد عمر من التيه.

نحن لسنا مثاليين، لكننا نعرف بعضنا كما نحن فعلًا، بلا تزييف، بلا رتوش.
أنا بفوضاي، بتقلباتي، بكل ما أخفيه في صدري من تناقضات.
وهو بحذرِه، بخياله، بذلك الضوء الخافت داخله، الذي لا يسمح لأحد برؤيته… إلا أنا.

نحن لا نُشبه القصص المتداولة،
لسنا قصة حب صاخبة،
نحن نَسمة هادئة تهبّ وقت الغروب،
صمتٌ طويل فيه ألف معنى،
ضحكة خجولة في منتصف الحديث،
كلمة "أنا معك" تُقال دون أن تُنطق.

هو لم يُغيّرني، ولم يحاول.
اكتشفني فقط، كأنني مدينة نائمة قرر أن يتجول فيها دون خريطة، ووجد في شوارعها ملامحه المفقودة.

وحين أتحدث عنه، لا أُفكر إن كان سيبقى للأبد،
أنا فقط أحب هذا الشعور الذي يملأني حين أفكر فيه…
كأن قلبي يتمدد بهدوء، كأنني أتسع للحياة مرة أخرى.

#مها_العباسي

الصمت الصارخ

ما يغضبك حقًا… ليس ما تراه أمامك.
أنت غاضب من أمرٍ واحد فقط،
أمرٌ دفنته في قلبك ولم تمتدّ له يد للشفاء.
والباقي؟
مجرد شرارات تشعل جمرًا قديمًا،
مجرد أصواتٍ تُوقظ فيك صمتًا ما زال يصرخ.

كل الأشياء التي تثيرك اليوم،
ليست إلا وجوهًا مستعارة لذاك الغائب الحقيقي،
ذاك الوجع الأول… الذي علّقك في المنتصف،
فصرتَ ترتجف كلما مرّت عليك نسخته في هيئة جديدة.

الغضب يا عزيزي ليس إلا رسالة من قلبك
يقول فيها:
"أنا ما زلتُ موجوعًا، وما زالت الحكاية لم تُغلق."

#مها_العباسي

ابقَ بخير

كل شيء من حولي يزداد صعوبة، تتراكم المهام، وتثقل الأيام كأنها لا تنوي الرحيل.
ربما لهذا السبب خفَتَ صوتي وغابت رسائلي عنك مؤخرًا…
لكن في عمق كل هذا الضجيج، هناك يقين لا يتزحزح… أنك هنا، وإن لم تكن بقربي الآن.

أُمنِّي نفسي بلقاء قادم، في ليلة هادئة،
تملأها رائحة القهوة ودخان سيجارتك،
وصوت كاظم وهو يغني قصائد نزار يتسلل إلينا من بعيد،
نضحك من قلوبنا على الحكايات، ونحكي عن كل ما مررنا به حتى وصلنا إلى بعض.

تلك الليالي التي جمعتنا كانت دواءً لكل شيء موجع.
كان يكفيني صوتك وضحكتك حتى يخف وطء العالم.

كثيرًا ما جعلنا من المتاعب نكتة،
ومن الجروح حكاية تُروى وتُنسى،
كأننا، في حضور بعضنا، نُشفى ببساطة،
كأن كل شيء قبيح في الحياة يصير أهون عندما نمسك بأيدي بعض.

لا أعلم متى سنلتقي مجددًا،
ولا أين ستأخذنا الأيام،
لكنني أعرف أن اللقاء قادم لا محالة،
وسنجلس سويًا من جديد،
نحتسي القهوة وتدخن وتطلق دخانك وتبتسم لأننا معا، ونحتفل بالحب…
الذي نجا بنا، من كل شيء.

ابقَ بخير،
فأنا أقاوم هذا العالم على أمل أن أعود إليك.

#مها_العباسي

الحب لا يأتي مرتبًا

الوقوع في الحب لا يُشبه السقوط فقط، بل يُشبه السير بثقة فوق أرض تبدو صلبة، ثم تكتشف أنها كانت هشة تحتك تمامًا.
تظن أنك تسيطر على مشاعرك، تفهم نفسك جيدًا، حتى يأتي ذلك الشخص… ويغيّر كل شيء.

في البداية تظنه إعجابًا عابرًا، لحظة مؤقتة ستزول، لكن شيئًا بداخلك يتغير.
تجد قلبك يتصرف وكأنه لم يعد لك، يتولى القيادة دون إذنك، يشتاق ويقلق ويتعلق، وتكتشف أنك لا تستطيع معارضته.

تُصبح التفاصيل الصغيرة هي محور يومك…
صوته، كلماته، حتى غيابه، كل شيء يتضاعف صداه داخلك.
تُراجع ما قاله، تبحث بين السطور، تتوقع، تشتاق، وتتوتر وكأنك في انتظار رسالة من الحياة نفسها.

ثم تدرك الحقيقة:
أن الحب لا يأتي مرتبًا كما كنا نظن…
بل يأتي فوضويًا، يدخل من نوافذ لم تكن تعلم بوجودها، ويعبث بك كطفل مشاغب…
وقد يُرهقك أحيانًا، لكنه الوحيد القادر على أن يمنحك شعورًا بالحياة لا يشبه أي شيء آخر.

وفي لحظة صدق، تعترف:
"أنا لم أقع في الحب، بل وجدته أمامي…
فأغلقت عيني، وذهبت إليه بكل ما فيّ."
#مها_العباسي

"ما زلتَ في كل شيء"

في كل مرة أُوهم نفسي بأنني تجاوزتك،
يحدث ما يُعيدك إليّ دون استئذان.
عطرٌ عابر في شارع مزدحم،
أغنية قديمة في ركن مقهى،
تفصيلة صغيرة في وجه غريب،
ضحكة تشبهك، أو حتى كوب القهوة الذي اعتدته.

لستُ أبحث عنك، ولم أعد أتمنى عودتك.
أنا فقط... لم أُتقن النسيان كما ينبغي.
لم أفلح في طيّك كصفحة من الماضي،
ولم تنطفئ ملامحك كما تنطفئ الوجوه التي لم تعنِ لنا الكثير.

ما زلتَ هنا...
في خلفية كل حديث،
في الفراغات بين الجُمل،
في صمتي حين أتخيّل ماذا كنت ستقول،
وفي ضحكتي التي تنطفئ حين أتذكّر أنك لم تعُد جزءًا منها.

لم أعد تلك الفتاة التي أحببتها،
العفوية، الصاخبة، التي تضحك بلا حساب وتبكي بلا خوف.
أصبحت أكثر صمتًا، أكثر اتزانًا،
أخفي وجعي وراء ضحكة مهذبة، وأخبّئ ذاكرتي داخل قلب مُنهك.

يظنون أنني نضجت،
لكنّ الحقيقة أنني تعبت.

لا تقلق،
سأواصل التظاهر بأنني بخير،
سأحيا كما لو أن غيابك لم يُفتّت شيئًا في داخلي.
لكن إن سألتني يومًا:
"هل نسيت؟"
فسأجيبك بصراحة:
"لا أدري... كل ما أعلمه أنني ما زلت أراك في كل شيء."

#مها_العباسي

04‏/08‏/2025

"أنا ظلّك ومأواك"



أنا الصغيرة التي لا تكبر إلا في دفء عينيك،
التي لا تعرف من العالم سوى وجهك،
ولا تطمئن إلا حين تكون بقربها.

أنا التي لا تدرك الحياة إلا بك،
ولا تتنفس سوى ما تمنحه رجولتك من أمان،
أنا التي لا تكتمل إلا حين تكون لها وطنًا.

أنا رفيقتك في البهجة،
التي تضحك بصوتها العالي حين تكون معها،
ولا تشتهي الفرح إلا إن شاركته معها.

أنا تلك التي لا تهدأ إلا إن تأكدت أنك بخير،
تسأل عن نومك، عن طعامك، عن قلبك...
فاطمئنانك يسبق حاجاتها كلها.

أنا روحك التي تذوب فيك،
وتلتحم بك دون قيد،
أنا التي تسكنك وتعرفك كما لا يعرفك أحد.

#مها_العباسي

02‏/08‏/2025

"حين وجدتُ قلبي في عينيه"




كيف أُحدّثكِ عنه؟
كيف أصفُ رجلًا لم يأتِ ليأخذ شيئًا، بل جاء ليحميني من كل شيء؟

أأخبركِ أنه جعلني أحب الليالي الطويلة؟
ليس لأن الليل جميل، بل لأن حضوره كان يُضيء عتمتي.
كان هو الضوء الهادئ الذي لا يُرهق العين، ولا يُحرق القلب.

لم يقترب ليسرقني من نفسي، بل اقترب ليكون لي ملاذًا.
كل ما فيه كان يُجذبني إليه كأنني أعرفه من قبل،
كأنني كنت أفتّش عنه في وجوه كثيرة ولم أجده إلا فيه.

معه عرفت أن الأمان ليس بابًا يُغلق،
بل قلبٌ يُفتح ويهمس لي:
"تعالي… تهاوي كما شئتِ، فأنا لكِ وطن."

معه لم أعد أُجيد التظاهر بالقوة،
كنت أضعف، أبسط، أكثر صدقًا.
كنت أنا… كما أنا.

كيف أشرح لكِ؟
هو لم يُشعل الضوء فقط،
هو أضاءني… ولم يُطفئني.

#مها_العباسي

01‏/08‏/2025

ربما نلتقي

حتى بعد أن يأخذ العمر ما شاء من الوقت،
ويُطفئ فينا حماس البدايات،
وتُصبح الحياة سلسلة من الأيام المتشابهة،
ستبقى أنت... تفصيلة لا تُشبه شيئًا،
قصة لم تكتمل لكنها بقيت الأجمل،
ذكراك تتسلل إلى روحي في لحظات الصمت،
في زحام الأيام، في مساءات الوحدة،
وكأنك لم ترحل أبدًا، وكأن شيئًا منك ما زال يسكنني.

كنت المستحيل الذي تمنيت لو اقترب،
وكنتُ البعيدة التي عبرت حدودها فقط لتراك،
لم أكن أطمح لامتلاكك،
لكنني تمنيت لو تبقى قربي قليلًا…
كظل لا يُغادر، كنبض لا يهدأ.

أتعلم؟
كلما سألوني عن أجمل ما عشته،
أذكرك دون أن أذكر اسمك،
أرويك كقصة خرافية، كوميض برق عبر حياتي…
أدهشني، أوجعني، لكنه جعلني أؤمن أن الحب لا يحتاج نهاية ليكون عظيمًا.

ربما نلتقي…
ربما تقودنا الحياة لبعضها ذات صدفة،
نلتفت، نبتسم، ولا نقول شيئًا،
لكننا نعلم جيدًا… أننا كُنّا يومًا شيئًا يستحق الذكرى.

وحتى إن لم يحدث اللقاء،
ستظل في قلبي علامة فارقة،
ستظل أنت… قصتي الجميلة التي لا تُنسى،
وإن كنت الغائب… فأنت الحاضر دائمًا بين نبضي وخيالي.

#مها_العباسي

"أنت أسطورتها… لا مجرد رجل"



أتدرك معنى أن تحبك امرأة تكتب؟
ستصبح فارسها وملهمها الأوحد، ستنظر إليك بعين مختلفة، ستبحث عن تفاصيلك التي لن يراها سواها، ستفتش عن ملامح روحك قبل أن ترى ملامح وجهك، ستشعل لك ألف قنديل يضيء لك الطريق، ستصبح نجمتك الهادية.
ستكتب لك وعنك، ستصبح جزءًا من حروفها لا يتجزأ، وستجد نفسك بين سطورها ملهمًا وفارسًا لا يرحل عن الكلمات.
يومًا ما ستدرك أنك كنت صاحب الكلمات وفارس السطور، ستدرك أنه حين أحبتك تلك المرأة، أحبتك حبًا مختلفًا ربما لم تستطع أن تفهمه أو تدركه، فهي لم تحبك كرجل عادي، فأنت لم تكن لها مجرد رجل يمضي في دروب الحياة، هي أحبتك كرجل الحلم وفارس الحكايات، أحبتك نورسًا لا يسكن أرضًا وليس له عنوان، فهي تدرك جيدًا أن النوارس لا تسكن الأقفاص، وتموت إن لم تستطع التحليق عاليا، حبها لك صعب أن تتفهمه ولكن حتمًا ستدرك يومًا معناه.
فهي كتبت لك أسطورة وكنت أنت بطلها الوحيد، رسمت لك عالمًا سحريًا وفتحت لك أبواب الأحلام، كانت لك دليلاً، وإن طال الطريق ستصل حتمًا إليها.
ستدرك أنها من أمسكت يدك حين أفلتها الجميع وآمنت بك حين لم تستطع أنت أن تؤمن بنفسك، كان يقينها أنت، وحقيقتها أنت.
تلك التي ستدرك أبواب روحك وتتسلل إليك ببساطة وتشاركك الأحلام والجنون والأمنيات والامسيات،ستحول امسياتك لاحلام، ستحتضن حلمك كطفل ليكبر ويعانق الشمس، وستصل بك ومعك إلى حيث تتمنى وتريد، وستظل فارسها حيث لم يعد هذا زمن الفرسان.
ستعتذر نيابة عنك لكل الفراشات التي أرادت أن تعبر عالمك ولم تمنحها الفرصة، ف
تركت أثرها على حدود عالمك ورحلت.
#مها_العباسي