26‏/11‏/2016

رجل الحلم البعيد


غريبة تلك الصباحات الوحيدة، ربما تكون ممتعه في البدايه، فنجان من القهوة وأشعه شمس تتسلل إليك وكثير من الألحان تمنحك الحياة، ولكن مع الوقت تشعر بشيء من البرودة.
افتقد رسائلك، كلماتك القصيرة، ابتسامتك الدافئة التي تمنحني يوم جديد، يحمل شيء منك.
لا زلت اطمئن لمجرد سماع صوتك، اشتاق لرسائلك، لجنونك وحنينك، افتقد تلك الألوان التي تلون بها أيامي، اشتاق لاهتمامك بتفاصيلي الصغيرة، لأوراقك البنفسجية اللون التي ترسلها لي لمجرد انك تعلم أنني أحبه حد الجنون.
أفتش في كل الرسائل عن اسمك ولكن تمر الأيام والأيام دون رسائلك، صباحاتى تفتقدك، أمسياتي كئيبة بدون وجودك، اشتاق لكل الطقوس التي كنا نمارسها معا، لم أعد أهتم بهاتفي، لم يعد هناك ما يهم، اعلم جيدا بأنك هناك في عالم بعيد يشغلك كثير من الأشياء، عالم أخر لم يعد لي مكان بين حدوده، هناك أنت بالقرب من وطن مجهول، تُرافق الكثير من البشر، تسير معهم وتحكى لهم وتشاركهم تفاصيلك.
أقضى أيامى هنا في محاولات مستميتة لإرغام نفسي على المضي قُدما في الحياة، أُسرع إلى أوراقي، أُحادثك، أشكو لك منك.
ستضحك وتضحك وتنتهي الحكاية بابتسامتك الساحرة، بارع أنت دائما في إنهاء غضبى، بارع في منح اللوحات ألوان البهجة، لازلت تطلب منى في كل لقاء أن أكون أكثر فرحا، تُطالبني أن أنسى أحزاني فالحزن لا يليق بمثلى كما تقول، أصدقك حينها وابتسم وافرح واشدوا بأحلى الحاني واحلق عاليا في سماء الفرح، وترحل ومعك كل شيء ولا يظل إلا أنا وبقايا رسائلك وكلماتك.
بالرغم من رغبتي في الكتابة لك إلا أنني دائما ما احتاج لكثير من الوقت حين أقرر الحديث عنك، أجدني دون أن اشعر أمارس كثير من الطقوس للاستعداد لحضورك، انعزل عن هذا العالم المزعج، أتفرغ لك ولكلماتك، بالرغم من أنى اعلم جيدا بأنها مجرد رسائل لمجهول لن تصل أبدا، إلا انه دائما ما يكون هناك هاجس بأنك حتما ستقرأ ما كتبت لك يوما.
حائرة هي كلماتي، ربما لأنني اجهل ما اشعر به اتجاهك، ترحل الكلمات سريعا كلما قررت أن اخبر سطوري عنك، ربما لأن الكلمات أصبحت عاجزة عن وصف تلك اللحظات التي جمعتنا معا، اعلم جيدا بأنك وحدك من يستطيع أن يفهم كلماتي، ألمي، وجعي، حزني، اشتياقي وحنيني، أشكوك لك وأحدثك عنك وأنت لا تعلم.
كثيرا ما كنت أثق بقدرتي على فهمك واستيعابك وقدرتي على فتح أبوابك المغلقة، ولكن لا اخفي عليك أمر، فأنا لم اعد أثق بذلك، ربما كنت لوقت ما أُجيد الاقتراب منك والتسلل إلى روحك، فأنت دائما ما كنت تختلف عن الجميع، كأنك قد أتيت من وطن بعيد من أرض أخرى وسماء مختلفة، أجدك أمامي تقف بشموخ وقوة وبساطه.
من الصعب الاقتراب منك بالرغم من أنك تفتح أبوابك للجميع، اخبرني الكثيرون عنك ولكن دائما ما كنت أراك بصورة تختلف تماما عن كل تلك الحكايات التي كان يرويها الجميع عنك، ربما لأني كنت أراك بعيون تختلف عنهم أو لأنني كنت أرى روحك بروحي، وإذا ما تحدثنا، أكتشف عقلك وتبهرني تلك الأفكار المنظمة وذاك النضوج الذي تتمتع به، يُدهشني حديثك المنمق ورشاقة كلماتك.
يمضى الوقت معك سريعا، انظر لك لساعات طويلة ولا اشعر بملل أو بوقت، ربما هي محاولات لأن افهم ما يدور بعقلك، محاولات طفله للتسلل لعالم سحري، تسمع عنه وتحاول الاقتراب منه ودخوله، كثيرا ما كنت اشعر بالحيرة أمام عيناك، دائما ما كانت هي السر والحكاية والعالم الخفي الذي اغرق بداخله.
اجلس مشدوهة أمام عيناك اغرق في تفاصيلها واستمع لحكاياتها التي لا تريد أنت أن تحكيها، تتلاحق أنفاسك وأحاول أنا اللحاق بك، تتناثر ذرات سجائرك، يتبعثر من حولنا الدخان الذي تنفثه في حيرة وسرعة، ربما كنت ادعى معرفتي للغة العيون، ولكن أنت لازال لك خصوصية تختلف عن كل ما سواك.
أضيع بين كل تفاصيلك، نظرات عينيك التي تختلف كثيرا عن ملامح وجهك، ولكني دائما ما كنت اقرأ عيناك جيدا حتى لو ما حاولت تكذيب إحساسي أو يقيني بك، ملامح وجهك لا زالت عالم مختلف ينفرد بكل تفاصيله لم يصل له احد من قبل، لم أرى أبدا تلك النظرة الحانية في عين أخرى، فدائما ما كانت عيونك حضن يتسع لي كلما جمعنا مكان، ابتسامتك الهادئة، الصاخبة، الدافئة.
لم أجد ملامح وجهك في كل الوجوه، وإن تشابهت معهم ملامحك فكيف لقلبك أن يُخلق مرتين، لن يحمل أي منهم قلبك وإن كان يحمل ملامحك.
كثيرا ما كنت أتساءل وأنا معك كيف تفكر، بم تشعر، ليتني أستطيع السفر لعقلك ومجالسة أفكارك، وحين أتنقل بين أيامك وأمسياتك أكتشف بأنني أعود لنقطة البداية في كل مرة اعتقد فيها بأنني اقتربت من النهاية.
من تكون ومن أكون أنا في عالمك؟
تُراك تعرفني وتعلم بوجودي من حولك، أم أن المسافات بيننا جعلتنا غريبان؟
ليتني أستطيع احتواء قلبك، ليتني أستطيع أن أضمك في ذات وجع، لا أريد سوى أن أكون بجوار قلبك، أُضمد وجعك وأحاول أن أمنحك ابتسامه وفرحه صغيرة، كل ما تمنيته أن اقترب من عالمك وأساعدك في ترتيبه، ولكن أبدا لن أكون إلى جوارك مجبرا، تمنيت أن تبحث عن حضني لترمى بداخله أوجاعك، تمنيت أن أستطيع منحك القوة.
أتعلم كيف يصبح كل ما تريده هو أن تستطيع منح البهجة لإنسان، أُغمض عيني في محاولات مستميتة لإرسال بعض الإشارات لك لعلك تستطيع التقاطها ذات مساء، أُخبرك بصمت أنني سأظل هنا حتى وإن طالت المسافات، سأخبرك بأنني بقربك ومعك، سأقف على أعتاب عالمك لتجدني، ربما لن اقترب منك ولكن سأظل هنا إلى جوارك، فأبدا لم تكن أنت رجلا عادى من السهل التنازل عن قربه والرحيل.
ربما لم يعد هناك جدوى للحديث، سأستسلم حتى وإن هزمني يقيني، سأذهب، سأمتثل لرغبتك، سأجاريك ليس أكثر، رغم اشتياقي لك وافتقادي وجودك، ارحل، أتدرك ذلك، أتدرك تلك الحيرة التي تركتها تنهشني بصمت.
اكتب فاكتشف أن كلماتي تنقصها ملامحك، تنقصها أنفاسك اللاهثة في انتظار مزيد من الكلمات، ضحكاتك التي تملئ قلبي فرحا، كل شيء غير مكتمل بغيابك.
أتدرك معنى أن اكتب لك وعنك، أتدرك معنى أن تجد طيفك بين الحروف باقيا إلى مالا نهاية، أتعلم كيف أننا لن نفترق أبدا فالكلمات دائما ما ستجمعنا، كلما كتبت تحضر روحك بين السطور، شيئا منك في كل كتاباتي، اعلم جيدا بأنك ستجده وان لم أرسله لك، ستعلم يوما بأنني ما كتبت إلا لك، فدائما سيكون طيفك حاضرا في مكان ما بين كلماتي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق