06‏/01‏/2018

ضجيج الصمت

لكل منا تلك اللحظات التي يهرب من العالم لها، إنها لحظاتك الخاصة التي تتسلل إليها تاركا من خلفك كل ما تهرب منه، ربما هي أغنيه، يوما ما كنت تغنيها مع من تحب أو لمن تحب.
مقهى، بين جدرانه كانت الحكايات، والبوح، والصمت الذي يحمل معه كثير من الكلمات، إنها مجرد لحظه يتوقف عندها الزمن ويحتويها ويتركها كما هي بكل جمالها لتعود لها حين تؤلمك الحياة.
ترحل الأيام وتمضى بك السنوات سريعا، وتظل تلك اللحظات هي ملاذك الآمن، تطمئنك بأنه كان هناك يوما ما حياه.
تترك صخب العالم وتعود لمن يحتضن صمتك وضعفك، فلم يعد بوسع العالم أن يحتويك بكل ما عانيت في رحلتك الطويلة.
وحدك من يدرك ماذا خسرت، وماذا ربحت ، وحدك من يدرك انكسارات روحك، وهزائمها، سأترك كل ذلك وسأختبئ في لحظه هاربة من ماضي بعيد، سأقتنص تلك الضحكة، وتلك الحكاية، وتلك الأمنية واسكن إليها.
سأذهب إلى مقهى بعيد لا يعلم احد عنه شيء، ولكن تعلم جدرانه عنا كل شيء، سأرسم نوافذه وأسواره، سأترك رسالة في احد شقوق جدرانه لعلك يوما تجدها إذا ما أخذك الشوق لذكريات جمعتنا يوما ما.
ليتنا نستطيع أن نوقف الزمن عند البدايات، ولا نتركها ونمضى بعيدا في طريق طويل لم نعلم يومها إلى أين سيأخذنا، ليتنا استسلمنا لتلك اللحظة، واختبأنا هناك حيث لا يمكن لأحد أن يعثر علينا.
يتناسب صمودك مع قدرتك على السلوان والمضي قدما بلا ذكريات وبلا ذاكرة، لم أكن أدرك بأن من الصعب نسيان ما تحمله روحك، ربما هي معجزة ليس من السهل الحصول عليها، ربما لا تعود تلك الأيام أو الأشخاص، ولكن يظل ماضيك يحاصرك، حتى وإن توارى عنك لبعض الوقت إلا انه سرعان ما يقفز أمامك، ليخبرك بأنك أبدا لن ترحل عنه، وليس منه هروب.

05‏/01‏/2018

احلام الغريب


انه الغريب الذي لا يحمل اسما معروف ولا لقب، مجرد غريب عابر للطريق. 
أهذا ما جعلني التفت له؟
لا احد يعرف عنه شيء، هالة من الغموض تحاوطه، عالمة ملئ بالأسرار، مجرد مجهول، يحضر متى يشاء، ويغادر إلى حيث لا يعلم احد، تحاوطه ذكرياته وينغمس في أحلامه ويحاول أن يجتاز حاضر مرتبك لا ينتمي له، ولكن يجب عليه أن يجتازه ليصل، تحمل عيناه كثير من الحيرة والأسئلة والأمنيات واليقين. 
تنظر له فتغرق معه في عالمه، دون أن تعبر الحدود الفاصلة ما بين عالم يحمل خصوصيته وعالم متاح للجميع، لا تدرك هل هو من اختار ذالك العالم الغامض أم انه كان يمضى لطريق ما فاختطفه المجهول وما استطاع منه فرار.
نظرته الحائرة والثابتة في ذات الوقت تدفعك للمكوث طويلا معه لعلك تكتشف خبايا تلك الروح الهائمة وحيدة في ملكوت بعيد، هدوءه ثورة وثورته أحلام، وأمنياته مزيج من الخيال والحقيقة، هناك دائما خط وهمي يصل ما بيننا بشكل ما. 
نتباعد ونتنافر ويهرب كل منا إلى عالمه، لنعود فنلتقي في مكان ما دون أن نحاول اللقاء، انه ذاك الثائر...الغاضب، الحالم......المتمرد على الثوابت والقواعد، يخلق من العدم عالم خاص، يحمل بين طياته كل الأمنيات والأحلام، فهو لا يؤمن بتلك القوالب التي تفرضها عليه قوانين الحياة، لا يهتم للزمن أو الحدود أو المكان، ينتقل من مكان لأخر ببساطه وسهوله، فيكفى أن يغمض عينيه ليرحل ويغادر ويتجول في كل مكان، ويعود منهك من رحلته لينام في هدوء أو صخب، بداخلة كثير من الضوضاء، تقبع كل الحقائق والخيالات بين جنبات روحه. 
يحمل ما بين ضفتي عمرة كثير من المعاناة والعشق والتصوف والثورة والسكون، بداخلة كثير من اللهفة والشغف لمعرفة كل شيء، والبحث عن كل شيء ولا يستطيع السكون أبدا، يرسل روحه على جناح طائر محلق في السماء البعيدة، ولا يهتم متى تعود أو كيف ستعود، كل ما يهتم له بأنه سينطلق حرا ...محلقا عاليا. 
يسكن عيناه تمرد على كل القوانين، معه كل شيء ينقصه شيء، وكل شيء يكتمل حين تلمسه أنامله، ذاك الغضب الساكن عيناه لا تعلم هل حقا هو غضب، أم أسئلة لا زالت تفتش عن إجابات. 
هل أنت مزيج من الخير والشر، ولمن الغلبة في تلك المعركة الأزلية
إلى أي جانب ستنحاز روحك ؟
ماذا ستختار؟
أم انك ستترك الأقدار تختار لك تلك المرة
 إلى أين ستسكن وتميل؟ 
بماذا تبوح تلك النظرة الشاردة من عيناك؟ 
هل حقا استطعت أن اعبر كل تلك الأسوار لأصل لحقيقة روحك وأتيقن بأنك ستصل لطريقك الذي تريد بهدوء ودون ضوضاء؟
لا أحب تلك الأحكام المطلقة أو تلك الرؤيا الثابتة للأشخاص، ليس لأنك عابر سبيل يحمل كل الغموض، وكثير من الأسئلة وقليل من الأجوبة، يتوجب علينا الحكم عليك، ليس من الضروري أن تنحاز لجانب الخير لتصبح مثالي، ولن يعيبك أبدا أن تحمل قدرا من الشر، ولكن ماذا سأرى في عينيك هو ما يهمني.
من أنت أيها الرجل الساكن عالم من الأحلام؟
هذا هو سؤال الأهم من أنت؟
هل أنت ذاك الغامض الذي يتحرر من كل غموضه معي، أم انه قناع أخر ترتديه لتكون بشكل ما اقرب إلى عالم جديد تحاول أن تصل إليه؟ 
لا أحب تلك الإطارات التي نغلف بها علاقتنا، فلازال هناك مزيد من البراح الذي يسمح لنا بالانطلاق بحرية، بلا قيود أو إطارات تحدد لنا كيف نكون. 
لا أريد معك أن اسأل كيف سنكون أو من نكون، لا ابحث عن تلك الصور المنمقة التي يجمعها عنوان براق، ابحث معك عن عالم أخر مختلف ليس له قيود أو حدود، عالم فوضى ...مختل، يحمل كل الجنون والعقل، الغضب والصمت، الهدوء والثورة، عالم يحمل كل شيء ولا يفهمه سوانا. 
حيث لا علامات تشير لأي طريق، لا نهاية حيث أن تلك الدائرة نهايتها بداية أخرى، حلقة قدرية محكمة، تكون العودة فيها رحيل، والرحيل اكتشاف، والدرب يقود لعودة، إنها الحياة في قانونها الدائري، لا يدرك احد أين بدايتها أو أين نهايتها، إنها كل نقاطها بداية ونهاية، موت وميلاد، بداية لشيء ما ونهاية لشيء ما.

21‏/12‏/2017

رسائل الي غريب.....12


لا شيء يجبرك على البقاء.
مجرد جملة بسيطة ياسيدتى تركتيها فى ختام خطابك ولم تدركى بانها هى كل الحكاية 
الم تتسائلى ياسيدتى مالذى يدعونى للبقاء 
ربما لم تُحاولى امعان النظر لما خلف الحكاية 
هل تسمحى لى ان اروي الحكاية من بدايتها 
لم يكن اقترابى اختيار او قرار 
ربما هو اكتشاف لعالم اخر كنت اشاهدة من خلف الواح زجاجيه عالية ولم اتصور يوما ان اعبرها لاصبح من سكان تلك المدينة 
ربما دهشتى لوجود تلك التى استطاعت ان تعبر بهدوء اسوارى وتصل لروح مهجورة تركتها هناك بعيدا عن كل العيون 
ربما اكتشافك للانسان بداخلى منحنى القدرة على التماس الونس بجوارك 
لم اتحملك ولم تتحملينى 
فقد انصهر كل منا فى الاخر فلم نستطع الانفصال والابتعاد حتى وان كنا لا ندرك لماذا
لم اراكى يوما منهارة ياسيدتى حتى فى تلك اللحظات البالغة القسوة 
دائما ماكنت اشاهد وميض عيناكى بكبرياء وقوة خلف تلك الغلالة الشفافة من الدموع
تفهمى حزنى الذى لا افهم لماذا يسكننى 
تفهمى ذاك الكائن المجنون الساكن بداخلى 
لا تحاولى ان تجعلى من حكايتنا حكاية مثل تلك السطور التى تتناثر هنا وهناك دعينا نمضى مع القدر وللقدر فدائما هناك كلمة اخيرة يكتبها القدر فى كل الحكايات

04‏/12‏/2017

رسائلها اليه....15

كثيرا ما تشعر بالغضب حين تقرر أن تكتب لك
تثور وتعترض وتقرر بأنه يجب التخلص من تلك الرسائل ...فلن تكتب
ستصبح كلماتها حرة.... تحلق في كل مكان دون أن تكون له
ولكن سرعان ما تشعر بأنك أنت مفتاح الكلمات وبأنها ترفض الخروج ما لم تكن أنت صاحبها
ربما كانت رسائلها لك هي تلك الحيلة الصغيرة التي تحتال بها على الكلمات لتعاود فرد أجنحتها والتحليق من جديد
كثيرة هي تلك المشاعر التي تجرفها معها إلى تلك الدوامة التي لا تستطيع منها خروج
لا تملك إلا الهروب لأقصى زاوية مُظلمة تختبئ وحدها حيث لا احد
كثير من الحيرة والأسئلة .....
فكيف لها أن تحتمل كل هذا الخوف والحزن والحيرة وحدها
لم تكن يوما تريد الاستسلام للموت ،أبدا ما كانت تريد أن تصبح أسيرة تلك الحياة التي لا تُريدها ولا تستطيع أن تحيياها
تدور في فراغ المكان حائرة....... وحيدة..... شاردة
تنظر حولها بتلك النظرات الزجاجية التي ما عادت تحمل معنى
تنظر في صمت ...... تسير في ترقب
كل ما حولها لا يروق لها
لا تنتمي له ولا ينتمي لها
تلك الأريكة لا تحتضنها ... هي دائما ما تلفظها بعيدا عنها ..... ترفضها وترفض أن تستكين عليها
هل حقا يشعر الجماد بمشاعرنا نحوة فيبادلنا تلك المشاعر
هي لم تعد تشعر بانتمائها لتلك الجدران
تشعر بالغربة عنها
هي غريبة عن المكان
غريبة عن الصور
غريبة عن تلك الجدران
لم تعد تعكس المرايا وجهها
لم تعد ترى ملامحها على سطحها المصقول
هل تهرب منها ملامحها أم أنها لم تعد تعرفها فغضبت منها المرايا
لم تعد تأبه بشيء
لم يعد يُهمها ملامحها
لم تعد تهتم لخصلات شعرها وكيف تبدوا
هي لم تعد تريدها
تحتويها الجدران فيصبح لعمرها سنوات وسنوات لا تعرفها
سنوات تبحث فيها عنها فلا تجدها
حين تخرج من جدران لا تعرفها ....تنفض عن كاهلها كل تلك السنوات وتعود تلك الطفلة التي ترقص على أنغام تأسرها
كم تمنت أن تمضى عمرها بشكل مختلف
هي التي تعشق الحياة وتمنت أن تحييا مع من يستطيع أن يعزف معها لحن الحياة
كانت تعلم بأنها تستطيع أن تمنح الحياة لكل من يقترب منها
ولكنها لم تستطع أبدا أن تمنحها لحياتها

رسائل لرجل فوضوى


إلى رجل اعرفه جيدا و لا اعرفه، لم نلتقي رغم اللقاء، ولكننا دائما على وعد بلقاء، لا يأتي أبدا ولا يرحل، يظل هنا ما بين الحضور والغياب، ما بين السكون والضجيج.
انك رجل الحيرة، تأتي حين اغفوا إلى فراشي، تحتضنني في صمت وتحكى لي تلك الحكايات المسائية، تدندن معي بعض الألحان التي أحببتها
انظر لك، لعلني أستطيع أن احتفظ بملامحك قليلا، ولكن أبدا لا أرى سوى عيناك.
يمضى المساء ويأتي صباح بعيد، أتجول بين كل الوجوه باحثه عن عيناك،
انظر لكل الرجال باحثه عن رجل المساء الغامض، ولكنه ليس من رجال مدينتي، لم يكن يوما منهم، ولن يكون، فهو مختلف عنهم... انه رجل الحلم، رجل تأتى به الكلمات ويسافر معي بين السطور، انه رجل يختلف عن كل الرجال، بكلماته القليلة يمنح الحياة سحر، هو كالكلمات السحرية التي تصنع تعويذة من الفرح، كلمات يجب أن تخفيها عن العيون.
كانت تكتب عنه وتكتب له، ترسم ملامحه بالكلمات وتخفيها بعيدا، فهي على يقين بأن دائما ما تفقد الكلمات روعتها حين نلقيها على الأوراق
حيث لا نود الاعتراف ببنوتها، ولا نستطيع أن ننكرها، هي تلك الحروف التي يوما ما تزاحمت على أبواب عقولنا وما تركتنا حتى أخرجناها إلى الحياة.
الكتابة كالميلاد لا تعلم متى يتم ولا تعلم ما الذي سيحدث بعده، هي لحظه تسافر فيها ومعها عبر تلك الأرواح المُحلقة في فضاء واسع، لا بداية له ولا نهاية
كنت أفتش عنك في كلماتي وأفتش معك عن كلماتي، فها نحن نلتقي من جديد في رحاب الحروف ونمتزج معها التفتت له وقالت:
ترانا نستطيع أن نعود من جديد، أم أننا انتهينا وتوجب علينا أن نضع نقطة النهاية ونرحل في سلام.
التزم الصمت طويلا ثم قال وهو ينفث الدخان، ربما لأنك من استطعتِ أن تكتشفي الطفل المختبئ في أعماقي واستطعتِ بكل هدوء احتواء جنونه واحتضانه، لم اعد أستطيع الخروج من ذاك الحلم الذي نسجته لي بكل ملائكيه وبساطه.
قالت له :أتدرك بأن الأمومة ليست مجرد مشاعر تتدفق عند رؤية الأطفال فقط، إنها تلك المشاعر التي تجعلنا نعاود اكتشاف الطفل بداخل من نحب، فبداخل كل منا طفل همجي، مجنون، يختبئ في غرفه بعيده، يجلس وحيد ولا يخرج إلا حين يطمئن ويجد من يطمئنه.
وأنا مازلت حائرة ما بين تلك الأمومة التي تملئ كياني اتجاهك، وتلك الأبوة التي انتمى لك بها، ففي رحاب عينيك اختصار للحياة.
كثيرا ما تساءلت كيف لرجل مثلك أن يرحل وحيدا بين المدن؟
كيف تسافر بعيدا ولا تعود؟
ربما هو الخوف الذي يدفعنا للابتعاد والهروب، انه كالسؤال الذي تعلم جيدا إجابته، ولكن تشعر بالخوف من أن تسأله، ربما لأنك تعلم بأن الإجابة هي الامتحان الأكبر الذي ستخوضه، فتلك الإجابة البسيطة ستتحول لاختيار ما بين كل شيء أو لا شيء، وعليك أن تختار.
هل نحن نهرب من الاختيارات التي تفرضها علينا الحياة؟
أنخشى أن نختار فنخسر، أم أننا لا نحب المغامرات عموما ونفضل أن نظل في تلك الدروب التي نعلم جيدا معالمها؟
نظر لها في حيرة وقال:
ربما نحن لا نحب أن نكون في حيرة ونبتعد عنها قدر المستطاع، أتعلمين بأن الاختيار ليس حرية بل هو سجن بلا قضبان، فوحدك من يتحمل نتيجة الاختيار أو عدمه، فربما تندم انك لم تحسن الاختيار، وتندم انك تركت الاختيار واستسلمت للحياة.
ابتسمت وقالت:
هل أعفيك من الحيرة وأخبرك بأنني أدرك جيدا مشاعرك، اعلم بأنه لم يحبني رجل كما أحببتني، لازلت أرى ذلك في عينيك وابتسامتك وصوتك حين نترك لأرواحنا العنان لتنطلق معا.
ابتسم فابتسمت وقالت:
الم يخبروك أن الأنثى لا تجهل أبدا قلب رجل ينبض بحبها، حتى وإن لم يخبرها بذلك.