20‏/09‏/2011

وبعد الغياب



استثناء

اغمض عينى كل مساء على امل ذاك الصباح الذى سياتى ومعه وجهك يطل من خلف الغياب

معه صوتك يأتي عبر هاتفى ليخبرنى بانه هاقد جاء الصباح اخيرا

وكلما استيقظت فلا اجدك اغضب منك اتشاجر معك واعود لأقبل جبينك واهمس لك لا تقلق اقترب الموعد وسنلتقى حتما

فمن الغياب نولد من جديد ,نخرج من رحمه انقياء ,نزداد التصاقا

فالغياب يمنحنا حبلا سرى يصل مآبينا .

اعلم بانك قادم ومعك دهشه اللقاء الاول وفرحه العمر

ستاتى حامل تعب العمر وعبئ الرحيل والم السنوات التى كانت كحبات الرمل تسللت من بين اناملك

لن نحتاج لتلك الخرائط لنلتقى فى مدينتنا فنحن نسير لها بخطوات القدر لنصل لها عندما يأذن القدر

كل الاماكن تتسأل اين انت

كل التفاصيل التى تشتاقك ......تنتظرك وعندما يطول انتظارها ويزداد الم الحنين اهمس لها سياتى واصمت فانا على يقين بانك ستاتى

امقت تلك الساعات المعلقه على الحوائط فهى تخبرنى بان الوقت يمضى بدونك

اكرة تلك الروزنامات المتناثرة فى كل مكان فمع اوراقها يمضى العمر بدونك

سياتى مطر اخر بدونك ذاك المطر صديقنا الذى ينتظر ان ننضم له ذات مساء معا

ان تأتى لتطرق ذاك الباب الفاصل بين دنيا لتخطوا بخطواتك من خلاله لنكون معا فى نفس المكان

ستاتى بتلك الخطوات الحزينه الواثقه باننى هنا انتظرك

باننى سأستقبلك بتلك الابتسامه التى تمحوا كل الغياب

سأضمك بين ذراعى لتبكى الغياب وتبكى الرحيل وتمحوا اثر الحزن لتولد بدونه من جديد

ان الحزن يأتينا فيطهر تلك القلوب الصادقه ويتركها من جديد نقيه

كل تلك الاماكن تذكرنى بانك كان يجب ان تكون هاهنا

ذاك المقعد امامى يخبرنى بانه سيظل شاغرا الى ان تأتى وتجلس معى

تلك الكلمات ترتجف على السطور رافضه ان تحتضنها حتى تأتى وتراها عيناك

ستاتى اعلم جيدا بانك ستاتى فكيف لا تأتى وانا هاهنا انتظرك

كل الاوراق ينقصها كلماتك

كل الاماكن ينقصها وجودك

كل الاحاديث مبتورة بلا حروفك

كل الافراح بلا فرح ينقصها انت لتكتمل

اصبح الحزن لا تكفيه الدموع

والالم لا تصفه الحروف

والامنيات البسيطه تلامست والمستحيل

تشاركنا امسيات الامل والابتسام والفرح والدموع

تشاركنا الاحلام والآمال والامنيات

اغمضنا اعينا ذات مساء وتنقلنا بين الاماكن التى تنتظرنا داعبتنا رائحه القهوة الطازجه

ورائحه المطر

ورائحه البحر فى مساء سياتى

سنجلس معا سأنظر لوجهك واتأمل ملامحك وابتسم فانا اعرف جيدا تفاصيلها واسرارها

سيصبح ذات يوم الفراغ الساكن بيننا مدينه لا اسوار لها

سأخبرك بان صدرى اتسع لكل تفاصيلك الصغيرة التى كنت تبحث عن من يضمها معك ويراها كما تراها بعينيك

سأخبرك بانى كنت ادعو الله فى صلواتى ان يحاوطك براعيته

سأخبرك بانى كثيرا ما رحلت بين اللماذا والمتى حتى اننى مللت السؤال

سأخبرك بانى للحظات اخذنى حزنى منى ورحلت عن الجميع تاركه كل شيء خلفى لاسكن لحزنى

ولكنك اخذتنى من يدى واعدتنى مرة اخرى للحياه ووعدتنى بان الحزن سينتهى بانك ستاتى

مؤلم هذا الغياب يا صديقي موجع حتى الألم

مؤلم وكانه الوحدة ونصال الغربه انه كالموت للروح وبقاء الجسد يصارع الم الموت

سيمحو صوتك كل الغياب

كل الرحيل

ليس هناك من يمكنه أن يفهم حزنك مثلي، ليس لأن لنا ذات الحزن ولكن لأنى الاقرب لحزنك

أعرف جيدا ذاك الحزن الذي يتحول لنصل بارد تغرسه الايام فى قلبنا واعرف ايضا بانك لن تجعله ابدا يهزمك

ليتنى استطيع ان امسح على جبينك ايها الغالى

ستكون بخير من اجلى

لا أشعر بالخوف عليك منك ...فانا اثق دائما بك

فمن له قلبك رغم الالم وتلك الخيبات التى تأتيه والانهزامات سيظل قلبه نقيا لن تلوثه الايام لن تهزمه الحياه سيظل واقفا كما هو صلب

نحن التقينا على هذه الأرض لأنه كان يجب أن نلتقي وليس مجرد صدفه جمعتنا فى درب ما

أنت تعرف أنك صديقي الأجمل منذ ان التقينا

والذى سيظل الى الابد متى التقينا هو السؤال الحائر بيننا فلربما نكون ولدنا معا من رحم الحياه فى ذات الوقت فمازلنا لا نعلم الى الان من منا سبق الاخر للحياه

أنت الصديق الاستثنائى البعيد القريب الغائب الحاضر

الاتى من بعيد ....

26‏/08‏/2011

هواجس الكلمات




بطريقه مامختلفه انتمى لتلك الحروف المتسلله من بين السطور لتخبرنى شيء ما ,انها تلك الرغبه الملحه فى كتابه شيء ,ربما لم تكن لتحدد ماذا تريد ان تكتب فتركت قلمك يخط ما يشاء
ام هو اغراء السطر الاول فى الصفحه الاولى من دفتر ما, وجدته يدعوك لتأخذه وتمضى تارك اياه فى احد ادراجك الى ان تتذكره فيدعوك لتهمس له وحده من كلماتك ,احيانا تكون الكتابه قرار
وفى كثير من الاحوال هى رغبه ملحه فى ترك شيء منك على بعض الاوراق لعلها فى يوم من الايام تصل
كتلك الرسائل التى نلقيها للبحر فى زجاجات ونحن على يقين بانها ستصل يوما ما ,لمن نريد ان تصل له ولكنها لا تصل ابدا ويبقى اليقين نرتوى منه عندما يصيبنا ظمأ الحياه
كانت كلمات قليله هى التى كتبتها فى منتصف الصفحه وعندما اعدت النظر لها وجدتها تحمل من ملامحك القليل
اربكنى حضوره المفاجئ
نعم اربكنى حضورك الصاخب ,الصامت, ذاك الحضور الطاغى المتناقض ……حضور يتأرجح بين كل المتناقضات…. رافض ان يكون حضور عادى رافضا تلك الكلمه التى تصنفه كشيء قد يعبر حياتك ويمضى
يعبرها بلا اثر واضح او وجود مميز مجرد شيء عادى
ولكنك ابدا ماكنت عادى
دائما ماكنت مميز فى هدوء حديثك وصخب صمتك
ربما كنت دائما على يقين بان بعض الاشياء تحدث لأنها يجب ان تحدث فقط ,ولكن معك اصبحت مؤمنه بان هناك دائما سلسله من تلك الاحداث التى يرتبها القدر فى تسلسل قدرى, ليتغير كل شيء من بعدها ويصبح ما قبلها مجرد سطور فى مكان ما من الذاكرة
انه رجل مختلف يمنح كل ما حوله سمة الاختلاف والتميز ,لعينيه نظرة مختلفه, تمتزج بكثير من صمته حتى انك لا تستطيع ان تتحرر منها ببساطه
يتحدث معك فتصبح اسير ذاك الصوت وتنتقل بين الحروف مأخوذ ببساطتها وبذاك العمق الذى يسكنها
وهى أمرأه مختلفه تحب الابحار بين الحروف والكلمات لتصل لمعانيها المختفيه التى يتركها صاحبها لمن يفهمها فقط
كلاهما سطر كتبه القدر فى صفحة كل منهما ولم يكمله ولم يضع نقطة النهايه تركه لهما ليكملا معا
وفى تلك اللحظه اكتشفت تورطى معك و بان القدر تركنى هاهنا على اول الطريق ورحل عنا تاركنا نكمل الخطوات فى تأرجح مستمر بين رغبتنا فى الوصول لمكان ما وبين تلك الرغبه فى السكون دون انتظار لمزيد من مفاجآت الحياه
فكلانا كان يرى من بعيد الاخر بدايه لأشياء كثيرة ستاتى متتاليه لتحول حياته لمسرح كبير…… مختلف… لمسرحيه من فصول كثيرة هو بطلها الاوحد
ربما هى المرة الاولى الذى اشعر بالانتماء لشخص ما, انتماء مختلف انتماء يشعرك عندما تضع اناملك بين كفه بان جذورك امتدت لترتوى من روحه, وبان شرايينك اتصلت معه وتبادلتما التنفس من خلالها
انه انت …….لا اعلم ان كنت ايضا شعرت بذلك ام لا, ولكنى اذكر اناملى وهى بين كفك فقد تركتها ترتاح فى يدك واجلستنى امامك فى صمت
انها تلك النظرة الاولى التى تمنحك الشعور بكل شيء او اللاشئ
فنظرة واحده كفيله لوضع نقطه نهايه مع الكثير من الخيبات او ترك كل الصفحات بلا نهايه
انها تلك الدهشه التى انتابتنى مع اولى كلماتك, دهشه اربكتنى الى حد ما ,فقد كانت تلك هى المرة الاولى التى نلتقى ولكن اندفاعك فى الحديث كان يكمل حديث ما كان بيننا ,حتى اننى حاولت ان اتذكر بدايته فابتسمت دون ان اشعر فقد كان ذالك هو الحديث الاول
ربما من الصعب ان يقتحمك اخر فى لقاء اول ويغزوك بكل بساطه
وتدخل واياه الى اماكن جديده وتعاود من خلاله اكتشافها بداخلك وتنظر لعينيه وكأنك ترى ملامحك للمرة الاولى فهناك شيء مختلف بريق اخر يسكنهما
التقينا دون ان ندرى,ومضينا معا دون ان نختار انها تلك المعادله التى تضعك فى حيرة ما بين طرفيها ,انها تلك المسافه التى تفصلنا ما بين ما نريد وما نختار فليس دائما ما نريده هو مانختارة,
فنقف لبعض الوقت فى تلك المسافه الفاصله بين كليهما لعلنا نستطيع الاقتراب منهما معا ,او تركهما معا بلا ادنى ندم على احدهم ولكن غالبا ما يتوجب علينا الاختيار فنقع فى تلك الحيرة التى تتركنا فريسه الندم على شيء ما اضعنها لبقية العمر
انه اختيار ……..ينزع عنا لقب غرباء ليمنحنا لقب اخر
واحيانا كثيرة يكون لقب "غريب" هو الاقرب الينا ,فنحن ننتمى لبعض الغرباء ونتجاوز معهم الكثير من تلك الحتميات والالزاميات ترانا نكون معهم اوضح واكثر بساطه
فهم ليسوا بغرباء بل هناك ما يجذبنا لهم ويمنحهم كل المفاتيح شيء لا نعلمه ولا نستطيع الجزم باننا نثق بهم كامل الثقه فى ذاك اللقاء الاول فهم لنا مجرد غرباء, الا اننا ننقاد خلف شيء ما مجهول يدعونا لترك متاعنا معهم بلا خوف
فحقائب الغرباء فى كثير من الاحيان اكثر امانا من خزائن الاخرين
كل محاولاتى لتجاوز تلك اللحظه هى محاولات فاشله فمازلت اجهل هل امتدت للحظات قليله ام انها استمرت معى وما انتهت الى الان
انها اللحظه التى تسكن الحلم ,فمن الممكن ان يختصر الحلم سنوات وسنوات فى لحظه واحده فنحن فى احلامنا نفقد الزمن ونطوى المسافات ونتجاوز حواجز الاماكن
انها لحظه نختطفها من الزمن عندما نلتقى ذاك الغريب فى مطار ما ونحن على يقين باننا لن نلتقى يوما ولكن تولد بيننا تلك اللحظه الجنونيه التى تختصر كل المسافات فى لحظات قليله ربما نمضيها معا فى احتساء فنجان قهوة وانتظار تلك الطائرة التى تنقل كل منا الى طرف اخر من طرفى الكرة الارضيه
محاوله لرسم ملامح اخرى صادقه عنا فى لحظات هى الاصدق فكم نكون صادقين مع الغرباء فى لحظات لقاء تولد بلا وعد
انها مجرد مسافه ما يضعها القدر لتفصل بيننا
كم من غريب التقيناه وبكلماته اعدنا رسم ملامحنا من جديد وكلما تذكرناه ايقنا بانه كان لقاء قدرى لنصبح مانحن الان
تراك كنت انت ذاك الغريب الذى صادفته ذات مساء هاهنا ورحل بلا موعد تاركا خلفه ذاك العطر الذى يفوح فى المكان مختلط برائحه تبغ مميزة
والكثير من الفوضى التى تركتنى توسطها فى شعور مختلف اشبه بالميلاد من جديد
قليله هى تلك التفاصيل التى تأتى فتختلف معها كل حياتنا
نختلف نحن عما كنا, فهى اشبه بلحظه اعاده لتكويننا , نعم فمعك اعدت تكوينى من جديد فانت ذاك الرجل الذى بحضوره يختفى الجميع, فحضوره كافى ليمحوا كل ما قبله ولا يترك مكان لان يأتي احد من بعده ترانى اصبحت مجنونه بحضورك ام اننى اصبحت لا اجدنى الا هاهنا معك ,انه انت من زين سطورى وولد هاهنا بين دفتى دفترى البنفسجى تاركا ما بين السطور انفاسه
سترحل .......ام انه قد وجب ان ارحل انا عنك تاركه قلمى هاهنا بعد ان يكتب على اولى الصفحات
ذاك الغريب

22‏/08‏/2011

والتقيا حتي الاختلاف


كتبتها فى 17\12\2009
ولكن وجدتها الان بمعانى اخرى فهاهى هنا من جديد
لم يلتقيا..... لم يفترقا......لم يختلفا او يتفقا فهى تلك المنطقه الوسط بين الاشياء ,مساحه تتلاشي ملامحها بين كل الملاح,تختفى حدودها او تمتزج بكل الحدود المحيطه بطرافها,لا تستطيع ان تصفها...... لا تستطيع ان تراها..
لون رمادي تضيع معه كل الالوان,يميل للأبيض في بعض الاوقات وللأسود في وقات اخرى ,وعندما يشتاق للألوان
يتحول للون ازرق بارد مفتقد لكل الالوان تنظر له فترتجف وتنتظر بزوغ شعاع ما من طرف اللوحه ليدفئك,ما يجمعهما هو ما يفرقهما,يلتقيان ليلقي كل منهما الكلمات للأخر,فلا يسمعها,ويبتسمان ويرحل كل منهم عن الاخر في نفس الطريق,
فهم معا راحلان دون ان يلتقيان مختلفان باتفاق ,ومتفقان باختلاف,لكل منهم حياته فى ذات الحياه,تشتاق الصخب,يفتش عن الهدوء,وعندما تبحث عن الهدوء .....ترتفع عنده الاصوات,تتحدث بعينيها فهى لغتها الاوضح فلا يراها,تشتاق السكون فلا يفهمه
يفترقا ملتقيان ,ويلتقيا مفترقين,ما بينهما مساحه مختلفه ,تواجد مختلف يحمل شيء من كل شيء ولا يحمل شيء من اى شيء,تستشعر العدم فتزداد تمرد......تزداد ثوره...تزداد سكون....تزداد احتواء لذاتها
تخشي ضعفها فتتمادي في قوتها....تخشي انكسارها
فيزداد تصلبها.....تخشي حزنها,فتزداد رحيلا ,لعلها تستطيع الخروج من منطقه العدم انها منطقتها الفارغه بلا معنى رغم كل المعانى ,بلا صوت رغم كل الضجيج تنزع كل اقنعتها
ففى بعض الاحيان يحتاج الانسان ليلقى كل الاقنعه وينزع كل مظاهر القوة ,ويفتش عن حضن أمن يرتمى ما بين ذراعيه ,ويلقى بكل همومه مهما كانت تافهه بين يدى انسان......ليستريح ويعاود من جديد ممارسه اصطناع القوة
انها تلك المساحه فى حياتك التى كلما حاولت ان تتجاوزها
تعود لها سريعا.....انها تلك اللحظه التي يتوجب فيها لملمت الاشياء والرحيل فلم يعد هناك مكان لك هاهنا فقد اصبح يقينا باننا مختلفان

21‏/08‏/2011

شتاء اخر


كانت تشتهى الشتاء, ولياليه الباردة ,وارتعاشه يديها بين يديه تحت المطر ورائحة البن الممتزجة برائحة الشتاء إنها كل تلك التفاصيل التي تعلن احتلالها لكيانك دون أن تستأذن أو حتى تنتظر منك السماح إنها تستوطنك ,وتتوارى ربما بعيد عن الأعين ولكنها تقفز أمام عينيك في كل شتاء, تذكرك بأنها هاهنا ,وبأنها ما رحلت أبدا عنك ,

ففي كل شتاء عندما يأخذها إليه الحنين وتناديها تلك القطرات ,تأخذ شيء من ذكرياتها معه وترحل لهناك حيث كانت تجلس معه, تنظر له

من خلف دخان ينفسه بهدوء, تجلس في نفس المكان تتأمل تلك الوجوه تشتاق عيونه, تحمل تلك الضحكة المتوارية خلف الدخان, تأتيها رائحة البن....... فتبتسم

تنتظر في صمت حضوره المليء بالضجة ليسارع بطلب فنجان القهوة ,ويجلس ليملئ المكان من حولها بصخب, هي تحبه يشعل سيجارته ويطيل النظر لها من خلف دخانه فتبتسم

فهي تعلم متى تصبح لحظته تلك حميمة فهو غالبا ما يدخن كثيرا ولكن بعض الأوقات تصبح لها ملامح خاصة هي وحدها تستطيع التقاط شفرتها فتلتزم الصمت أمامه, حتى يبدأ هو بالكلام فتبتسم

لكل منهم طقوسه الخاصة التي يستوعبها الأخر ربما لا تكون مفهومه, ولكنها ما بينهما لها مذاق مختلف والكثير من المعاني التي تحتويها ما بين لحظاتهما الخاصة

مازالت ممتنة لفنجان القهوة الأول الذي جمعهما فقد كان هو الرسالة الأولى والكلمة الأولى تتذكر مذاقه في فمها كأنها تناولته ألان, فله مذاق مختلف عن كل تلك الفناجين التي تناولتها في حياتها, فهو ممتزج برائحة تبغه وبتلك الحروف التي قالها كل منهما في لقاء أول,هو اللقاء الممتد من ماضيهما البعيد لحاضرهما الاتى

أفاقت من شرودها وهى تتأمل كرسيه الفارغ لم يتبقى منه سوى فنجان قهوة وحيد ينتظره ,وكرسي لا يجلس هو عليه, وعلبه تبغ فارغة تحتفظ ببقاياها في حقيبتها, يبكى قلبها, تلمع عيونها, تلملم أشيائه وترحل من المكان, تغادر فراغ لفراغ أخر .

وعند كل شتاء كان يأخذ علبه دخانه, وكتاب يحمل خطوط متناثرة على صفحاته خطتها بقلمها ذات يوم, كتاب يحمل بصمات الزمن وبقايا عطرها تحتفظ بشذاه الأوراق, ويتجول بين الطرقات.... يسير في طريق مختلف لا يعرفه, تائه بين معالم الدروب, باحثا عن بقايا ليله مضت كانت بينهم, يرهقه المشي تحت المطر..... يرهقه الماضي المتساقط مع قطرات المطر, فيبحث عن مكان يأويه ويضم جسده المنهك , فيذهب هناك يلقى جسده على الكرسي.... ينظر في صمت لكرسيها الفارغ ,يشتاقها ,يشتاق ضحكاتها تتناثر من حوله ,يشتاق عيونها تحاوطه في حنان وتضمه في هدوء ,يسمع تلك الهمسات ,إنها تأتى من مكان ما من حوله يتلفت كمجنون في كل اتجاه يحاول أن يبحث عنها ولكنه لا يجدها ينظر لكرسيها, تعانقه ضحكتها ,يرحل بين نظرات عيونها ,يتمناها في صمت حزين, ينتظرها في رجاء ,يشتاقها,يفتقدها, ويأخذه الحنين, تأخذه رائحة القهوة إليها, يتذكر عشقها للشتاء... هوسها بالمطر .......طفولتها التي تناديه فيحتضنها فتنظر له في امتنان

فهي بين ذراعيه مجرد طفله تحتمي بوجوده من قطرات المطر ينظر لتلك اللمعة في عينيها إنها فرحتها بتلك القطرات وهى تعانقها وتمد كفها الصغير ليلتقط المطر بين أناملها ’يفتقدها بكل تفاصيلها الدقيقة ’بكل جنونها وطفولتها بكل صفاء ضحكتها

كم يفتقدهاكم تفتقده